الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَبِيهِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ".
رَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيُّ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إَبْرَاهِيمَ.
(المَخْرَمي): -بفتح الميم وإسكان الخاء وفتح الراء- من ولد المِسْوَرِ بنِ مخرمةَ، ذكره البخاري رحمه الله في المتابعات (1).
* * *
باب: كَيفَ يُكْتَبُ: "هَذَا مَا صَالَحَ فُلانٌ بنُ فلانٍ فلانَ بنَ فُلَانٍ" وإِنْ لَمْ ينسُبْهُ إلى قبيلتِهِ أو نسَبِهِ
1504 -
(2698) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رضي الله عنهما، قَالَ: لَمَّا صَالَحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ الْحُدَيْبِيَةِ، كَتَبَ عَلِيٌّ بَيْنَهُمْ كِتَاباً، فَكَتَبَ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: لَا تَكْتُبْ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، لَوْ كُنْتَ رَسُولاً، لَمْ نُقَاتِلْكَ، فَقَالَ لِعَلِيٍّ:"امْحُهُ"، فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا أَنَا بِالَّذِي أَمْحَاهُ، فَمَحَاهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ، وَصَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَا يَدْخُلُوهَا إِلَّا بِجُلُبَّانِ السِّلَاحِ، فَسَأَلُوهُ: مَا جُلُبَّانُ السِّلَاحِ؟ فَقَالَ: الْقِرَابُ بِمَا فِيهِ.
(أهل الحُدَيْبِيَة): -بتخفيف الياء-، مثل دُوَيْهِيَة.
(1) انظر: "التنقيح"(2/ 597).
قال القاضي: كذا ضبطناه عن المتقنين، وعامةُ الفقهاء والمحدِّثون يشدِّدونها، وهي قرية ليست بالكبيرة، سُميت ببئر هناك عند مسجد الشجرة، وبين الحديبية والمدينة تسع (1) مراحل، وقد جاء في الحديث:"وهي بئر"(2).
قال مالك: وهي من الحرم.
قال ابن القصار (3): وبعضها من الحِلِّ (4).
وقال الخطابي: سُميت بشجرة حَدْباءَ كانت هناك (5).
(فقال لعلي: امحه): أي: امحُ الخطَّ الذي لم يريدوا (6) إثباتَه، يقال: مَحَوْتُ الكتابة ومَحَيْتُها.
(ما أنا بالذي أمحاه): هذا مثل: قَلَى يَقْلَى وسَعَى يَسْعَى، والذي في القرآن:{يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [الرعد: 39].
(إلا بجُلُبَّان السلاح): قد فسر في المتن (7) بأنه القِراب (8) بما فيه، وهو (9) بضم الجيم واللام وتشديد الباء الموحدة.
(1) في "ع": "سبع".
(2)
انظر: "مشارق الأنوار"(1/ 221).
(3)
في "ع": "ابن الصقال".
(4)
انظر: "مشارق الأنوار"(1/ 221).
(5)
انظر: "التنقيح"(2/ 597).
(6)
في "ع": "يريد".
(7)
في "ع" و"ج": "قد فسر الناس".
(8)
في "ع": "القراءات"، وفي "ج":"القرآن".
(9)
في "ع": "وهم".
قال القاضي: كذا ضبطناه، وكذا صوبه ابنُ قتيبة، ورواه بعض الناس:"جُلْبان": -بإسكان اللام-، كذا ذكره الهروي، وصوّبه هو وثابت، ولم يذكر ثابتٌ سواه، وهو مثل الجلبان الذي هو من القَطاني (1).
وإنما اشترطوا أن يكون السلاح في القِراب؛ ليكون ذلك أَمارة للسِّلم؛ لئلا يُظَنَّ أنهم دخلوها قهراً، "والقِراب": شيء يُحْرَزُ من الجلود (2) يضع الراكب (3) فيه أداته (4).
* * *
1505 -
(2699) - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ رضي الله عنه، قَالَ: اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي ذِي الْقَعْدَةِ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ، حَتَّى قَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُقِيمَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَتَبُوا الْكِتَابَ، كَتَبُوا: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: لَا نُقِرُّ بِهَا، فَلَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ، مَا مَنَعْنَاكَ، لَكِنْ أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:"أَنَا رَسُولُ اللهِ، وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ"، ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ: "امْحُ: رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: لَا وَاللهِ! لَا أَمْحُوكَ أَبَداً، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْكِتَابَ، فَكَتَبَ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ سِلَاحٌ إِلَّا فِي الْقِرَابِ، وَأَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ أَهْلِهَا بِأَحَدٍ إِنْ أَرَادَ أَنْ
(1) انظر: "مشارق الأنوار"(1/ 150).
