الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(واجعلْه هادياً مَهْدِيّاً): قال ابن بطال: هو من باب التقديم والتأخير؛ لأنه لا يكون هادياً لغيره إلا بعد أن يهتديَ هو ويكونَ مهدياً (1).
(فقال رسولُ جرير (2)): هو أبو أرطاة حصينُ بنُ ربيعة (3).
(كأنها جملٌ أجربُ): -بالموحدة-: مطليٌّ بالقَطِران، يشير إلى ما حصل لها من سواد الإحراق، وفي رواية مسدّد:"جَمَلٌ أَجْوَفُ" -بالواو والفاء-، وشرحه بأبيض البطنِ، قال القاضي: وهو تصحيفٌ وإفساد للمعنى (4).
* * *
باب: قَتْلِ النَّائِم الْمُشْرِكِ
(باب: قتل النائمِ المشركِ): قال ابن المنير: ويعني بالنائم: المضطجع، لا خلاف (5) اليقظان، ويجوز أن يريد: النائم؛ لأن أبا رافع إنما قُصد وهو نائم، وذلك الإيقاظ (6) إنما كان ليَعلمَ مكانهَ بصوتِه، والظاهر أنه قتله وهو في حكم النائم، [لهذا لم (7) يهتدِ لا للهرب ولا للطلب.
(1) انظر: "شرح ابن بطال"(5/ 194).
(2)
في "ع" و"ج": "رسول الله".
(3)
"حصين بن ربيعة" ليست في "ع".
(4)
انظر: "مشارق الأنوار"(1/ 147). وانظر: "التنقيح"(2/ 665).
(5)
في "ع": "لاختلاف".
(6)
في "ج": "لأن الإيقاظ".
(7)
في "ج""لا".
ووجهُ إدخالِه في الفقه: قطعُ وَهْمِ من يتوهَّم أن النائم] (1) غيرُ مكلف حالةَ النوم، فيقع (2) له أنه من جنس السكران الذي لا يُقام عليه الحدُّ في حال سُكره حتى يفيقَ، وانظرْ لو لَقِينَا حَرْبِيٌّ سكرانُ، ولم نَخَفْ غائِلَتَهُ إذا أمهلناه (3) للصَّحو؛ أنقتلُه (4) في حال سُكره، أم (5) نمهلُه (6)؛ لاحتمال أن يصحو فيُسْلِمَ؟ الله أعلم.
أما أبو رافع هذا، فكان ممن يُئِس من إسلامه وتوبته، فلا يُقاس عليه، وأيضاً: فإنه قُتل حَدّاً مع كونه كافراً؛ لأنه كان يؤذي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أذية خاصة (7)، فهو ممن لو أسلم، لم يسقط عنه القتل؛ كما لم يُستتب ابنُ خَطَل ونحوه.
ونصَّ أصحابُنا في المرتدِّ أو الشابِّ يُجَنُّ: أنه يوقف عن قتله حتى يُفيق، أو يقتله الله، فيؤخذ (8) من هذا: أن النائم لا يُقتل حدّاً ولا كُفراً.
ويحتمل حدّ أبي رافع على أنه قُتل وقد استيقظ، خلافاً لما قصده البخاري من الترجمة.
(1) ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(2)
في "ج": "فيقطع".
(3)
في "ع": "إذا مهلناه".
(4)
في "ع": "نقتله".
(5)
في "ج": "أو".
(6)
في "ج": "نهمله".
(7)
"أذية خاصة" ليست في "ع" و"ج".
(8)
في "ج": "أنه فيؤخذ".
قلت: في آخر الباب التصريحُ بقتله في حالة النوم، فإنه قال:"فدخلَ عليه عبدُ الله بنُ عَتيكٍ (1) بيتَه ليلاً، فقتلَه وهو نائمٌ".
