الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(قال ابن الزبير لابن جعفر: أتذكر إذ تلقينا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أنا وأنت وابنُ عباس؟ قال: نعم، فحملَنا، وتركَك): فهم الداودي أن: (فحملَنا وتركَك) من بقية قول ابنِ جعفر (1)، وفي "أفراد مسلم"، و"مسند أحمد": أن عبد الله بن جعفر قال ذلك لابن الزبير (2).
قال ابن الملقن: والظاهر أنه انقلب على الراوي؛ كما نبّه عليه ابن الجوزي في "جامع المسانيد"(3).
* * *
باب: مَا يَقُولُ إِذَا رَجَعَ مِنَ الغَزْوِ
1685 -
(3084) - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ ناَفِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَفَلَ، كَبَّرَ ثَلَاثاً، قَالَ:"آيِبُونَ إِنْ شَاءَ اللهُ تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، حَامِدُونَ، لِرَبِّنَا سَاجِدُونَ، صَدَقَ اللهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ".
(آيبون إن شاء الله، تائبون، عابدون، حامدون، لربنا ساجدون): قال ابن بطال: لا تتعلق المشيئة بقوله: "آيبون"؛ لوقوع الإياب، وإنما يتعلق بباقي الكلام الذي لم يقع بعد، والنبي صلى الله عليه وسلم قد تقرر عنده أنه لا يزال ثابتاً عابداً ساجداً، لكن هذا هو أدبُ الأنبياء عليهم السلام، يُظهرون الافتقارَ إلى الله تعالى مبالغةً في شكره، وإن علموا حقيقة مقامهم الشريف
(1) المرجع السابق، (2/ 681).
(2)
رواه مسلم (2427)، وأحمد في "مسنده"(1/ 203).
(3)
انظر: "التوضيح"(18/ 351).
عنده (1)، وأنهم آمنون مما يخافه غيرهم (2).
قال ابن المنير: والظاهرُ أن المشيئة إنما عَلَّق عليها الإيابَ خاصة، وقول الشارح: قد وقع، فلا تعلق، وهمٌ؛ لأن الإياب المقصود (3) إنما هو الرجوع الموصول إلى نفس الموطن، وهو مستقبل بعدُ، ولا (4) يصح أن (5) يعلِّقَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بقيةَ الأفعال على المشيئة؛ لأنه قد حَمِدَ الله تعالى ناجزاً، وعَبَده دائماً، ولو كان كما وقع للشارح؛ لاستدل (6) به القائلون بتقييد (7) الإيمان بالمشيئة، وكان دليلاً بطريق الأولى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم واثقٌ بالخاتمة، موقِنٌ بها، فلو جاز له ذلك، لجاز لمن لا يثق بالخاتمة أحرى وأولى، ولا يستقيم أيضاً؛ فإن الإيمان إنما علقه على المشيئة باعتبار الخاتمة، وأما العمل الناجز، فلا (8) ينبغي تعليقه (9) على المشيئة، ولو صلى إنسانٌ الظهرَ فقال: صليت إن شاء الله؛ لكان غلطاً منه؛ لأن الله قد شاء له أن يصلي وصلَّى، فلا يتشكك في معلومٍ، وبعضُ الصوفية لا يقول: حججتُ، ولكن يقول: وصلتُ مكة (10)، وهذا تنطُّع أجمعَ السلفُ على خلافه.
(1) في "ع": "عندهم".
(2)
انظر: "شرح ابن بطال"(5/ 242).
(3)
في "ع": "المقصودة".
(4)
في "ع" و"ج": "فلا".
(5)
"أن" ليست في "ج".
(6)
في "ع": "لا استدل".
(7)
في "ج": "وتقييد".
(8)
في "ج": "فما".
(9)
في "ع" و"ج": "تعلقه".
(10)
في "ع" و"ج": "وصلت إلى مكة".
1686 -
(3085) - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيىَ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم مَقْفَلَهُ مِنْ عُسْفَانَ، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَقَدْ أَرْدَفَ صَفِيَّهَ بِنْتَ حُيَيٍّ، فَعَثَرَتْ نَاقَتُهُ، فَصُرِعَا جَمِيعاً، فَاقْتَحَمَ أَبُو طَلْحَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ، قَالَ:"عَلَيْكَ الْمَرْأَةَ". فَقَلَبَ ثَوْباً عَلَى وَجْهِهِ وَأَتَاهَا، فَأَلْقَاهَا عَلَيْهَا، وَأَصْلَحَ لَهُمَا مَرْكَبَهُمَا فَرَكِبَا، وَاكْتَنَفْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ:"آيِبُونَ تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ". فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ.
(مُقْفَلَه من عُسفان): قال الدمياطي: ذكرُ عُسفانَ مع قضية (1) صفيةَ وهمٌ؛ لأن غزوة (2) عُسفان إلى بني لحيان كانت سنة ست، وغزوة خيبر كانت في سنة سبع، وإرداف صفيةَ مع النبي صلى الله عليه وسلم ووقوعهما (3) كان فيها (4).
(عليك المرأةَ): -بالنصب على الإغراء-، ولقد أحسنَ أبو طلحة كلَّ الإحسان في قلب الثوب على وجهه لما قصدها (5).
* * *
(1) في "ج": "قصة".
(2)
"غزوة" ليست في "ع".
(3)
في "ج": "ووقوعها".
(4)
انظر: "التنقيح"(2/ 681).
(5)
المرجع السابق، الموضع نفسه.