(2)
"خرز من الجلود" ليست في "ع".
(3)
في "ع": "الركاب".
(4)
انظر: "التنقيح"(2/ 598).
يَتَّبِعَهُ، وَأَنْ لَا يَمْنَعَ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِهِ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا. فَلَمَّا دَخَلَهَا وَمَضَى الأَجَلُ، أَتَوْا عَلِيّاً فَقَالُوا: قُلْ لِصَاحِبِكَ: اخْرُجْ عَنَّا؛ فَقَدْ مَضَى الأَجَلُ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَتَبِعَتْهُمُ ابْنَةُ حَمْزَةَ: يَا عَمِّ يَا عَمِّ! فَتَنَاوَلَهَا عَلِيٌّ، فَأَخَذَ بِيَدِهَا، وَقَالَ لِفَاطِمَةَ عليها السلام: دُونَكِ ابْنَةَ عَمِّكِ احْمِلِيهَا، فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ وَزَيْدٌ وَجَعْفَرٌ، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أَحَقُّ بِهَا، وَهْيَ ابْنَةُ عَمِّي، وَقَالَ جَعْفَرٌ: ابْنَةُ عَمِّي، وَخَالَتُهَا تَحْتِي، وَقَالَ زَيْدٌ: ابْنَةُ أَخِي، فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِخَالَتِهَا، وَقَالَ:"الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ". وَقَالَ لِعَلِيٍّ: "أَنْتَ مِنِّي، وَأَنَا مِنْكَ". وَقَالَ لِجَعْفَرٍ: "أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي". وَقَالَ لِزَيْدٍ: "أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا".
(حتى قاضاهم): من القضاء، وهو إحكامُ الأمر وإمضاؤه.
(فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتابَ فكتَب): قال أبو الفرج: إطلاقُ يده بالكتابة وهو لا يحسنها كالمعجزةِ له، ولا ينافي هذا كونهَ أُمياً لا يُحسن الكتابة؛ لأنه (1) ما حرك يدَه تحريكَ من يحسن الكتابة، إنما حركها فجاء المكتوبُ صواباً.
وقال السهيلي: في البخاري كتبَ وهو لا يحسن الكتابة، فتوهم أن الله تعالى أطلقَ يده بالكتابة حينئذٍ، وقال: هي آية، فيقال: لكنها مناقضة لآية أخرى، وهو كونه أمياً لا يكتب، وفي ذلك إفحامُ الجاحد، وقيامُ الحجة، والمعجزاتُ يستحيل أن يدفع بعضُها بعضاً، فمعنى كتب: أمر، وكان الكاتب يومئذٍ علياً (2).
(1) في "ع" و"ج": "لأن".
(2)
انظر: "التنقيح"(2/ 598).
قلت: كان أبو الوليد الباجي من أئمة المالكية يذهب إلى الرأي الأول، وقد أخبرنا شيخنا الإمام العالم (1) جمالُ الدين إبراهيمُ بنُ محمدِ ابنِ عبدِ الرحيم الأسيوطيُّ (2) الشافعي نزيلُ مكةَ المشرفةِ رحمه الله إجازةً، قال: أخبرني (3) الشيخ الحافظ أبو عبد الله محمدُ بنُ جابر القيسيُّ الواديُّ: أنبأني بقراءتي عليه في سادسَ عشرَ جُمادى الأولى سنة خمسٍ وأربعين وسبع مئة، بالخانقاة الشرابيشية من القاهرة، أنا قاضي الجماعة أبو العباس أحمدُ بنُ محمدِ بنِ حسنِ بنِ الغماز الخزرجيُّ قراءة عليه وأنا أسمع في أواخر ذي الحجة عام تسعةٍ وثمانين وست مئة، أنا الحافظ أبو الربيع سليمانُ بنُ موسى بنِ سالمِ [بن] حسانَ الكلاعيُّ إجازةً إن لم يكن سماعاً، أخبرني الوزيرُ الحافظ أبو بكر عبدُ الرّحمن بنُ محمدِ (4) بنِ مقارب قراءةً عليه وأنا أسمع بشاطبةَ يومَ الأربعاء السادس والعشرين من صفر سنة ست وثمانين وخمس مئة، حدثني أبي، ثنا (5) أبو جعفر أحمدُ بنُ عبدِ الرحمن ابن جَحْدر، ثنا (6) الحافظ أبو الحسن طاهر (7) بنُ مفوز بن أحمد المعافريُّ، قال: كان أبو محمدٍ عبدُ الله بنُ أحمدَ بنِ الحاج من أهل جزيرة شَقْر صديقاً
(1)"العالم" ليست في "ع" و"ج".
