الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْخُمُسَ لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ
1703 -
(3133) - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا أَيُوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ عَاصِمٍ الْكُلَيْبِيُّ -وَأَناَ لِحَدِيثِ الْقَاسِمِ أَحْفَظُ-، عَنْ زَهْدَمٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي مُوسَى، فَأُتِيَ -ذَكَرَ دَجَاجَةً- وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللهِ أَحْمَرُ كَأَنَّهُ مِنَ الْمَوَالِي، فَدَعَاهُ لِلطَّعَامِ، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئاً فَقَذِرْتُهُ، فَحَلَفْتُ لَا آكُلُ، فَقَالَ: هَلُمَّ فَلأُحَدِّثْكُمْ عَنْ ذَاكَ، إِنِّي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ، فَقَالَ:"وَاللهِ! لَا أَحْمِلُكُمْ، وَمَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ". وَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِنَهْبِ إِبِلٍ، فَسَأَلَ عَنَّا، فَقَالَ:"أَيْنَ النَّفَرُ الأَشْعَرِيُّونَ؟ "، فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَا، فَلَمَّا انْطَلَقْنَا، قُلْنَا: مَا صَنَعْنَا؟ لَا يُبَارَكُ لَنَا، فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ، فَقُلْنَا: إِنَّا سَأَلْنَاكَ أَنْ تَحْمِلَنَا، فَحَلَفْتَ أَنْ لَا تَحْمِلَنَا، أَفَنَسِيتَ؟ قَالَ:"لَسْتُ أَناَ حَمَلْتُكُمْ، وَلَكِنَّ اللهَ حَمَلَكُمْ، وَإِنِّي وَاللهِ -إِنْ شَاءَ اللهُ- لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا، إِلَاّ أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَتَحَلَّلْتُهَا".
(باب: ومن الدليل على أن الخمسَ لنوائب المسلمين. . . إلى آخره):
(قال: وحدثني القاسم بنُ عاصم الكُلَيْبيُّ): -بضم الكاف- نسبةً إلى (1) كليب (2) بن يربوعِ بنِ حنظلة، والضمير المستتر في "قال" عائد على أيوب.
(1)"إلى" ليست في "ج".
(2)
في "ع" و"ج": "الخطيب".
(زَهدَم): بزاي ودال مهملة، على وزن جعفر.
(فأُتي -ذَكرَ دَجاجة-): ضبطه بفتح الدال، والدجاج مثلث الدال.
(غُرِّ الذُّرَا): أي: بِيضِ الأسنمة من سِمنهنَّ وكثرةِ شحومهنَّ، والذُّرا: جمعُ ذُروة، وذروةُ كلِّ شيء: أعلاه.
(لست أنا (1) حملتُكم، ولكنَّ الله حملَكم): يحتمل أن يريد إزالة المنة عليهم بإضافة النعمة إلى الله، ولو لم يكن له في ذلك صنعٌ، لم يحسُنْ هنا إيرادُ قوله:"وإني -واللهِ إن شاء الله- لا أحلفُ على يمينٍ، فأرى غيرَها خيراً منها، إلا أَتيتُ الذي هو خيرٌ، وتحللتها".
ويحتمل أن يكون أُنْسِيَها (2).
ويحتمل أن اليمين (3) كانت إلا أن يَرِدَ عليه (4) ما يحملُهم، فيحملهم (5).
* * *
1704 -
(3134) - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَناَ مَالِكٌ، عَنْ ناَفِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ سَرِيَّةً فِيهَا عَبْدُ اللهِ قِبَلَ نَجْدٍ، فَغَنِمُوا إِبِلاً كَثِيراً، فَكَانَتْ سِهَامُهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيراً، أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيراً، وَنُفِّلُوا بَعِيراً بَعِيراً.
(1)"أنا" ليست في "ع".
(2)
في "ع": "أنيسها".
(3)
في "ج": "أن يكون اليمين".
(4)
في "ج": "كانت في الإيراد عليه".
(5)
انظر: "التنقيح"(2/ 693).
