الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1480 -
(2648) - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ، فَأُتِيَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ أَمَرَ فَقُطِعَتْ يَدُهَا، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا، وَتَزَوَّجَتْ، وَكَانَتْ تَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
(أن امرأة سرقَتْ في غزوة الفتح): هي فاطمةُ بنتُ أبي الأسد المخزوميةُ التي أَهَمَّ شأنُها قريشاً، وشفعَ فيها أسامةُ.
ووقع لبعض الشارحين أنها فاطمةُ بنتُ الأسود، وهذا مرجوح، والراجح أنها بنت أبي الأسد، أو (1) بنت أبي الأسود (2) بن عبد الأسد بنتُ أخي أبي سلمةَ بنِ عبدِ الأسد.
* * *
باب: لا يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ جَوْرٍ إِذَا أُشْهِدَ
1481 -
(2650) - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَناَ عَبْدُ اللهِ، أَخْبَرَناَ أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما، قَالَ: سَأَلَتْ أُمِّي أَبِي بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ لِي مِنْ مَالِهِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ فَوَهَبَهَا لِي، فَقَالَتْ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَخَذَ بِيَدِي، وَأَنَا غُلَامٌ، فَأَتَى بِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنَّ أُمَّهُ بِنْتَ رَوَاحَةَ، سَأَلَتْنِي بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ لِهَذَا، قَالَ:"ألَكَ وَلَدٌ سِوَاهُ؟ "، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأُرَاهُ قَالَ: "لَا تُشْهِدْنِي
(1) في "ج": "و".
(2)
"أو بنت أبي الأسود" ليست في "ع".
عَلَى جَوْرٍ". وَقَالَ أَبُو حَرِيزٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: "لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ".
(عن النعمان بن بشير، قال: سألتْ أمي أبي (1) بعضَ الموهبة لي من ماله): أُمه هي عَمْرَةُ بنتُ رَواحةَ أختُ عبدِ الله بنِ رَواحة، كما جاء مصرَّحاً به في البخاري، والموهوبُ عبدٌ، أو أمة، كما جاء مصرَّحاً به أَيضاً.
وفي راوية: "غلام" من غير شك، وجاء في رواية:"حديقة"، وحملهما ابنُ حبان على حالتين.
(أبو حَرِيز): بحاءٍ مهملة فراء فياء فزاي (2)، على زنة سعيد.
(لا أشهدُ على جَوْر): استُدِلَّ به على تحريم التفضيل بين الأولاد في الهبات.
ومذهب مالك والشافعي -رحمهما الله-: أن التفضيل مكروه لا غير، وربما استُدل على ذلك بالرواية التي قيل فيها:"أَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي"؛ فإنها تقتضي إباحةَ إشهاد الغير (3)، ولا يُباح إشهادُ الغير إلا على أمرٍ جائز، ويكون امتناعُه عليه الصلاة والسلام من الشهادة على وجه التنزُّة، واستضعف هذا ابنُ دقيق العيد بأن الصيغة -وإن كان ظاهرها الإذن- إلا أنها مِشعرةٌ بالتنفير الشديد عن ذلك الفعل؛ حيث امتنع عليه الصلاة والسلام من مباشرة هذه الشهادة مُعَلِّلاً بأنها جَوْر، فتخرجُ (4) الصيغةُ عن
(1)"أبي" ليست في "ع".
(2)
"فزاي" ليست في "ع".
(3)
"الغير" ليست في "ع".
(4)
في "ع": "فيخرج".
ظاهر الإذن بهذهِ القرائن، وقد استعملوا مثل هذا اللفظ في مقصود التنفير (1).
قال المهلب: وفي هذا الحديث من الفقه: أن الإنسان لا يضع (2) اسمه في وثيقة لا تجوز، ومن العلماء من رأى جوازه بقصد (3) الشهادة على الممنوع ليُرَدَّ.
قال ابن المنير: إنما يريد لما يضع خطه في وثيقة بظاهر الجواز مع أن الباطن (4) باطل، وأما المساطير التي تكتب (5) لإبطال العقود الفاسدة بصيغة الاستدراك لا البناء، فلا خلافَ ولا خفاءَ في وجوب وضع الشهادة فيها، ولو وضع شهادته (6) في وثيقة كُتبت بظاهر الجواز، والعقدُ فاسد، زاد في خطه فقال (7): والأمرُ بينهما في ذلك محمول على ما يصححه الشرع من ذلك أو يبطله، ومثل هذا الوضع (8) لا يكاد يختلف فيه.
* * *
1482 -
(2651) - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ،
(1) انظر: "شرح عمدة الأحكام"(3/ 216).
(2)
في "ع": "يضيع".
(3)
في "ع": "يقصد".
(4)
في "ع": "الجواز".
(5)
في "ع": "يكتب".
