الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُهُ حَتَّى اسْتَمْكَنَ مِنْهُ فَقَتَلَهُ.
(باب: الكذب في الحرب).
(قد عَنَّانا): -بتشديد النون-؛ أي: أَلْزَمَنا العناءَ، وكلَّفنا ما يشقُّ علينا، فعدَّ البخاريُّ هذا كذباً في الحرب.
ويمكنُ المنازعة فيه، فيقال: بل هو تعريض؛ فإنه عليه السلام قد أمرهم ونهاهم، والأوامرُ والنواهي تكاليفُ، فلا بِدْعَ (1) أن يطلق: عَنَّانا، ويريد: كَلَّفَنا بما ورد (2) به الشرع من الأوامر والنواهي، وقوله:"وسألنا الصدقة" لا كذبَ فيه أيضاً؛ فإنه عليه الصلاة والسلام طالبها منهم ما أمر الله سبحانه وتعالى.
* * *
باب: مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّنَازُعِ والاختِلَافِ في الحرْبِ وعقُوبةِ مَنْ عَصَى إِمَامَهُ
1659 -
(3039) - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رضي الله عنهما يُحَدِّثُ، قَالَ: جَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الرَّجَّالَةِ يَوْمَ أُحُدٍ -وَكَانُوا خَمْسِينَ رَجُلاً- عَبْدَ اللهِ بْنَ جُبَيْرٍ، فَقَالَ:"إِنْ رَأَيْتُمُوناَ تَخْطَفُنَا الطَّيْرُ، فَلَا تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ هَذَا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ، وَإِنْ رَأَيْتُمُوناَ هَزَمْنَا الْقَوْمَ وَأَوْطَأْناَهُمْ، فَلَا تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ"، فَهَزَمُوهُمْ، قَالَ: فَأَناَ وَاللهِ! رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ، قَدْ بَدَتْ
(1) في "ع" و"ج": "يدع".
(2)
في "ج": "يرد".
خَلَاخِلُهُنَّ وَأَسْوُقُهُنَّ، رَافِعَاتٍ ثِيَابَهُنَّ. فَقَالَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ بْنِ جُبَيْرٍ: الْغَنِيمَةَ -أَيْ قَوْمِ! - الْغَنِيمَةَ، ظَهَرَ أَصْحَابُكُمْ، فَمَا تَنْتَظِرُونَ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ ابْنُ جُبَيْرٍ: أَنَسِيتُمْ مَا قَالَ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالُوا: وَاللهِ! لَنَأْتِيَنَّ النَّاسَ فَلَنُصِيبَنَّ مِنَ الْغَنِيمَةِ، فَلَمَّا أَتَوْهُمْ، صُرِفَتْ وُجُوهُهُمْ، فَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ، فَذَاكَ إِذْ يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ فِي أُخْرَاهُمْ، فَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً، فَأَصَابُوا مِنَّا سَبْعِينَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ أَصَابَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ وَمِئَةً: سَبْعِينَ أَسِيراً، وَسَبْعِينَ قَتِيلاً. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُجِيبُوهُ، ثُمَّ قَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَمَّا هَؤُلَاءِ، فَقَدْ قُتِلُوا، فَمَا مَلَكَ عُمَرُ نفسَهُ، فَقَالَ: كَذَبْتَ -وَاللهِ- يَا عَدُوَّ اللهِ، إِنَّ الَّذِينَ عَدَدْتَ لأَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ، وَقَدْ بَقِيَ لَكَ مَا يَسُوءُكَ. قَالَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، وَالْحَرْبُ سِجَالٌ، إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ فِي الْقَوْمِ مُثْلَةً، لَمْ آمُرْ بِهَا، وَلَمْ تَسُؤنِي، ثُمَّ أَخَذَ يَرْتَجِزُ: اُعْلُ هُبَلْ، اُعْلُ هُبَلْ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"أَلَا تُجيبُوا لَهُ؟ ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! مَا نقُولُ؟ قَالَ: "قُولُوا: اللهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ". قَالَ: إِنَّ لَنَا الْعُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"أَلَا تُجِيبُوا لَه؟ ". قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! مَا نَقُولُ؟ قَالَ: "قُولُوا: اللهُ مَوْلَاناَ وَلَا مَوْلَى لَكُمْ".
(على الرجّالة): -بتشديد الجيم-: جمعُ راجِل، وهم الذين لا خيلَ معهم.
(إن رأيتمونا تخْطَفنا الطير): -بإسكان الخاء وتخفيف الطاء وفتحها-، ويروى بفتح الخاء وتشديد الطاء، وأصله: تَتَخَطَّفُنا -بتاءين حذفت
إحداهما (1) -، وهو مَثلٌ يراد به الهزيمة.
(وأَوْطَأْفاهم (2)): يريد: مشينا عليهم وهم قتلى بالأرض.
(رأيت النساء): أي: نساء المشركين.
(يُسْنِدْنَ): -بسين مهملة ونون-؛ أي: يمشين في سَنَد الجبل يُرِدْنَ أن يَرْقَيْنَ الجبلَ، وفي رواية أبي ذر:"يَشْتَدِدْنَ" -بشين معجمة-: يفتعلْنَ؛ من الشدة؛ أي: يجرين (3).
(وأَسْوُقُهُنَّ): جمع ساقٍ، ويقال بواو مضمومةٍ خالصةٍ، وضبطه بعضهم (4) بالهمزة؛ لأن الواو إذا انضمَّتْ، جاز همزُها، نحو: أَدْوُرٍ وأَدْؤُرٍ.
وفيه جوازُ النظر إلى أَسْوُقِ المشركات؛ لتعرُّفِ حالِ القوم، لا لشهوةٍ (5).
(الغنيمةَ (6)): نصب على الإغراء.
(فما ملكَ عمرُ نفسَه، فقال: كذبتَ -والله- يا عدوَّ الله): لم يرد عمر رضي الله عنه مخالفةَ نهي النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما أنكرَ قولَ الباطل.
(1) في "ع" و"ج": "أحدهما".
(2)
في "ع": "وأوطأنها".
(3)
انظر: "التنقيح"(2/ 668).
(4)
في "ع": "بعضه".
(5)
انظر: "التوضيح"(18/ 243).
(6)
في "ع" و"ج": "والغنيمة".