الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: لا يَقُولُ: فُلَانٌ شَهِيدٌ
(باب: لا يقال (1): فلانٌ شهيد): قيل: ليس في حديث الباب من معنى الشهادة شيء، وغاية ما قيل فيه:(ما أَجزأَ اليومَ منا أحدٌ كما أجزأَ فلانٌ)، يمدحون فعله وغَناءه، فأُوحي إليه بمغيبِ مآلِ (2) أمرِه حتى لا يَشهدوا لأحدٍ شهادةً (3) قاطعةً عند الله (4).
1599 -
(2898) - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْتَقَى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ فَاقْتَتَلُوا، فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَسْكَرِهِ، وَمَالَ الَآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ، وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ، لا يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً إلَّا اتَّبَعَهَا يَضْرُبهَا بِسَيْفِهِ، فَقَالَ: مَا أَجْزَأَ مِنَّا الْيَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزأَ فُلَانٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ". فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَنَا صَاحِبُهُ، قَالَ: فَخَرَجَ مَعَهُ كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ، وَإِذَا أَسْرعَ أَسْرعَ مَعَهُ، قَالَ: فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَوَضَعَ نصلَ سَيْفِهِ بِالأَرْضِ، وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أَشْهَدُ أنكَ رَسُولُ اللهِ، قَالَ:"وَمَا ذَاكَ؟ ". قَالَ: الرَّجُلُ الَّذِي ذَكَرْتَ آنِفًا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَأَعْظَمَ النَّاسُ
(1) في البخاري: "يقول".
(2)
في "ج": "ما آل".
(3)
في "ج": "شهادتهم".
(4)
انظر: "التنقيح"(2/ 647).
ذَلِكَ، فَقُلْتُ: أَنَا لَكُمْ بِهِ، فَخَرَجْتُ في طَلَبِهِ، ثُمَ جُرِحَ جُرْحاً شَدِيداً، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ في الأَرْضِ، وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ:"إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهْوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهْوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ".
(وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل): هو قُزْمان الظفريُّ، يكنى: أَبا الغيداق، وهو في عداد المنافقين، وكان قد غاب يومَ أُحد، فعيره النساء، فخرجَ وقاتلَ وبالغَ (1).
(شاذَّة ولا فاذَّة): إما نعتٌ لمحذوف؛ أي: نسمةً شاذةً، وإما للمبالغة؛ كعلَاّمة، والشاذةُ: ما شذتْ عن صوابها، وكذا الفاذَّةُ: هي المنفردةُ، يصفه بأنه (2) لا يرى شيئاً إلا أتى عليه، وقيل: ما صَغُر وما كَبُر، وقيل: الشاذةُ: ما كانت من القوم، ثم شذَّتْ منهم، والفاذَّةُ: من لم يختلط معهم أصلًا.
(فقال رجل من القوم: أنا صاحبه): هو أكثمُ بنُ أَبي الجَوْن، أو أكثمُ ابنُ الجون، ذكر في "أسد الغابة" حديثاً يدل عليه (3).
(وذبابه بين ثدييه): الذُّباب: الطَّرَفُ، وقيل: الحَدُّ.
وقال (4) ابن فارس: الثديُ للمرأة، ويقال للرجل: ثُنْدُؤَة: -بضم
(1) انظر: "التنقيح"(2/ 647).
(2)
في "ج": "فإنه".
(3)
انظر: "أسد الغابة"(1/ 170).
(4)
في "ع": "وقيل".
أوله مع الهمز (1)، وبفتحه مع واو خالصة بلا همز-؛ وقد مر (2).
(ذكرتَ آنِفاً): -بمد الهمزة-؛ أي: الساعةَ.
(ليعملُ بعمل أهل الجنة فيما يبدو للنَّاس): زيادة حسنة ترفعُ الإشكال من الحديث.
قال ابن المنير: الظاهرُ جواز إطلاق الشهادة، وقد أطلقها السلفُ والخلفُ بناءً على الظاهر، أما من استُشهد مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ كشهداء أُحدٍ وبَدْرٍ ونحوِهم، فلا خفاءَ به ظاهراً، والظاهر أن مَنْ بعدَهُم كذلك؛ إذ (3) لم يمنع أحدٌ (4) أن يقال فيمن قُتل في سبيل الله: استُشْهِد.
وقد أجمع الفقهاء أن شهيدَ المعترك لا يُغسل، [ويطلقونه عاماً وخاصاً، وللفقيه إذا سُئل عن مؤمنٍ قُتل كذلك أن يقول: هو شهيد، فلا يغسل](5)، والذي منعه النبي صلى الله عليه وسلم أن يطلقه الإنسان جزماً على الغيب، وهذا ممنوع حتى في زمانه عليه السلام[إلا بوحي خاص، وقد قال عليه السلام](6): "إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ مَادِحاً أَخَاهُ وَلَا بُدَّ، فَلْيَقُلْ: أَحْسَبُ، أَوْ أَظُنُّ، لا أُزَكِّي عَلَى اللهِ أَحَدًا"(7).
(1) في "ع" و"ج": "الهمزة".
(2)
انظر: "مجمل اللغة"(ص: 157). وانظر: "التنقيح"(2/ 647).
(3)
في "ج": "إذا".
(4)
في "ج": "أحدًا".
(5)
ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(6)
ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(7)
رواه مسلم (3000) عن أبي بكرة رضي الله عنه.