الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال: إنما هو أَكْثَرِيٌّ، لا كُلِّيٌّ، وقد أشبعتُ الكلامَ على ذلك في "حاشية المغني"، فمن أحبَّ الوقوفَ على ذلك، فليراجعْها.
* * *
باب: إذا اصْطَلَحُوا عَلَى صُلْحِ جَورٍ فالصُّلْحُ مَرْدُودٌ
1502 -
(2695 و 2696) - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنهما، قَالَا: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللهِ، فَقَامَ خَصْمُهُ فَقَالَ: صَدَقَ، اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللهِ، فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفاً عَلَى هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَقَالُوا لِي: عَلَى ابْنِكَ الرَّجْمُ، فَفَدَيْتُ ابْنِي مِنْهُ بِمِئَةٍ مِنَ الْغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ، فَقَالُوا: إِنَّمَا عَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِئَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللهِ، أَمَّا الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ، فَرَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِئَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنيسُ -لِرَجُلٍ-، فَاغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَارْجُمْهَا". فَغَدَا عَلَيْهَا أُنَيْسٌ، فَرَجَمَهَا.
(فقال: يا رسولَ الله! اقض بيننا بكتاب الله (1)): كتابُ الله ينطلق على القرآن خاصَّةً، وقد ينطلق على حكم الله مطلقاً (2)، والأَوْلى هنا الثاني؛ إذ ليس ذلك منصوصاً في القرآن، إلا أن يؤخذ (3) ذلك بواسطة
(1) في "ع": "بيننا يا رسول الله".
(2)
في "ع": "معلقاً".
(3)
في "ع": "القرآن أن لا أن يوجد".
الأمر بطاعة الرسول واتباعه.
[(عَسيفًا): -بالعين المهملة والفاء-؛ أي: أجيراً.
(ففديت [ابني] منه): أي: من الرجم الذي قيل لي: إنه حَدُّه] (1).
(فسألت أهلَ العلم): فيه دليل على الفتوى (2) في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ودليل على استصحاب الحال، والحكم بالأصل في الأحكام الثابتة، وإن كان يمكن زوالها بالنسخ في حياته عليه الصلاة والسلام.
(فقالوا: إنما على ابنك جلدُ مئة): قال القاضي: رواية الجمهور بتنوين "جلدٌ"، يعني: مع رفعه، وبنصب مئةً؛ يعني: على التمييز، وجاء عن الأصيلي:"جلدُه مئة" بالإضافة مع إثبات الهاء؛ يعني: أن رواية الأصيلي: "إنما على ابنك جلدُه (3) " بإضافة المصدر إلى ضمير الغائب (4) العائد على الابن؛ من باب إضافة المصدر إلى المفعول، قال: وهو بعيد، إلا أن يُنصب "مئةً" على التفسير، أو يُضمن المضاف إلى عدد مئة، أو نحو ذلك (5).
وقد قيل: إن الذين كانوا يُفتون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم: الخلفاء الأربعة، وثلاثة من الأنصار: معاذُ بنُ جبل، وأُبَيُّ بنُ كعب، وزيدُ بْن ثابت رضي الله عنهم أجمعين.
(1) ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(2)
في "ع" و"ج": "على أن الفتوى".
(3)
في "ع": "أبيك جلد مئة".
(4)
في "ع": "ضمير المصدر الغائب".
(5)
انظر: "مشارق الأنوار"(1/ 151).
قال شيخنا قاضي القضاة شيخُ الإسلام (1) جلال (2) الدين البلقيني -أمتع الله بعلومه الشريفة (3) -: ولعلّ هذا حكمة الفقهاء السبعة، وهي الموطأة لما كان في زمان (4) النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن سعد (5) في "الطبقات" عن ابن عمر: أنه سئل: من كان يفتي الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: أبو بكر، وعمر، ما أعلم غيرَهما.
ثم أخرجَ عن القاسم بنِ محمد، قال: كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي يُفتون الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (6).
ثم أخرج عن عبد الله بن دينار، عن أبيه، قال: كان عبدُ الرحمن بنُ عوف ممن يفتي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (7).
ثم أخرج عن كعب بن مالك: أنه قال: كان معاذُ بنُ جبل يفتي بالمدينة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم (8).
[ثم أخرجَ عن محمدِ بنِ سهلِ بنِ أبي حَثْمَةَ، عن أبيه، قال: كان الذين يُفتون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم](9) ثلاثة من المهاجرين، وثلاثة من
(1)"شيخ الإسلام" ليست في "ع".
(2)
في "ع": "جمال".
(3)
"الشريفة" ليست في "ج".
(4)
"في زمان" ليست في "ع" و"ج".
(5)
في "م": "السعيد".
(6)
انظر: "الطبقات الكبرى"(2/ 334 - 335).
(7)
انظر: "الطبقات الكبرى"(2/ 340).
(8)
انظر: "الطبقات الكبرى"(2/ 348).
(9)
ما بين معكوفتين ليس في "ع" و"ج".
الأنصار: عمر، وعثمان، وعليٌّ، وأُبَيُّ بنُ كعبٍ، ومعاذُ بنُ جَبَل، وزيدُ ابنُ ثابت (1).
(أما الوليدةُ والغنمُ، فَرَدٌّ عليك): أي: فمردودةٌ عليك، فأطلق المصدر على المفعول.
قال ابن دقيق العيد: وفيه دليل على أن ما أُخذ بالمعاوضة الفاسدة يجب ردُّه، ولا يُمْلَكُ، وبه يتبين ضعفُ عذرِ منِ اعتذرَ من أصحاب الشافعي عن بعض العقود الفاسدة، بأن المتعاوِضين أَذن كلٌّ منهما للآخر في التصرف في ملكه، وجعل ذلك سبباً لجواز التصرف، فإن ذلك الإذن ليس مطلقاً، وإنما هو مبني على المعاوضة الفاسدة (2).
(وأما أنت يا أنيس -لرجلٍ-): أي: يقول ذلك لرجل، وأُنيس المذكورُ هو أُنيس بنُ الضحَّاك الأسلميُّ، ووَهِمَ من زعم أنه أنيسُ بنُ مرثدِ ابنِ أَبي مرثدٍ (3)؛ لأن هذا غَنَوِيٌّ.
وفي الحديث: أنه قال ذلك لرجلٍ من أسلم، ووهمَ من زعم أنه تصغير أَنَسِ بنِ مالك خادمِ النبي صلى الله عليه وسلم؛ لما تقدم (4).
* * *
1503 -
(2697) - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ
(1) انظر: "الطبقات الكبرى"(2/ 350).
(2)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 111).
(3)
في "ع": "يزيد".
(4)
وانظر: "التوضيح"(17/ 31).