الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لها (1)، وسيأتي فيه كلام إن شاء الله تعالى.
* * *
باب: إِذَا زَكَّى رَجُلٌ رَجُلاً، كَفَاهُ
وَقَالَ أَبُو جَمِيلَةَ: وَجَدْتُ مَنْبُوذاً، فَلَمَّا رَآنِّي عُمَرُ، قَالَ: عَسَى الْغُويرُ أَبْؤُسًا، كَأَنَّةُ يَتَهِمُنِي، قَالَ عَرِيفِي: إِنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ، قَالَ: كَذَاكَ، اذْهَبْ وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ.
(وقال أبو جَميلة): بجيم مفتوحة.
(وجدت منبوذاً): أي: لَقيطاً، وهو صغير آدمي، لم يُعلم أبواه ولا رِقُّه، كذلك عرفه شيخنا ابن عرفة، قال: وقول ابن الحاجب تابعاً لابن شاس تابعاً للغزالي: هو طفل ضائعٌ لا كافلَ له (2)، يبطُلُ طردُه لطفلٍ كذلكَ معلومٍ أبوه؛ لأنه غيرُ لقيط؛ لانتفاء لازمه، وهو كون إرثه للمسلمين (3).
(فلما رآني (4) عمر، قال: عسى الغُوَيرُ أَبؤساً): هو مَثَلٌ سائر، قيل: لما قتلت الزبَّاء جذيمةَ الأبرشَ، أتى قصيرٌ إلى ابن (5) أخيه، فقال له: افعل بي ما أقول لك: اجدعْ أنفي، واضربْ ظهري، ففعلَ ذلك به، فذهب إلى
(1) انظر: "التنقيح"(2/ 591).
(2)
انظر: "جامع الأمهات"(ص: 460).
(3)
وانظر: "منح الجليل" لعلّيش (8/ 245).
(4)
في "ع": "رأى".
(5)
في "ج": "ابن قصير".
الزبَّاء، فقال لها: إنما فعل بي هذا من أجلك لما أشرتُ عليه بالمجيء إليك، فمكَّنَتْه، وأعطته مالًا، فسافر به، وذهب إلى صاحبه من حيث (1) لا تعلم الزباء، فزاده في المال، وأتاها بربح عظيم، وبجواهر وطُرَف، ثم تردد (2) كذلك مرات، ثم اتخذ توابيتَ، وجعلها في الجوالق، وجعل رباط الجوالق من داخل الرجال في التوابيت، ومعهم السّلاح، ورجع في طريق الغور غير الطريق الأولى، فلما قيل لها: رجع في الغور، والغورُ تهامةُ وما يلي اليمن، قالت: عسى الغوير أبؤساً، صَغَّرت الغور، وأبؤساً جمع بأس؛ مثل: فَلْس وأَفْلُس، وانتصبَ على أنه خبرٌ لـ "يكون" محذوفة؛ أي: عسى الغُوَير أن يكون أبؤساً، فذهبت مثلاً، ولما أقبل قصير، سيق (3) إليها، وقال: اطلعي على القصر لتنظري (4) العير، فلما صَعِدَت، رأتِ الجمالَ تمشي مهلاً، فقالت:
مَا لِلْجِمَالِ مَشْيُهَا وَئِيدَا
…
أَجَنْدَلًا يَحْمِلْنَ أَمْ حَدِيدَا
أَمْ صَرَفَاناً بَارِداً شَدِيدَا
…
أَمِ الرِّجَالَ جُثَّما قُعُودَا
ففتحوا التوابيت، وخرجوا فقتلوها.
(كأنه يتهمني): قال السفاقسي: وإنما اتهمه عمر أن يكون هو ألقاه، ثم أخذه ليكفله (5). انتهى.
(1) في "ع": "وذهب به من حيث".
(2)
في "ع": "يردد".
(3)
في "م": "سبق".
(4)
في "ع" و"ع": "لننظر".
(5)
في "ع": "ليكفيه".
ووجهُ ضربهِ المثلَ المذكورَ: أن المعنى: عسى أن يكونَ باطنُ أمرِك رديّاً (1).
(قال عريفي): هو القَيِّمُ (2) بأمور القبيلة والجماعة من الناس، يلي أمورَهم، ويعرِّفُ الأميرَ أحوالَهم.
(إنه رجلٌ صالح، قال: كذلك): هذا موضع الترجمة؛ فإن عمر رضي الله عنه اكتفى بقول العريف على ما يفهمه قوله كذلك، ولهذا قال: اذهبْ، وعلينا نفقتُه.
* * *
1488 -
(2662) - حدَّثني محمَّدُ بْنُ سَلَامٍ، حدَّثَنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَثْنَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"وَيْلَكَ! قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ، قَطَعْتَ عُنَقَ صَاحِبِكَ"، مِرَاراً، ثُمَّ قَالَ:"مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَادِحاً أَخَاهُ لا مَحَالَةَ، فَلْيَقُلْ: أَحْسِبُ فُلَاناً، وَاللهُ حَسِيبُهُ، وَلَا أُزَكِّي عَلَى اللهِ أَحَداً، أَحْسِبُهُ كَذَا وَكَذَا، إِنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُ".
(من كان منكم مادحاً أخاه لا مَحالة): -بفتح الميم- من محالة.
(فليقل أحسَب): -بفتح السين-، وحُكي الكسر.
قال الجوهري: وهو شاذ؛ لأن ما كان ماضيه مكسور [اً]، فمستقبله
(1) انظر: "التنقيح"(2/ 592).
(2)
في "ج": "القائم".