الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإطلاقُ الفقهاء على المحرَّمِ نذراً (1)، وأخصّه المأمورُ بأدائه التزامُ طاعةٍ (2) بنيةِ قربةٍ، لا امتناعٌ من أمر، هذا يمين (3).
(ويظهر فيهم السِّمَن): بكسر السين المهملة وفتح الميم، ومعناه: عِظَمُ حرصِهم على الدنيا والتمتعِ بملذاتها (4) وإيثارِ شهواتها، والترفُّهِ في نعيمها حتى تسمنَ (5) أجسادُهم.
وقيل: المراد: تَكَثُّرهم بما ليس فيهم، وادعاؤهم لشرفٍ (6) ليس لهم (7).
وقيل: المراد: جمعُهم المال (8).
* * *
باب: مَا قِيلَ فِي شَهَادَةِ الزُّورِ
لِقَوْلِ اللهِ عز وجل: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} [الفرقان: 72].
وَكِتْمَانِ الشَّهَادَةِ: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ
(1) في "م": "نذر".
(2)
في "ع" و"ج": "طاعته".
(3)
وانظر: "مواهب الجليل" للحطاب (3/ 316).
(4)
في "ج": "بلذاتها".
(5)
في "ع": "يسمن".
(6)
في "ع" و"ج": "الشرف".
(7)
"ليس لهم" ليست في "ج".
(8)
انظر: "التنقيح"(2/ 583).
بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [البقرة: 283]. {تَلْوُاْ} [النساء: 135]: أَلْسِنَتَكُمْ بِالشَّهَادَةِ.
({وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283]): قال الزمخشري ما حاصلُه: إنما لم يكتف بقوله: آثمٌ حتَّى أضافه إلى القلب؛ لأن الذنبَ هنا كتمانُ الشهادة، وهو [من] أعمال القلوب، فاضيف إلى محله الخاص، كما يؤكد الرواية فيقول: سمعتْه أُذناي، ووسماه قَلبي (1).
* * *
1483 -
(2653) - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُنِيرٍ، سَمِعَ وَهْبَ بْنَ جَرِيرٍ، وَعَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْكَبَائِرِ، قَالَ:"الإِشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَشَهَادةُ الزُّورِ".
(سئل عن الكبائر): هي جمعُ كبيرة، وقد اختُلف في حَدِّها، فقيل: هي المعصيةُ الموجبةُ لحدٍّ.
وقيل: ما لحق صاحبَها وعيدٌ شديد بنصِّ كتابٍ أو سُنة.
وقيل: ما آذنَ بقلَّةِ اكتراثِ مرتكبه بالدين.
وقيل: ما نص الكتابُ على تحريمه، أو وجبَ في جنسه حدّ.
هذا ما ذكروه في الضبط، والتفصيلُ مستوعَبٌ في الفقهيات.
* * *
(1) رواه البخاري (4295)، ومسلم (1354) عن أبي شريح العدوي. وانظر:"الكشاف" للزمخشري (1/ 357).
1484 -
(2654) - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ " ثَلَاثًا، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ:"الإِشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ" -وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئاً، فَقَالَ:- "أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ". قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ.
(ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟): يدل على انقسام الكبائر في عِظَمها إلى كبيرٍ وأكبرَ، ولا يلزم من كونِ هذه أكبرَ الكبائر استواءُ رتبتها هي (1) في نفسها؛ كما إذا قلت: زيدٌ وعمرٌو أفضلُ من بكر؛ فإنه لا يقتضي استواءَ زيد وعمرٍو في الأفضلية أن قد يكونان متفاوتين فيها، وكذلك هنا؛ فإن الإشراك أكبرُ الذنوب المذكورة في الأحاديث التي (2) ذُكر فيها الكبائر.
(وجلس وكان متكئاً): فيه حجةٌ لمن قال: الجلوسُ للنائم، والقعودُ للقائم.
(فقال: ألا وقولُ الزور): هذا محمول على شهادة الزور، كما جاء في الحديث الآخر؛ لأنا لو حملناه على عمومه، لزم أن تكون الكذبة الواحدة مطلقاً كبيرةً، وليس كذلك، فقد نص الفقهاء على (3) أن الكذبة الواحدة وما يقاربها لا تُسقط العدالة، ولو كانت كبيرةً، لأسقطتها.
(1)"هي" ليست في "ع" و"ج".
(2)
في "ج": "الذي".
(3)
"على" ليست في "ع".
ومراتبُ الكذب تتفاوت بحسب (1) تفاوت مفاسده.
قال ابن دقيق العيد: وقد نص في الحديث الصَّحيح على أن الغيبة والنميمة كبيرة، والغيبة عندي تختلف بحسب القول المغتاب به، فالغيبةُ بالقذف كبيرة؛ لإيجابها الحدَّ، ولا تساويها الغيبةُ بقبح الخلقة مثلًا (2)، أو قبحِ بعضِ الهيئة في اللباس مثلاً.
واهتمامه عليه السلام بأمر شهادة الزور يحتمل أن يكون؛ لأنها أسهلُ وقوعاً على الناس، والتهاونُ بها أكثرُ، فمفسدتها أيسرُ وقوعاً (3)، ألا (4) ترى أن المذكور معها هو الإشراك بالله، ولا يقع فيه مسلم، وعقوقُ الوالدين، والطبعُ صارفٌ عنه، وأما قول الزور، فإن الحوامل (5) عليه كثيرة؛ كالعداوة وغيرها، فاحتيج إلى الاهتمام بتعظيمه، وليس ذلك لعظمه بالنسبة إلى ما ذُكر معه -وهو الإشراك- قطعاً (6).
(الجُريريُّ): بجيم مضمومة وياء تصغير بين راءين، منسوبٌ إلى جَرير بن عُبادة.
* * *
(1)"تتفاوت بحسب" ليست في "ع" و"ج".
(2)
"مثلاً" ليست في "ع".
(3)
في "ع": "وقوعها".
(4)
في "ع": "لا".
(5)
في "ج": "الزور فالحوامل".
(6)
انظر: "شرح عمدة الأحكام"(4/ 173).