(2)
"الأسيوطي" ليست في "ج".
(3)
في "ع" و"ج": "أخبرنا".
(4)
"ابن محمد" ليست في "ع".
(5)
في "ع": "أنبأنا".
(6)
في "ع": " أنبأنا".
(7)
في "ع": "ظاهر".
للقاضي أبي الوليد سليمانَ بنِ خلفٍ الباجيِّ رحمه الله، قد لزمَه، وتفقَّه عنده، وكان حسنَ الفهم، جيدَ القريحة، وكان يعجبه تأويلُ الفقيه أبي الوليد في حديث المقاضاةِ حين قاضى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سهيلَ بنَ عمرٍو من المشركين يومَ الحديبية، وقول إسرائيل فيه: فأخذ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم[الكتابَ، فكتب، ومرّة قال: فأخذَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الكتابَ، وليس يُحسن أن يكتبَ، فكتب، وكل ذلك من رواية عبيد الله بن موسى عنه، فتأول أبو الوليد رحمه الله أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم](1) باشر الكتابَ بيده، وخرَّج ذلك على وجهين: على أنه كتبَ عالماً بما يكتب القلم، وعلى وجهٍ آخر: أنه كتبَ كتاباً مستوياً على حسب المراد، وجرى القلمُ بما أراد من ذلك، من غير أن يعلم هو صلى الله عليه وسلم حقيقةَ ما كتب؛ ليكون ذلك زيادةً في الإعجاز، وكان أبو محمد عبدُ الله بنُ أحمدَ يعجبه هذا القول، ويًسَرُّ به، فأنكره عليه، وأنقضَه بضروب من النقض يطولُ ذكرُها، وكنت أقول له (2): هذا القولُ لا يصح، ولا يقوله أحدٌ ممن يقتدى بقوله، ولا بلغنا عن أحد من سلف هذه الأمة، وأبينُ له الوهمَ بأكثرَ من هذا، فيأبى إلا التمادي في الإعجاب به، والإصرار (3) عليه، فلما كان بعدَ برهة، قصدني زائراً على عادته، ققال لي: يا سيدي! ذكر لي بعض إخواني مناماً كان يراه، ورغب إليَّ أن أقصَّه عليك؛ لأنتهي (4) إلى تأويلك فيه، فقلت له: قُصَّه، فقال: أخبرني أنه كان
(1) ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(2)
"له" ليست في "ع".
(3)
في "ع": "والإعجاز".
(4)
في "ع": "لأنهي".
يرى في النوم أنه في المدينة مدينةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قال: فكنت أرى أني أدخلُ في المسجد إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرى القبر أمامي، فكنت أجد للقبر هيبةً عظيمة في نفسي، حتى كنت أجد قُشَعريرة؛ إجلالاً وتعظيماً لمن فيه صلى الله عليه وسلم، فبينما أنا على تلك الحال، إذ كنت ألتفت، فأرى القبر ينشقُّ، وكأنه يميل ولا يستقر، فكنت يعتريني فزعٌ عظيم، وأتأمل القبرَ فأراه لا يستقرُّ، وأنا فيما لا يعلمه إلا الله عز وجل من الفزع، ثم قال لي: يا سيدي! ما عندكَ في تأويل هذا المنام؟!
فأطرقتُ حيناً، ثم قلت له: أخشى على صاحب هذا المنام أن يصف رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير صفته، أو يَنْحَلَه ما ليس له بأهل، أو لعله يفتري عليه، قال لي: ومن أين تخلصت إلى هذا؟ فقلت له: من قول الله تبارك وتعالى: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا} [مريم: 90 - 91].
