الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما الجانب التعليمي من حياة المسجد فلا يزال من أبرز مقوماته بعد الصلاة، على الرغم من كل العوائق التي اعترضت طريق الإسلام، وبخاصة في أيامنا هذه. وقلما ترى مسجدا في قرية أو مدينة لا يقوم فيه مدرس أو مدرسون، أو مقرئون يعلمون صغار المسلمين كتاب الله حتى الساعة.
إنها بقية من ماض مجيد، كان المسجد فيه يتخذ صفة الجامعة الشعبية مفتحة الأبواب لكل راغب في المعرفة، لا تقيده بدوام، ولا تفرض عليه مادة دون أخرى، بل تفتح لمواهبه سبيل الانتخاب الطبيعي، فينتقل من حلقة إلى أخرى، حتى يستقر في الاتجاه الذي يتلاءم مع استعداده، وبهذه الطريقة أتيح للمسجد أن يخرج أكبر عباقرة الذين تسلموا مقاعد الإمامة في الدنيا والدين.
يصف أحد المستشرقين اثنين من مساجد العاصمة فيقول: (في عهد العظمة التركية كان المسجد مركزا اجتماعيا. فمسجد محمد الفاتح مثلا كان على جانبيه كليات وفندق ومستشفى ومركز لتوزيع الطعام، وعلى رابية أخرى كان يربض أوسع المساجد إطلاقا وهو مسجد سليمان القانوني، الذي كان حوله عشر مؤسسات منها كليات أربع، والمدرسة لم تكن خاصة بالدين، بل كانت وحدة للسكن، وكان المسجد نفسه قاعة للدرس والمحاضرات وكان بوسعك أن ترى لعهد قريب أساتذة في صحن المسجد خلال الصيف، وفي المسجد نفسه أثناء الشتاء، يدرسون جماعات صغيرة من الطلاب.
بين أمس واليوم
أجل. . . إن المسجد لم يفقد حتى اليوم تأثيره في حياة المسلمين فهو لا يزال قائما لاستقبال المصلين، ولا يخلو في كثير من الأحيان والبلدان من مكتبة صغيرة تمد المصلين بنسخ من كتاب الله للتبرك ببعض التلاوة، وقد تحتوي على بعض الكتب الإسلامية الأخرى التي تبرع بها بعض المحسنين، دون تفريق بين النافع وغير النافع.
على أن قليلا من التأمل في أوضاعها على ضوء الغاية العليا التي من أجلها وجد المسجد في الإسلام يؤكد لنا أن ثمة فجوة هائلة بين المسجد اليوم ومسجد الأمس.
لقد جرد المسجد الحديث من الطاقات التي تمكنه من العمل من بناء الفكر والقلب وتصحيح المفهومات الخاطئة.