(فغنموا إبلاً كثيرة (1)، فكانت سهمانهم اثني عشرَ بعيراً، أو أحدَ عشرَ بعيراً، ونُفِّلوا بعيراً بعيراً): السُّهمان -بضم السين-: جمعُ سهم -بفتحها (2) -، وهو النصيب، والإتيان بحرف الشك يحتمل أنه لأجل أنه شك في السهمان كانت اثني (3) عشر بعيراً، [أو أحد عشر بعيراً، ويحتمل أن يكون؛ لأنه شك هل كانت اثني عشر](4)، ونفلوا بعيراً بعيراً زائداً، أو كانت أحد عشر، ونُفل (5) كلٌّ منهم بعيراً، فيكون مجموعُ ما حصل من سهم ونافلة اثني عشر.
وبيّن البخاري من غير حديث مالك: أنهم بلغت سهامهم (6) اثني عشر بعيراً، فيكون الحاصل لكل منهم بالنافلة ثلاثةَ عشرَ.
قال ابن بطال: غرضُ البخاري من هذا الباب: أن يبين أن إعطاء النبي صلى الله عليه وسلم في نوائب المسلمين إنما كان من الفيء والخمسِ اللذين أمرهما مردود إليه، وأن يرد على الشافعي في قوله: إن الخمس مقسومٌ على خمسة أسهم، وحاول الاحتجاج على ذلك بأنه عليه السلام حين تحللَ المسلمين من سَبْي هوازن، ووعدَهم بالتعويض من (7) أول ما يفيء الله عليه، إنما أشار إلى الخمس؛ إذ من المعلوم أن أربعة أخماس للغانمين،
(1) كذا في رواية الأصيلي، وفي اليونينية:"كثيراً"، وهي المعتمدة في النص.
(2)
في "ج": "وبفتحها".
(3)
في "م": "اثنا".
(4)
مابين معكوفتين ليس في "ج".
(5)
في "ع": "ونقل".
(6)
في "ع": "سهمانهم".
(7)
"من" ليست في "ع" و"ج".
فبان أن الخمس لو كان مقسوماً على خمسة، لم يفِ خُمْسُه بما وعد به.
وقد ذكر أهل السير: أن هوازن لما أتت لقتال النبي صلى الله عليه وسلم، أتوا بالإبل والشاءِ (1) والنساءِ والذريةِ وجميعِ أموالهم، أفترى خمسَ الخمسِ يفي بالعوض من ذلك؟ (2)
قال ابن المنير: هذا تحجير لواسع، والمستقبلُ غيبٌ، ولا يمتنع (3) أن يفتح الله عليه بأضعاف ما وعد به {قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ} [الإسراء: 100].
ثم إن الأكثرين طابت نفوسُهم بغير عِوَض على ما صحَّ في السير؛ إنما الذي لا حيلة للمخالف فيه قوله: فكانت للمختلف فيه: "فكانت سهماننا (4) اثني عشر بعيراً، ونفلنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بعيراً بعيراً"(5)، فهذا لا يقتضي الحال فيه في غنيمة هذه السرية أن يفي (6) خمسُ الخمسِ بما يعود عليهم ببعير بعير أبداً، وانضبط الحساب هنا؛ لأنا علمنا نصيبَ كلِّ واحدٍ من أربعة الأخماس، وهو اثنا عشر، ومتى كان ذلك كذلك، استحال أن يفي خمسُ الخمس بجميع العدد ببعير بعير، ويفرض عدد السرية مئة نفر نابهم (7) في أربعة الأخماس ألف ومئتان، فيكون الخمسُ من الأصل
(1)"والشاء" ليست في "ع" و"ج".
(2)
انظر: "شرح ابن بطال"(5/ 297).
(3)
في "ع": "يمنع".
(4)
في "ع": "سهمانها".
(5)
رواه البخاري (4338).
(6)
في "ع": "بقي".
(7)
في "ع": "بأنهم".
ثلاثَ مئة، خُمُسها ستون (1)؛ وستون لا يفي بمئة واحداً واحداً، وهكذا كيف (2) ما فرضتَ العددَ، قليلاً أو كثيراً (3)، حتى زعم بعضُهم؛ ليتخلص من هذا الإلزام: أن جملة السهمان اثني عشر، قيل له: فيكون خمس هذه الغنيمة إذن ثلاثة أبعرة، وقد قال:"نفلنا بعيراً بعيراً"، فيكون عددُ السرية كلِّها ثلاثةَ رجال، وهذه مكابرة ومعاندة؛ لقوله:"فغنمنا إبلاً كثيرة"، ولا يقال هذا في خمسةَ عشرَ.
