الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عماراً، وكان أشبَّ الرجلين (1).
وفي "البيهقي" في فتح مكة بإسناده إلى زيد بن الحُباب، قال: حدثني عمرُو بنُ عثمانَ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ سعيدٍ المخزوميُّ، قال: حدثني جدي، عن أبيه: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أَمَّنَ الناسَ إلا هؤلاء الأربعة: ابنَ خطلٍ، ومقيسَ بنَ صبابةَ، وعبدَ الله بنَ أبي سرح، وابنَ نُقَيذٍ (2)، فأما ابنُ خطل، فقتله الزبيرُ بنُ العوام (3).
فحصلنا (4) أربعةَ أقوال في قاتل ابن خطل.
وفي "السيرة" لابن سيد الناس: إن قاتله سعيدُ بنُ حُرَيْثٍ المخزوميُّ وأبو برزة (5)، فهذا قول خامس.
* * *
باب: هَلْ يَسْتَأْسِرُ الرَّجُلُ؟ ومَنْ لَمْ يَسْتَأْسِرْ، وَمَنْ رَكَع رَكعَتَينِ عِنْدَ القَتْلِ
1663 -
(3045) - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَناَ شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ أَسيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ -وَهْوَ حَلِيفٌ لِبَنِي زُهْرَةَ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ-: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ
(1) انظر: "أسد الغابة"(2/ 413).
(2)
في "ع": وابن نفيذ".
(3)
رواه البيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 120).
(4)
في "ج": "فجعلنا".
(5)
انظر: "عيون الأثر"(2/ 195).
عَنْهُ- قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَشَرَةَ رَهْطٍ سَرِيَّةً عَيْناً، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ ابْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيَّ جَدَّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانوُا بِالْهَدْأَةِ، وَهْوَ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ، ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ، يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو لِحْيانَ، فَنَفَرُوا لَهُمْ قَرِيباً مِنْ مِئَتَيْ رَجُلٍ، كُلُّهُمْ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى وَجَدُوا مَأْكَلَهُمْ تَمْراً تَزَوَّدُوهُ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَقَالُوا: هَذَا تَمْرُيَثْرِبَ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ، فَلَمَّا رَآهُمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ، لَجَؤُوا إلَى فَدْفَدٍ، وَأَحَاطَ بِهِمُ الْقَوْمُ، فَقَالُوا لَهُمُ: انْزِلُوا وَأَعْطُونَا بِأَيْدِيكُمْ، وَلَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ، وَلَا نَقتُلُ مِنْكُمْ أَحَداً. قَالَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ: أَمَّا أَناَ، فَوَاللهِ! لَا أَنْزِلُ الْيَوْمَ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ، اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ، فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ، فَقَتَلُوا عَاصِماً فِي سَبْعَةٍ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ الأَنْصَارِيُّ، وَابْنُ دَثِنَةَ، وَرَجُلٌ آخَرُ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ، أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ فَأَوْثَقُوهُمْ، فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ: هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ، وَاللهِ! لَا أَصْحَبُكُمْ، إنَّ فِي هَؤُلَاءِ لأُسوَةً -يُرِيدُ: الْقَتْلَى-، فَجَرَّرُوهُ وَعَالَجُوهُ عَلَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ فَأَبَى، فَقَتَلُوهُ، فَانْطَلَقُوا بِخُبَيْبٍ وَابْنِ دَثِنَةَ حَتَّى بَاعُوهُمَا بِمَكَّةَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَابْتَاعَ خُبَيْباً بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَبِثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا، فَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عِيَاضٍ أَنَّ بِنْتَ الْحَارِثِ أَخْبَرتْهُ: أَنَّهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا اسْتَعَارَ مِنْهَا مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا، فَأَعَارَتْهُ، فَأَخَذَ ابْناً لِي وَأَناَ غَافِلَةٌ حِينَ أَتَاهُ، قَالَتْ: فَوَجَدْتُهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخِذِهِ، وَالْمُوسَى بِيَدِهِ، فَفَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ فِي وَجْهِي، فَقَالَ: تَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ ذَلِكَ، وَاللهِ! مَا رَأَيْتُ أَسِيراً قَطُّ خَيْراً مِنْ خُبَيْبٍ، وَاللهِ! لَقَدْ وَجَدْتُهُ
يَوْماً يَأْكُلُ مِنْ قِطْفِ عِنَبٍ فِي يَدِهِ، وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ فِي الْحَدِيدِ، وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرٍ، وَكَانَتْ تَقُولُ: إِنَّهُ لَرِزْقٌ مِنَ اللهِ رَزَقَهُ خُبَيْباً، فَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِي الْحِلِّ، قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ: ذَرُونِي أَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، فَتَرَكُوهُ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: لَوْلَا أَنْ تَظُنُّوا أَنَّ مَا بِي جَزَغٌ، لَطَوَّلْتُهَا، اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَداً:
ما أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِماً
…
عَلَى أَيِّ شِقٍّ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي
وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ
…
يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ
فَقَتَلَهُ ابْنُ الْحَارِثِ، فَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ سَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ لِكُلِّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْراً، فَاسْتَجَابَ اللهُ لِعَاصِم بْنِ ثَابِتٍ يَوْمَ أُصِيبَ، فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ خَبَرَهُمْ وَمَا أُصِيبُوا. وَبَعَثَ ناَسٌ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ إِلَى عَاصمٍ حِينَ حُدِّثُوا أَنَّهُ قُتِلَ لِيُؤْتَوْا بِشَيءٍ مِنْهُ يُعْرَفُ، وَكَانَ قَدْ قتُلَ رَجُلاً مِنْ عُظَمَائِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَبُعِثَ عَلَى عَاصِم مِثْلُ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ، فَحَمَتْهُ مِنْ رَسُولِهِمْ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى أَنْ يَقْطَعَ مِنْ لَحْمِهِ شَيْئاً.
