الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأنها إما أن تبيح حراما أو تحرم حلالا أو توجب ساقطا أو تسقط واجبا، وذلك لا يجوز إلا بإذن الشارع. . وليس كذلك، بل كل ما كان حراما بدون الشرط فالشرط لا يبيحه، كالزنا وكالوطء في ملك الغير، وكثبوت الولاء لغير المعتق، فإن الله حرم الوطء إلا بملك نكاح أو يمين، فلو أراد رجل أن يعير أمته للوطء لم يجز له ذلك، بخلاف إعارتها للخدمة فإنه جائز. وكذلك الولاء، «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الولاء وعن هبته (1)» وجعل الله الولاء كالنسب يثبت للمعتق كما يثبت النسب للوالد. . فهذا أمر لا يجوز فعله بغير شرط فلا يبيح الشرط ما كان حراما. وأما ما كان مباحا بدون الشرط فالشرط يوجبه، كالزيادة في المهر والثمن والمثمن والراهن.
ونرى من ذلك أن ابن تيمية لا يجعل الشرط فاسدا إلا إذا كان منافيا للمقصود من العقد وهذا طبيعي، وإلا إذا كان مناقضا للشرع فيحل حراما، وهذا أشبه في الفقه الغربي بالشرط الذي خالف القانون أو النظام العام. ولم يعرض ابن تيمية لتحريم اجتماع الشرطين ولا لتحريم اجتماع البيعتين في بيعة أو اجتماع البيع والسلف. ومن ثم يكون تطور الفقه الإسلامي في تصحيح الشروط قد وصل على يد ابن تيمية إلى غاية تقرب مما وصل إليه الفقه الغربي الحديث.
* * *
(1) صحيح البخاري الفرائض (6756)، صحيح مسلم العتق (1506)، سنن الترمذي الولاء والهبة (2126)، سنن النسائي البيوع (4657)، سنن أبو داود الفرائض (2919)، سنن ابن ماجه الفرائض (2747)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 107)، موطأ مالك العتق والولاء (1522)، سنن الدارمي البيوع (2572).
مقارنة بين المذاهب الأربعة في تصحيح الشروط المقترنة بالعقد
مقارنة إجمالية:
يتبين مما قدمنا أن المذاهب الأربعة من ناحية تصحيح الشروط المقترنة بالعقد، يمكن تقسيمها إلى قسمين رئيسين:
1 -
قسم يضيق في تصحيح الشروط ويلتزم مبدأ وحدة الصفقة، فلا يبيح إلا شرطا اقتضاه العقد أو لاءم العقد أو جرى به التعامل، وهذان هما المذهب الحنفي والمذهب الشافعي.
2 -
وقسم يتوسع في تصحيح الشروط ولا يلتزم بمبدأ وحدة الصفقة، فيبيح الشروط، ما لم تكن منافية لمقتضى العقد أو مناقضة للشرع، وهذا هما المذهب المالكي والمذهب الحنبلي.
فتطور الفقه الإسلامي نحو تصحيح الشروط، ونبذ مبدأ وحدة الصفقة الذي كان أساسا من أسس الصناعة القانونية في المراحل الأولى من تطور القانون. أوضح وأبرز في القسم الثاني منه في القسم الأول على أنه يبدو