* * *
1655 -
(3022) - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَهْطاً مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى أَبِي رَافِعٍ لِيَقْتُلُوهُ، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَدَخَلَ حِصْنَهُمْ، قَالَ: فَدَخَلْتُ فِي مَرْبِطِ دَوَابَّ لَهُمْ، قَالَ: وَأَغْلَقُوا بَابَ الْحِصْنِ، ثُمَّ إِنَّهُمْ فَقَدُوا حِمَاراً لَهُمْ، فَخَرَجُوا يَطْلُبُونَهُ، فَخَرَجْتُ فِيمَنْ خَرَجَ، أُرِيهِمْ أَنَّنِي أَطْلُبُهُ مَعَهُمْ، فَوَجَدُوا الْحِمَارَ، فَدَخَلُوا وَدَخَلْتُ، وَأَغْلَقُوا بَابَ الْحِصْنِ لَيْلاً، فَوَضَعُوا الْمَفَاتِيحَ فِي كَوَّةٍ حَيْثُ أَرَاهَا، فَلَمَّا ناَمُوا، أَخَذْتُ الْمَفَاتِيحَ، فَفَتَحْتُ بَابَ الْحِصْنِ، ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا رَافِعٍ! فَأَجَابَنِي، فتُعَمَّدْتُ الصَّوْتَ، فَضَرَبْتُهُ، فَصَاحَ، فَخَرَجْتُ، ثُمَّ جِئْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ كَأَنِّي مُغِيثٌ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا رَافِعٍ! وَغَيرْتُ صَوْتِي، فَقَالَ: مَا لَكَ لأُمِّكَ الْوَيْلُ؟! قُلْتُ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي مَنْ دَخَلَ عَلَيَّ فَضَرَبَنِي، قَالَ: فَوَضَعْتُ سَيْفِي فِي بَطْنِهِ، ثُمَّ تَحَامَلْتُ عَلَيْهِ حَتَّى قَرَعَ الْعَظْمَ، ثُمَّ خَرَجْتُ وَأَناَ دَهِشٌ، فَأَتَيْتُ سُلَّماً لَهُمْ لأَنْزِلَ مِنْهُ، فَوَقَعْتُ، فَوُثِئَتْ رِجْلِي، فَخَرَجْتُ إلَى أَصْحَابِي، فَقُلْتُ: مَا أَناَ بِبَارِحٍ حَتَّى أَسْمَعَ النَّاعِيةَ، فَمَا بَرِحْتُ حَتَّى سَمِعْتُ نَعَايَا أَبِي رَافِعٍ تَاجِرِ أَهْلِ الْحِجَازِ، قَالَ: فَقُمْتُ وَمَا بِي قَلَبَةٌ، حَتَّى أَتَيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرْناَهُ.
(1) في "ج": "عبد الله عن أبي عبيدة".
(بعث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رهطاً من الأنصار): ذكر ابن هشام عن الزهري، عن كعب بن مالك: أنه خرج إليه خمسةُ نَفَرٍ: عبدُ الله بنُ عتيك (1)، ومسعودُ بنُ سنانٍ (2)، وعبدُ الله بنُ أُنَيْسٍ، وأبو قتادةَ الحارثُ بنُ رِبْعي (3)، وخُزاعِيُّ (4) بنُ أسودَ حليفٌ لهم من أسلمَ، وأَمَّر عليهم عبدَ الله ابنَ عتيك، وفي هذه الراوية: أنهم دخلوا عليه، و (5) ابتدروه بأسيافهم، وأن عبدَ الله بنَ أنيسٍ (6) تحامل (7) عليه بسيفه في بطنه حتى أنفذه، وهو يقول (8): قَطْني قَطْني؛ أي: حَسْبي (9).
ورواية البخاري تقتضي أن الذي عمل العملَ كلَّه هو عبدُ الله بنُ عَتيك، وهو الذي وقعَ من الدرجة؛ لأنه كان ضعيف البصر، وما في البخاري أصحُّ.
(في كَوَّةٍ): بفتح الكاف وضمها.
(فوُثِئَتْ رِجْلي): -بواو مضمومةٍ فثاء مثلثة مكسورة فهمزة، مبني
(1) في "ج": "عبد الله بن عبيد".
(2)
"سنان" ليست في "ج".
(3)
في "ج": "ربيعة".
(4)
في "ج": "وخزاعة".
(5)
الواو ليست في "ج".
(6)
"أنيس" ليست في "ج".
(7)
في "ج": "حمل".
(8)
في "ع": "وهو تأويل".
(9)
انظر: "السيرة النبوية" لابن هشام (4/ 235).