(عَمْرُو بنُ أبي سفيانَ): -بفتح العين وسكون الميم-، كذا يقوله أكثرُ أصحاب الزهري، وقال آخرون: عُمر، بضم العين (1).
(ابنِ أَسِيدِ): بفتح الهمزة وكسر السين.
(ابنِ جارية): بالجيم.
(بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة رهطٍ سريةً عيناً): في "سيرة ابن هشام" أنه ستةٌ، وسماهم، وما في البخاري أصحُّ، قال: هم مَرْثَدُ بنُ أبي مرثد الغَنَويُّ،
(1) انظر: "التنقيح"(2/ 669).
وخالدُ بنُ البُكَير الليثيُّ، وعاصمُ بنُ ثابتِ بنِ أبي الأفلحِ، وخُبَيْبُ بنُ عَدِيٍّ، وزيدُ بنُ الدَّثِنَةِ، وعبدُ الله بنُ طارق حليفُ بني ظُفَرَ (1)، وقد عُدَّ منهم: مُغيثُ بنُ عبيدٍ البلويُّ حليف الأنصار.
(وأمّر عليهم عاصمَ بنَ ثابتٍ الأنصاريَّ جدَّ عاصم بنِ عمرَ بنِ الخطاب (2)): قال مصعبٌ الزهري وغيره (3): إنما هو خالُ عاصمٍ، لا جَدُّه؛ لأن عاصمَ بنَ عمرَ بنِ الخطاب أُمه جميلةُ بنتُ ثابتِ بنِ [أبي] الأفلح أختُ عاصمِ بنِ ثابتٍ، وكان اسمها عاصية، [فسماها النبي صلى الله عليه وسلم جميلةَ](4).
(بالهَدْأة): بفتح الهاء وإسكان الدال المهملة بعدها همزة.
ويروى: "بالهَدَةِ"، بإسقاط الهمزة مع تخفيف الدال، ومنهم من يشددها (5).
(بنو لِحْيان): هو ابنُ هذيلِ بنِ مُدْرِكَةَ بنِ إلياسَ بنِ مُضَرَ -بكسر اللام-. وحكى صاحب "المطالع" فتحها.
وعند الدمياطي: أنهم بقايا جُرْهُم (6).
(خُبيب): بضم الخاء المعجمة، مصغَّر.
(و (7) ابن الدَّثِنَة): بفتح الدال المهملة وكسر المثلثة وتخفيف النون،
(1) انظر: "سيرة ابن هشام"(4/ 122).
(2)
كذا في رواية أبي ذر الهروي، وفي اليونينية:"عمر"، وهي المعتمدة في النص.
(3)
"وغيره" ليست في "ع".
(4)
ما بين معكوفتين ليس في "ج"، وانظر:"التنقيح"(2/ 670).
(5)
انظر: "التنقيح"(2/ 670).
(6)
انظر: "التوضيح"(18/ 267).
(7)
الواو ليست في "ع" و"ج".
وقد تشدد، وقد تسكن الثاء.
(يأكل من قِطْفِ عنبٍ في (1) يده، وإنه لموثقٌ في الحديد، وما بمكةَ من ثمرٍ (2)): قال المهلب: هذا يمكن أن يكون آية لله عز وجل على الكفار، وبرهاناً لنبيه عليه الصلاة والسلام، وتصحيحاً لرسالته عند الكافرةِ وأهلِ بلدها الكفار، وأما من يدَّعي اليومَ مثلَ هذا بين ظهراني المسلمين، فليس لذلكَ (3) وجهٌ، والمنع (4) من ذلك (5) لازم؛ لما فيه من إدخال الريب في قلوب أهل التقصير.