(6)
في "ع": "بشهادته".
(7)
في "ع": "قال".
(8)
في "ج": "الموضع".
قَالَ: سَمِعْتُ زَهْدَمَ بْنَ مُضَرِّبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ". قَالَ عِمْرَانُ: لَا أَدْرِي، أَذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدُ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْماً يَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَنْذِرُونَ وَلَا يَفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ".
(خيركم قرني): القرنُ: أهلُ العصر متقاربةً أسنانُهم، مشتقٌّ من الاقتران في الأمر الذي يجمعهم.
ويقال: إنه لا يكون قرناً حتى يكونوا في زمان نبي أو رئيس يجمعهم على ملَّة و (1) رأي أو مذهب (2).
(يَشهدون ولا يُستشهدون): لا يعارض هذا حديث: "خَيْرُ (3) الشُّهَدَاءِ الَّذِي يَأتِي بِشَهَادَتِهِ (4) قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا"(5)؛ لأن الأولَ في حقوق الآدميين، وهذا في حقوق الله تعالى التي لا طالبَ لها.
قال الزركشي: وقيل (6): الأولُ في الشهادة على الغيب في أمر الخلق،
(1) في "ع": "أو".
(2)
انظر: "التنقيح"(2/ 582).
(3)
"خير" ليست في "ع" و"ج".
(4)
في "ع" و"ج": "بشهادة".
(5)
رواه مسلم (1719) عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه.
(6)
في "ع": "فقيل".
فيشهد (1) على قوم أنهم من أهل النار، ولآخرين (2) بغيره (3).
قلت: هذا مُشكل؛ لأن الذمَّ ورد في (4) الشهادة بدون استشهاد، والشهادةُ على الغيب مذمومٌ مطلقاً، سواءٌ كان باستشهادٍ، أو بدونه.
قال ابن المنير: وطابق هذا الحديث، أعني:"خيرُكم قرني" الترجمةَ، وهي قوله: بابٌ (5): لا يشهد على جَوْرٍ؛ لأن الحديث فيه ذمُّ المتسرع إلى الشهادة، الذي يَشهد قبل أن يُستشهد، ومثلُ هذا جدير بأن يَشهد على كل ما عُرِض عليه، وإن كان جَوْراً، ولا يتثبت، ولا ينصح الجائر فيصرفه عن الجور.
وانظر (6) إن (7) كان هذا تعديلاً منه عليه الصلاة والسلام للقرون الثلاثة والقرن الأول، فكيف حكم عمر رضي الله عنه بطلب التزكية، [وقد كان قرنُه حينئذٍ من القرن الأول أو (8) الثاني؟
والجواب: أن التزكية] (9) التامة إنما حصلت للقرن الأول بدليل قوله
(1) في "ع": "فليشهد".
(2)
في "ع": "والآخرين".
(3)
انظر: "التنقيح"(2/ 583).
(4)
"في" ليست في "ع".
(5)
"باب" ليست في "ع".
(6)
"وانظر" ليس في "ج".
(7)
في "ج": "وإن".
(8)
في "ع": "و".
(9)
ما بين معكوفتين ليس في "ج".
تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ} [الفتح: 18] مع قوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143]؛ أي: عدلاً خياراً، فشهد لهم الله ورسوله بالعدالة والرضا، فتمت التزكية فيهم.
قلت: تعليقُ تمامِ التزكية على شهادة الله ورسوله جميعاً محلُّ بحث لا يخفى عليك.
ثم قال: وأما مَنْ بعدهم، فما ثبت لهم إلا أنهم خيرٌ من الذين يتأخرون عنهم، ولا يلزم من ذلك التزكية.
(ويَنذِرون): بفتح حرف المضارعة وكسر الذال المعجمة وضمها.
وهذا لا يعارض حديثَ النهي عن النذر، وإنما هو تأكيد لأمره، وتحذير من التهاون به بعد إيجابه.
قال الزركشي: النذرُ: إيجابُك على نفسِك تبرعاً من عبادة أو صدقة أو غير ذلك (1).
قلت: هذا لا يتمشى على مذهبنا؛ فإنه ينطبق على نحو: إن فعلت كذا، فلله عليَّ طلاقُ زوجتي فلانَة؛ إذ يصدق (2) عليه أنه إيجاب تبرع، ولا يلزم الطَّلاق عندنا في مثل هذه الصورة؛ فإنه غير قربةٍ.
قال شيخنا ابن عرفة -رحمه الله تعالى-: النذرُ الأعم من الجائز: إيجابُ امرئٍ على نفسِه لله أمراً؛ لحديث: "مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ الله"(3)،
(1) انظر: "التنقيح"(2/ 583).
(2)
في "ع": "إذا تصدق".
(3)
رواه البخاري (6696)، عن عائشة رضي الله عنها.