الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلامه، وذكر [5] الزركشيُّ على العادة غيرَ مَعْزُوٍّ (1).
* * *
باب: مَنْ طَلَبَ الوَلَدَ لِلْجِهَادِ
1564 -
(2819) - وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عليهما السلام: لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى مِئَةِ امْرَأَةٍ -أَوْ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ-، كُلُّهُنَّ تأْتِي بِفَارِسٍ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: إِنْ شَاءَ اللهُ، فَلَمْ يَقُلْ: إِنْ شَاءَ اللهُ، فَلَمْ تَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلَاّ امْرَأَةٌ واحِدَةٌ، جَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ! لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللهُ، لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فُرْسَاناً أَجْمَعُونَ".
(فقال صاحبه: إن شاء (2) الله، فلم [يقل: إن شاء الله، فلم] (3) تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشِقِّ رجلٍ): قال المهلب: في الحديث حضٌّ على طلب الولد بنيةِ الجهاد في سبيل الله، وقد يكون الولد يخالف ما أَمَّلَه (4)، فيكون كافراً، ولكنْ قد تم له الأجرُ في نيته وعمله.
وفيه (5): أن المستثني بمشيئة الله جديرٌ بأن يُعطى أُمنيته.
(1) انظر: "التنقيح"(2/ 628).
(2)
في "ع": "قل: إن شاء".
(3)
"يقل إن شاء الله فلم" ليست في "ع".
(4)
في "ع": "ما أهله".
(5)
في "ع" و"ج": "وقيل".
وفيه: أن الاستثناء قد يكون بإثر القول، وإن كان فيه سكوت يسير لم ينقطع به دونه (1)، فيكن حائل بين الاستثناء والتمييز.
قال ابن المنير: مذهبُ مالك: الاستثناءُ متى انفصل من الكلام بغير سُعال ونحوِه، لم يُفِدْ، وإن قلَّ زمنُ السكوت، والاتصالُ عندنا شرط، ومحْملُ حديثِ سليمان عليه الصلاة والسلام: أن صاحبه قال له قبلَ أن يُتم كلامه: قل: إن شاء الله؛ بحيث لو استثنى، لاتصل استثناؤه، فليس فيه نقضٌ لمذهب مالك.
قلت: هذا خلافُ ظاهر الحديث، وذلك أن نصَّ المتن:"قالَ سليمانُ ابنُ داودَ: لأطوفنَّ الليلةَ على مئة امرأة، أو تسع وتسعين، كلُّهن تأتي بفارسٍ يجاهد في سبيل الله، فقال صاحبه: إن شاء الله، فلم يقل" إلى آخره.
فظاهر الحديث أو صريحه في أن إشارة الملك عليه بقوله: "إن شاء الله" كانت بعد تمام كلام سليمان عليه السلام؛ لعطفه الجملةَ الفعليةَ المتعلقةَ بالملك بالفاء المقتضيةِ للتعقيبِ على الجملة الفعلية بتمامِها المتعلقةِ بسليمان.
ثم قال ابن المنير: لا يقال: الاستثناءُ المشروطُ اتصالُه هو الرافِعُ للتمييز، وأما الاستثناء المفروضُ في هذا الكلام، فهو استثناءُ التبرُّكِ، ولا يَحل اليمينَ؛ لأنا نقول: اشتراطُ الاتصال قضيتُه (2) لفظية يستوي فيها أنواع الاستثناء.
(1) في "ع": "دون".
(2)
في "ع" و"ج": "قضية".
إن قلت: ظاهره (1): أن من نسي الاستثناء بالمشيئةِ المقصودِ بها (2) التبركُ، ثم استدركَ عن قُرب، لا يحصل له فضل التبرك؛ لفواتِ شرطه، وهو الاتصال. وفيه نظر.
[ثم قال: وقوله: إن ثوابَ من ينوي الولدَ يكمُل بمجرد نيته. وفيه نظر](3)، فليس ثوابُ مَنْ وُلد له ولدٌ فجاهدَ على وَفْقِ نيةِ الأبِ ما شاء الله من الأعوام، ودفعَ ونفعَ كثوابِ من خرجَ ولدُه كافراً، أو زَمِناً، أو مُتهاوِناً، وإن كان أبوه نوى غير ذلك، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} [الجمعة: 4].
قلت: ليس في كلام المهلب ما يقتضي ورودَ النقض (4) بما قاله، وذلك لأنه قال: من طلب الولدَ بنية الجهاد؛ يعني: وعَمِلَ عَمَلَ (5) ما يكون غيرَ الولد من وِقاع أهله، فقد تم الأجرُ بنيته وعمله؛ أي: على نيته وعمله هو في نفسه، وهذا أمرٌ لا نزاع فيه، ولا دلالة فيه على (6) ثبوت أجر ما كان يتصوره هو (7) من جهاد ولده، وإن لم يقع، [ولا يخفى أن عمل الولد غيرُ عمل الأب، فكيف يحصل الثواب (8) من غير عمله الذي لم يقع في
(1) في "ع": "ظاهرها".
(2)
في "ع": "لها".
(3)
ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(4)
في "ع": "البعض".
(5)
"عَمَلَ" ليست في "ع".
(6)
"على" ليست في "ع".
(7)
في "ج": "هو في نفسه، وهذا لغز".
(8)
في "ع": "يحصل له ثواب".