فقال لي أبو محمد: لله (1) درك يا سيدي! وأقبلَ يقبِّل رأسي وبَيْنَ عينيَّ، ويبكي مرةً، ويضحك أخرى فرحاً منه وسروراً بحسن التأويل الموافق للمنام، ويقول: ما سمعتُ قَطُّ بأبدعَ من هذا التأويل، ولا بأصحَّ منه، وإني للرجلُ الذي رأى هذا المنام، واسْمَع أُتِمُّهُ لك؛ فقد بقيتْ منه بقيةٌ تشهد بصحة تأويلك، فقلت: هاتِ، قال: فلما رأيتني في ذلك الفزع العظيم، كنت -والله- أقولُ ما هذا إلا لأني أقولُ وأعتقدُ أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كتبَ، فكنت أبكي وأقول: أنا تائبٌ يا رسول الله، وكنت أقول ذلك مراراً بجدٍّ وإخلاص، فكنت أتأمل القبر، فأراه قد عاد إلى هيئته
(1)"لله" ليس في "ع".
التي هو عليها، وسكن ذلك الميل عنه، واستيقظت. قال لي أبو محمد: وأنا أُشهدك يا سيدي: أن (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كتب حرفاً قط، هذا قولي، وعليه ألقى الله تعالى (2)، فقلت: الحمدُ لله الذي أراكَ هذا البرهان، وصرفَكَ عن قولك الذي كنت تعتقدُه، فاشكرِ الله كثيراً، وأحمدْه جزيلاً.
(فتبعتْهم ابنةُ حمزة): هي أُمامة، وقيل: عُمارة، وقيل: فاطمة كما تقدم. قال ابن الأثير: أُمامة بنتُ حمزةَ بنِ عبدِ المطلب، وأُمها سلمى بنتُ عُميس، وهي التي اختصم فيها عليٌّ، وجعفرٌ، وزيدٌ (3) رضي الله عنهم لما خرجتْ من مكة، فاجتاز بها عليٌّ، فأخذها، وطلب جعفرٌ أن تكون عنده؛ لأن خالتَها أسماءَ بنتَ عميس عنده، وطلب زيدٌ أن تكون عنده؛ لأنه قد كان آخى بينَهما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لجعفرٍ؛ لأن خالتها (4) عنده، ثم زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم من سَلَمَةَ بْن أم سلمةَ، وقال حين زوجها:"هَلْ جُزِيتَ سَلَمَةُ؟ "؛ لأن سلمةَ هو الذي زوج أُم سلمة من النبي صلى الله عليه وسلم (5).
ونقل (6) عن محمد بْن نصر: أنها إذ ذاك كانت غيرَ مدركة.
(1)"سيدي أن" ليست في "ع".
(2)
في "ع": "الله به تعالى".
(3)
في "ع": "علي وزيد وجعفر".
(4)
في "م": "خالتهما".
(5)
انظر: "أسد الغابة"(7/ 24).
(6)
في "م": "وينقل".
وعن الكلبي: أن سلمة هلك قبل أن يجتمعا.
(وقال: الخالةُ بمنزلة الأُم): هذا الحديث أصلٌ في باب الحضانة، وصريح أن الخالة فيها كالأم عندَ عدمِ الأم، وسياقُ الحديث يدل على أنها بمنزلتها في الحضانة، وقد يستدل بإطلاقه من يُنزلها منزلةَ الأم في الميراث.
قال ابن دقيق العيد: إلا أن الأول أقوى؛ فإن السياق طريقٌ إلى بيانِ المجملات، وتعيينِ المحتملات (1)، وتنزيلِ الكلام على المقصود منه، وفهمُ ذلك قاعدةٌ كبيرة من قواعد أصول الفقه (2).
(قال لعلي: أنت مني وأنا منك، وقال لجعفر: أشبهت خَلْقي وخُلُقي (3)، وقال لزيد: أنت (4) أخونا ومولانا): مقالته لزيد هي من قوله تعالى (5): {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: 5]، والولاءُ المذكور هنا بمعنى الانتساب فقط، لا الموارثة؛ لأنه قد نسخ التوارث بالتبني والحلف، [فلم يبقَ من ذلك إلا انتسابُ الرجل إلى حلفائه ومعاقديه خاصة، وإلى من أسلم على يديه](6)، وهذا الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم لهؤلاء الجماعة من الكلامِ المطيِّبِ (7) لقلوبهم من حسن أخلاقِه عليه الصلاة والسلام.
(1)"وتعيين المحتملات" ليست في "ع".
(2)
انظر: "شرح عمدة الأحكام"(4/ 83).
(3)
"وخلقي" ليست في "ع".
(4)
"أنت" ليست في "ع".
(5)
في "ع": "من قول الله تعالى".
(6)
ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(7)
في "ع": "الطيب".