على أن منذرَ بن سعيدٍ نقل عن مالك: أن النفل من خمس الخمس ليس إلا، وهو نقل شاذ لا يعرفه أصحاب (4) مالك.
* * *
1705 -
(3136) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه، قَالَ: بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ، فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ، أَناَ وَأَخَوَانِ لِي، أَناَ أَصْغَرُهُمْ، أَحَدُهُمَا أَبُو بُرْدَةَ، وَالآخَرُ أَبُو رُهْمٍ، إِمَّا قَالَ: فِي بِضْعٍ، وَإمَّا قَالَ: فِي ثَلَاثَةٍ وَخَمْسِينَ، أَوِ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ رَجُلاً مِنْ قَوْمِي، فَرَكِبْنَا سَفِينَةً، فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ بِالْحَبَشَةِ، وَوَافَقْنَا جَعْفَرَ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابَهُ عِنْدَهُ، فَقَالَ جَعْفَرٌ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَنَا هَاهُنَا،
(1)"ستون" ليست في "ج".
(2)
"كيف" ليست في "ج".
(3)
في "ج": "العدد كثيراً أو قليلاً".
(4)
في "ع": "إلا أصحاب".
وَأَمَرَنَا بِالإِقَامَةِ، فَأَقِيمُوا مَعَنا، فَأَقَمْنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا جَمِيعاً، فَوَافَقْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، فَأَسْهَمَ لَنَا، أَوْ قَالَ: فَأَعْطَانَا مِنْهَا، وَمَا قَسَمَ لأَحَدٍ غَابَ عَنْ فَتْحِ خَيْبَرَ مِنْهَا شَيْئاً، إِلَاّ لِمَنْ شَهِدَ مَعَهُ، إِلَاّ أَصحَابَ سَفِينَيِنَا مَعَ جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ، قَسَمَ لَهُمْ مَعَهُمْ.
(يُريد بن عبد الله): بموحدة مضمومة.
(أبو رُهْم): بضم الراء وإسكان الهاء.
(وما قسم لأحد غابَ عن فتح خيبرَ منها شيئاً، إلا لمن شهدَ معه، إلا أصحابَ سفينتنا): الاستثناء الأول منقطع، والثاني متصل، والإخراج فيه من الجملة الأولى.
وهذا الحديث ظاهرُه عدمُ المطابقة للترجمة؛ فإن الظاهر كونُه عليه السلام قسم لأصحاب السفينة مع (1) أصحاب الغنيمة من الغانمين، وإن كانوا غائبين؛ تخصيصاً لهم، لا من الخمس؛ إذ (2) لو كان منه، لم (3) تظهر الخصوصية، والحديث ناطق بها (4).
ووجه الاستدلال: أنه إذا جاز أن يجتهد الإمام في أربعة أخماس الغانمين، فلأن (5) يجوز اجتهادُه في الخُمْس الذي لا يستحقُّه مُعَيَّنٌ بطريق
(1) في "م": "من".
(2)
في "ج": "لا إذ".
(3)
"لم" ليست في "ع".
(4)
انظر: "المتواري"(ص: 195).
(5)
في "ج": "فلا".
الأولى، وقولنا: لا يستحقُّه معينٌ؛ أي: وإن استحقه أنواعٌ وأصنافٌ على مذهب المخالف، إلا أنه لا يخالف في أنه لا يستحقُّه أشخاص، وما يستحقُّه الأشخاصُ أبعدُ أن يتصرف فيه بالاجتهاد مما يستحقه الأنواع، كذا في "الصبح الصادع".
* * *
1706 -
(3137) - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، سَمِعَ جَابِراً رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ قَدْ جَاءَنِي مَالُ الْبَحْرَيْنِ، لَقَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا، وَهَكَذَا، وَهَكَذَا". فَلَمْ يَجِئْ حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ، أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ مُنَادِياً فَنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَيْنٌ أَوْ عِدَةٌ، فَلْيَأْتِنَا، فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِي كَذَا وَكَذَا، فَحَثَا لِي ثَلَاثاً وَجَعَلَ سُفْيَانُ يَحْثُو بِكَفَّيْهِ جَمِيعاً، ثُمَّ قَالَ لَنَا: هَكَذَا قَالَ لَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ.
