الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نماذج أخرى على غير هذا الطراز، من الناس من ضاقت به كل المشاريع الخيرة وفرت من وجهه، فوظف المال في ملهاة النعيم، وسقى نفسه كأس اللهو، وعزف عن الرحيل إلى المسجد وعن رسالة المسجد، وعن رجل المسجد، اشتغالا بما هو في نظره موضع الصدارة، ورأيت برنامج عمله السفر من بلد على بلد ومن قطر إلى قطر فمن يسقيه كأس العلم والمعرفة؟.
درس في أحضان المستعمرين، واستقى من أفكارهم وتتلمذ عليهم فراح يستخف بالمسجد وأهله ونماذج. . . ونماذج. . .
وقال الدين مقالته الصريحة، قال الله تعالى:{فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} (1) وأوصلتهم فتنة المال إلى هذا الواقع الأليم {أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (2)
(1) سورة النساء الآية 78
(2)
سورة محمد الآية 24
الحلول لهذه الأزمة
ما يمكن أن أراه وأعرضه بين أيديكم أيها السادة للمشورة والمذاكرة وأنتم أعلم بالحلول، ولكن نلتقي لاستعراض ما لدى كل واحد منا من رأي وفكر فأقول:
تأسيس معاهد تستطيع هذه المعاهد أن تنتج في رحابها رجال الدعوة الذين يلتزمون مبادئ القرآن وهدى الإسلام، ويكون في رحاب هذه المعاهد تزكية النفوس وتهذي الطباع ووضع الأسس السيكولوجية (1) والمقاييس التربوية لفحص الفطنة والذكاء ومقدار الموهبة ومقاييس القوة ومناط العبقرية، فليس كل من عن على خاطره أن يتحكم في رسالة المسجد تركناه على رغبته فلم يستطع أن يتسنم هذا المركز العلمي الخطير، وعلى ضوء هذا الهدي العلمي جعلنا التدريس في رحاب هذه المعاهد قائما على العلم ومكارم الخلاق، قائما على القرآن والتخلق بأخلاق سيد الأنام.
وقد لجأ الغرب إلى المدارس والمعاهد وجعلوها حجر الزاوية في نضج الأفكار وتربية الاتجاهات وحضانة المستقبل، وأفلحوا في إنتاج طائفة من المبشرين الذين كانوا بمثابة معول هدام لعقيدة الأمة وأخلاقها وضربة موجعة ما زلنا نئن من وطئتها وآثارها.
مشاريع تحرسها الدولة، لها ميزان القوى وهي مشاريع تخطيطية تحمل اسم مشروع السنوات لرسالة المسجد لتأتي هذه المشاريع بالطاقات الاقتصادية ذات الوفر المتعاظم عاما بعد عام بحيث يكون مردود هذا المشروع بعد السنة الأولى غير هذا المردود بعد عشرات السنين.
(1) Psycology
فإن لم تكن الدولة قد قامت بها جندنا أصحاب الطاقات الذين لهم أهداف المسجد، فوحدنا لهم الصف وجعلنا منهم حقل تكثير، ورغبنا رواد المساجد في العالم الإسلامي باقتناء وشراء هذه المنتوجات التي تحمل اسم سمة خاصة مميزة (كرسم مئذنة أو قبة جامع مثلا) على السلعة ويقوم التعاون على تسويقها ورواجها حيث يستفيد المسجد بقسم معين من ريع هذه المشاريع.
توفير أعمال تعاونية يحرص على إقامتها إمام المسجد بين رواد المسجد تكون لبنة الأساس في إنقاذ المساجد وأئمتها من ضائقة اقتصادية محيقة، لا بجدران المساجد ولكن كابوسها الثقيل يتناول أيضا الأعمال الإصلاحية التي تطلب من الجهة العاملة العامة لإصلاح المجتمع وتقويم ما اعوج في العالم الإسلامي من تقاليد وعادات خرجت بها عن أهداف الشرع المطهر.
مثل مشروع الليرة وسواها من المشاريع المعلن عنها في الصحف يوميا ككل المشاريع العامة.
وضع طابع مالي رسم عليه مسجد أو مئذنة يلصق على أي استدعاء أو طلب رخصة في الأوقاف أو عند افتتاح أي عمل تجاري أو عمل خيري أو دنيوي يلصق عليه طواعية من القائم على متابعة العمل بحيث يكون مردود هذا الطابع قوة نقدية تدعم مشاريع المسجد، بدل الوقوف على أبواب المساجد واستعطاف المارة والغريب والقريب لمثل هذه المساعدات التي تظهر كأنها سؤال الممقوت، بينما لا نجد مشروعا من مشاريع العالم إلا ويقوم على أسس اقتصادية محترمة، لا مجال فيها للسؤال ومد يد العوز والفاقة والذلة والمسكنة، ونظام الطابع الديني هذا يكون على وتيرة طوابع نقابة الأطباء أو المحامين وغيرهم.
المسجد الجوال المتنقل وإمامه العالم والداعي الحكيم حيث يهتم بعرض الأفكار النبيلة الخيرة وتوعية الجماهير لخطر السموم الفتاكة من التقليد الأعمى، وإزاحة كابوس الجهل بالدين وميوعة الأخلاق الذي ابتلي بها عامة المسلمين إلا من حرم الله، ولفت نظر عامة المسلمين إلى العناية والاهتمام بالمسجد وإمامه والتحذير من الاستخفاف برسالة المسجد، أو بالأحرى التحذير من عقوق المساجد.
وفي الختام لا يسعني إلا أن أتوجه بالشكر إلى الدولة المضيفة المملكة العربية السعودية التي تعمل جادة على خدمة المسلمين ورفع مستواهم وتمكين دينهم، ولا يفوتنا أن نبارك جهود أولئك الأفاضل الذين سعوا وبذلوا الجهد لجعل هذا المؤتمر على حيز الوجود ويتابعون العمل على إنجاحه.
والله أسأل أن يكلل جميع أعمالنا بالخير والنجاح، ويجعلها خالصة مخلصة لوجهه الكريم والله ولي التوفيق.
والحمد لله رب العالمين.