الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا كلُّه ما لم يَدْعُ إلى التزكية ضرورةٌ، فإن كانت شهادة في حق يُحكم بها، فلا خلافَ أن التزكيةَ على البَتِّ، ولو قال هنا: أظنُّ وأحسبُ؛ لأوردَهُ في غير موضعه؛ لأنه عليه الصلاة والسلام خَصَّ لفظَ الظنِّ بغير حال الشهادة في الحقوق، والإجماعُ يبينُ المراد (1)، وفي الشهادة تعبدات.
* * *
باب: التَّحْرِيضِ عَلَى الرَّمْي وقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: 60]
1600 -
(2899) - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ ابْنُ إسْمَاعِيلَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ رضي الله عنه، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسلَمَ يَنْتَضِلُونَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ؛ فَإِنَّ أبَاكُمْ كَانَ رَامِياً، ارْمُوا وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلَانٍ". قَالَ: فَأَمْسَكَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ بَأَيْدِيهِمْ، فَقَالَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"مَا لَكُمْ لَا تَرْمُونَ؟ "، قَالُوا: كَيْفَ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَهُمْ؟ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "ارْمُوا، فَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ".
(على نفرٍ من أَسْلَمَ يَنْتَضِلُون (2)): -بضاد معجمة-؛ أي: يَرْتَمون، والنضال: الرمي مع الأصحاب.
وقال ابن فارس: نَضَلَ فلانٌ فلاناً في المراماة: إذا غَلَبَه، وناضَلْتُ
(1) في "ج": "الموارد".
(2)
في "ع": "يتناضلون".
فلاناً فنَضَلْتُهُ؛ أي: غَلَبْتُهُ، وانْتَضَلَ القومُ وتَناضَلوا: إذا رَمَوْا بالسَّبْق (1).
(ارموا بنو (2) إسماعيل): فيه دليل لمن يقول من النسابة: اليمن من ولد إسماعيل.
قيل: ويمكن أن يكون أراد: بنوةَ (3) القوة؛ لأنهم رَمَوا مثلَ رميه (4).
(فأمسك أحدُ (5) الفريقين): قال المهلب: تأدباً مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ لئلا يرموا، فيسبقوا الطائفة التي هو عليه السلام معها.
قال ابن المنير: والظاهرُ أن إمساكهم؛ لاستشعارهم قوةَ قلوبِ أصحابِهم بالغَلَبَة (6)؛ إذ (7) كانت معهم بركةُ النبي صلى الله عليه وسلم وهِمَّتُه، وأيُّ سببٍ في الانتصار أعظمُ من ذلك؟ فوقفوا وقوفَ المغلوبين، فلما قال:"ارموا، وأنا معكم كُلِّكم"، وسوَّى بينهم (8) في صرفِ الهمةِ إلى الجميع، تساوتْ أقدامُهم حينئذٍ، فعادوا إلى الانتضال.
بقي أن يقال: إذا تقاوت البركةُ من الجانبين، وتعارضَتْ، فأين يظهر (9) أثرُها؟
(1) انظر: "مجمل اللغة"(ص: 870).
(2)
نص البخاري: "بني".
(3)
في "ج": "بنو".
(4)
انظر: "التنقيح"(2/ 648).
(5)
في "ج": "إحدى".
(6)
في "ع": "بالعلية".
(7)
في "ع" و"ج": "إذا".
(8)
في "ع": "أي: في".
(9)
في "ع": "فأين منها يظهر".
فيقال: يظهر أثرُها (1) إما في تساوي الجزأين جميعاً، فيصيب الكلُّ، ولا يُغْلَب أحدٌ منهم، وإما في (2) مجموع الجزأين إن ناضل أحدٌ منهم حزباً آخر، فتظهر البركةُ حينئذٍ مع مَنْ خصَّه الرسول بها.
وفيه (3) أصلٌ في جواز (4) الادِّعاء والانتماء إلى الإمام أو غيره من جِلَّةِ الناس في السابقةِ ونحوِها، مما هو من فن الجِدِّ لا اللعب.
* * *
1601 -
(2900) - حَدَّثَنَا أَبو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ، حِينَ صَفَفْنَا لِقُرَيْشٍ وَصَفُّوا لَنَا:"إِذَا أَكْثَبُوكُمْ، فَعَلَيْكُمْ بِالنَّبْلِ".
(عبد الرحمن بنُ الغَسيل): -بفتح الغين المعجمة-، سُمِّي غسيلًا (5)؛ لأن الملائكة غسلته.
(عن حمزةَ): بحاء مهملة وزاي.
(ابن أبي أُسَيْد): بضم الهمزة، مصغَّر (6).
(إذا أكْثبَوكم): -بمثلثة ثم موحدة-؛ أي: إذا جَعلوكم في كثب منهم،
(1)"فيقال يظهر أثرها" ليست في "ج".
(2)
"في" ليست في "ج".
(3)
في "ج": "وفي".
(4)
في "ج": "الجواز".
(5)
في "ع": "غسيل".
(6)
في "ع": "مذكر".