وَقَالَ مَرَّةً: فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ، فَسَأَلْتُ فَلَمْ يُعْطِنِي، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَلَمْ يُعْطِنِي، ثُمَّ أَتَيْتُهُ الثَّالِثَةَ، فَقُلْتُ: سَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي، ثُمَّ سَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِتِي، ثُمَّ سَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي، فَإِمَّا أَنْ تُعْطِينَي، وَإِمَّا أَنْ تَبْخَلَ عَنِّي، قَالَ: قُلْتَ: تَبْخَلُ عَلَيَّ؟ مَا مَنَعْتُكَ مِنْ مَرَّةٍ إِلَاّ وَأَناَ أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَكَ.
قَالَ سُفْيَانُ: وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرٍ: فَحَثَا لِي حَثْيَهً وَقَالَ: عُدَّهَا، فَوَجَدْتُهَا خَمْسَ مِئَةٍ، قَالَ: فَخُذْ مِثْلَهَا مَرَّتَيْنِ.
وَقَالَ -يَعْنِي: ابْنَ الْمُنْكَدِرِ-: وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنَ الْبُخْلِ؟!
(لو قد (1) جاءني مالُ البحرين، قد أعطيتك، فحثى لي حثية): قال الزركشي: هذا يقتضي أن ما يؤخذ باليدين يسمى حثية، والمعروف في اللغة: أن الحثية: ما على الكف الواحدة، وأن الحفية: ما يحفى باليدين، قاله الداودي (2).
قلت: إنما قال: إن هذا يقتضي أن ما يؤخذ باليدين يسمى حثية؛ وإن لم يكن في هذا المحل ذكر اليدين؛ لأنه قد تقدم أنه قال:
(فحثا لي ثلاثاً، وجعل سفيان يحثو بكفيه جميعاً، ثم قال لنا: هذا هكذا): فهذا وجه الأخذ؛ إذ القضيةُ واحدة.
وقد ذكر الهروي: أن الحثية والحفية (3) بمعنى، وادعى بعضهم أن صوابه: حثوة، وليس بشيء؛ إذ يقال: حَثَى يحثو ويحثي (4).
(وأَيُّ داء أدوأُ من البخل): أي: أقبحُ.
قال القاضي: هذا يرويه المحدثون غير مهموز، والصواب: أدوأ -بالهمزة-؛ لأنه من الداء، والفعل منه: داءَ يَداءُ؛ مثل: نام ينام، فهو داءٌ، وغيرُ المهموز من دَوِيَ الرجلُ: إذا كان به مرضٌ باطنٌ في جوفه؛ مثل: سَمِعَ، فهو دَوٍ (5).
* * *
(1)"قد" ليست في "ع".
(2)
انظر: "التنقيح"(2/ 694).
(3)
في "ع": "والخفية".
(4)
المرجع السابق، الموضع نفسه.
(5)
انظر: "مشارق الأنوار"(1/ 264).
1757 -
(3138) - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ غَنِيمَةً بِالْجعْرَانَةِ، إِذْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: اعْدِلْ، فَقَالَ لَهُ:"شَقِيتَ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ".
(إذ قال له رجل: اعدلْ): الرجلُ هو ذو الخُوَيْصِرة التميميُّ، وقيل:[عبدُ الله بنُ ذي الخويصرة، وقيل](1): حُرْقوصُ بنُ زهير؛ رأسُ الخوارج (2).
(لقد شقيتَ إن لم أعدلْ): يروى بفتح التاء وضمها، فمعنى الضم ظاهر، وتقرير (3) الفتح: شقيتَ أنتَ التابعُ إذا كنتُ لا أعدل؛ لكونك تابعاً ومقتدياً بمن لا يعدلُ.
وفيه تأويل آخر: أي: شقيتَ أنت إن اعتقدتَ ما قلتَ؛ لأن هذا القولَ لا يصدر عن إيمان، لكن لا (4) يلائمه حينئذٍ:"إن لم أعدلْ"، اللهم إلا أن يقدر له جوابٌ محذوف.
قال النووي: والفتح أشهر (5).
(1) ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(2)
انظر: "التنقيح"(2/ 694).
(3)
في "ع": "وتقدير".
(4)
في "ج": "لكن من لا".
(5)
انظر: "شرح مسلم"(7/ 159). وانظر: "التنقيح"(2/ 694).