الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الشَّهَادَاتِ
(كتاب: الشهادات): قال القرافي في "قواعده"(1): أقمت نحو ثماني سنين أطلب الفرق بين الشهادة والرواية، وأسأل الفضلاءَ عنه، فيقولون: الشهادةُ يُشترط فيها: العددُ، والذكورية، والحرية؛ بخلاف الرواية، فأقول لهم: اشتراطُ ذلك فرعُ تصورِ الشهادة وتمييزها عن الرواية، فلو عُرفت بأثرها وأحكامها التي لا تُعرف إلا بعد معرفتها، لزمَ الدورُ، ولم أزل كذلك في شدةِ قلقٍ حتى طالعتُ "شرح البرهان" للمازري رضي الله عنه، فوجدته حقق المسألة، وميز بين الأمرين، فقال: هما خبران، غير أن المخبَرَ عنه إن كان عاماً لا يختص بمعين، فهو الرواية؛ نحو:"الأعمالُ بالنيات"، أو (2)"الشفعة فيما لم يُقسم" لا يختص بشخص معين، بل هو عام في كل الخلق والأعصار والأمصار؛ بخلاف قولِ العدلِ عند الحاكم: لهذا عندَ هذا دينار إلزامٌ (3) لمعينٍ لا يتعداه، فهذا هو الشهادة، والأولُ الرواية.
(1)"في قواعده" ليست في "ع".
(2)
في "ج": "و".
(3)
في "ج": "ألزم".
قال شيخنا أبو عبد الله بن عرفة رحمه الله: كان بعض شيوخنا يتعقب قول القرافي: "أقمتُ مدةَ كذا أطلبُ الفرقَ بينهما حتى وقفتُ على كلام المازري" بأن الفرقَ الذي ذكره مذكورٌ في أيسر الكتب المتداوَلَة بين مبتدئي الطلبة، وهو "التنبيه" لابن بشير.
قال في كتاب الصيام: لما كان القياس عند المتأخرين ردَّ ثبوتِ الهلالِ لبابِ الإخبار، إذ رأوا أن الفرقَ بين باب الخبر وباب (1) الشهادة: أن كل ما خَصَّ للمشهود عليه، فبابه بابُ (2) الشهادة، وكلَّ ما عمَّ، فلزم القائلَ منه ما يلزم غيره، فبابه بابُ الإخبار، جعلوا في المذهب قولةً بقبول خبر الواحد في الهلال.
قال شيخنا: وما ارتضاه، وتبع (3) فيه المازريَّ؛ من أن الشهادة هي الخبر المتعلِّق بجزئي، والروايةَ الخبرُ المتعلق بكلي، يُرَدُّ بأن الرواية تتعلق بالجزئي كثيراً؛ كحديث (4):"يُخرب الكعبةَ ذو السُّوَيقتين من الحبشة"(5)، والصواب: أن الشهادةَ قولٌ هو (6) بحيث يوجب على الحاكم سماعه الحكمَ بمقتضاه إن عُدِّلَ قائلُه مع تعدده، أو حلف الطالب، فتخرج الروايةُ، والخبرُ القسيمُ للشهادة، وإخبارُ القاضي بما ثبتَ عنده قاضياً آخرَ يجب
(1) في "ع": "وبين باب".
(2)
في "ع": "من باب".
(3)
في "ج": "وتبعه".
(4)
في "ع": "لحديث".
(5)
رواه البخاري (1591)، ومسلم (2909) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(6)
"هو" ليست في "ع" و"ج".