قلت: هذا يسدُّ بابَ الكرامة، والحقُّ ثبوتُها.
ثم قال (6): وقد أخبرني أبو عمران الفقيه الحافظُ بالقيروان: أنه وَقَّفَ أبا بكر بنَ الطيبِ الباقلاني (7) على تجويزه لهذه المعجزات، فقال له: أرأيتَ إن قالت لنا المعتزلة: إن برهاننَا على تصحيح مذهبنا وما ندَّعيه من المسائلِ المخالفةِ لكم ظهورُ هذه الآية على يد رجلٍ صالحٍ منا؟
قال أبو عمران: فأطرق عني، ومَطَلني بالجواب، ثم اقتضيته في مجلس آخر، فقال لي: كل من اعترض في هذه الأشياء شيئاً من الدين، أو
(1) في "ع": "وما في".
(2)
في "ع": "ثمرة".
(3)
في "ج": "كذلك".
(4)
في "ج": "ووجهه المنع".
(5)
في "ج": "لذلك".
(6)
"ثم قال" ليست في "ع" و"ج".
(7)
في "ع" و"ج": "أبا بكر البالقاني".
من السُّنن، أو ما عليه صحيحُ العلم، فلا يُقبل أصلاً على أي طريقٍ كان، فهذا ما رجعَ إليه ابنُ (1) الطيب (2).
قلت: المسألة التي فرضها الشيخ أبو عمران هي (3) مسألةُ ظهور المعجزة على يد الكاذب، وهو مستحيل عقلاً أو عادة، فإذا قال المعتزلي: آيةُ (4) صحة مذهبي في معتقدي (5) المخالفِ لكم أن أفعل كذا، لم يُتصور أن يقع ذلك أبداً، وأين هذا من كرامات الأولياء؟ فهي، وإن كانت أمراً خارقاً للعادة، فليست مقرونةً بالتحدي، ولو تحدَّى بها الوليُّ، لم يكن ولياً، ولم تجرِ على يده أصلاً، فتأمله (6).
(اللهمَّ أَحْصِهم عَدَداً): أي: عُمَّهُم (7) بالهلاك بقوله: لا تُبْقِ (8) منهم أحداً.
(واقتلْهم بَدَداً): -بفتح الباء-، والبَدَدُ: التفرُّق، وإنما أخرجوه من الحرم؛ لأنهم كانوا لا يحلونه.
(ولست أُبالي): أي: إذا قُتلت (9) وأنا مسلم، فلا أكترثُ بما جاءني،
(1)"ابن" ليست في "ج".
(2)
انظر: "التوضيح"(18/ 271 - 272).
(3)
"هي" ليست في "ع".
(4)
في "ج": "أنه".
(5)
في "ع": "في معتقد".
(6)
"فتأمله" ليست في "ع" و"ج".
(7)
في "ع": "أعمهم".
(8)
في "ع": "لا يبقى".
(9)
في "ع": "قبلت".
والمَصْرَعُ: موضعُ سقوط الميت.
(وذلك (1) في ذاتِ الإله): فيه جوازُ إضافة الذاتِ إلى الله، وقد منعه كثيرون، أو الأكثرون؛ لأن التاء للتأنيث، ويجاب بالمنع (2)، وسيأتي فيه كلام إن شاء الله تعالى.
(على أوصال): جمع وَصْلٍ، وهو العُضْوُ.
(شِلْو): -بكسر الشين المعجمة وإسكان اللام-: بقيةُ الجسم.
(ممزَّع): مُقَطَّع مُفَرَّق.
(قُتل صبراً): أي: مصبوراً محبوساً للقتل.
(وكان قد قتل رجلاً من عظمائهم يومَ بدرٍ): في "السيرة": لما قُتل عاصمٌ، أرادت هذيلٌ أخذَ رأسه؛ ليبيعوه من سُلافَةَ بنتِ سعيد، وكانت نذرتْ حين أصابَ ابنيها (3) يومَ أحدٍ: لئن قدرتْ على رأسِ عاصمٍ لتشربنَّ الخمرَ في قحفه، فمنعته (4) الدَّبْرُ (5)، وما في البخاري أصحُّ.
ولعل المقتولَ من عظماء الكفار في بدر عقبةُ بنُ أبي معيط؛ فإن أهلَ السير قالوا في غزوة بدر: إن عاصماً قتلَه صبراً بأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
(1) في "ج": "وذاك".
(2)
في "ع": و"يجاب بأن المنع"، انظر:"التنقيح"(2/ 671) وقال: ويجاب بأنه قد ورد، فلا تكون التاء للتأنيث.
(3)
في "ع" و"ج": "ابنها".
(4)
في "ج": "فمنعه".
(5)
انظر: "سيرة ابن هشام"(4/ 124).