الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشَّأْمَ، فَقُرِّبَتْ إِلَيْهَا دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا، فَصَرَعَتْهَا فَمَاتَتْ.
(عن محمدِ بنِ يحيى بنِ حَبَّان): بحاء مهملة مفتوحة وباء موحدة.
(البحرَ الأخضر): قيل: المراد به: الأسود (1).
(مع معاوية): أي: في خلافة عثمان، كما قدمناه، فكانت (2) الغزوة إلى قبرص، ومر تاريخها.
(قافلين): أي: راجعين.
(فقُرِّبَتْ إليها دابة لتركبَها، فصُرعتْ فماتت): فيه دلالة على أن من مات في طريق الجهاد من غير مباشرة للقتال، له من الأجر مثلُ ما للمباشِر، والنساءُ كُنَّ إذا غزونَ يسقين الماء، ويداوين الكَلْمى، ويصنعْنَ للجيش طعامَهم وما يُصلحهم.
* * *
باب: مَنْ يُنْكَبُ في سَبِيلِ اللهِ
1553 -
(2801) - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ أَنسٍ رضي الله عنه، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَقْوَاماً مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ إِلَى بَنِي عَامِرٍ فِي سَبْعِينَ، فَلَمَّا قَدِمُوا، قَالَ لَهُمْ خَالِي: أَتَقَدَّمُكُمْ، فَإنْ أَمَّنُونِي حَتَّى أُبَلِّغَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَإلَاّ كُنْتُمْ مِنِّي قَرِيباً، فَتَقَدَّمَ، فَأَمَّنُوهُ، فَبَيْنَمَا يُحَدِّثُهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ أَوْمَؤُوا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَطَعَنَهُ
(1) في "ع": "به الأخضر".
(2)
في "ج": "قدمنا، وكانت".
فَأَنْفَذَه، فَقَالَ: اللهُ أَكْبَرُ، فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ مَالُوا عَلَى بَقِيَّةِ أَصْحَابِهِ فَقَتَلُوهُمْ إِلَاّ رَجُلٌ أَعْرَجُ صَعِدَ الْجَبَلَ -قَالَ هَمَّامٌ: فَأُرَاهُ آخَرَ مَعَهُ -فَأَخْبَرَ جِبْرِيلُ عليه السلام النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُمْ قَدْ لَقُوا رَبَّهُمْ، فَرَضِيَ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ، فَكُنَّا نَقْرَأُ: أَنْ بَلِّغُوا قَوْمَنَا، أَنْ قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا، فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَاناَ. ثُمَّ نُسِخَ بَعْدُ، فَدَعَا عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً؛ عَلَى رِعْلٍ، وَذَكْوَانَ، وَبَنِي لِحْيَانَ، وَبَنِي عُصَيَّةَ، الَّذِينَ عَصَوُا اللهَ وَرَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم.
(بعث النبي صلى الله عليه وسلم أقواماً من بني سُليم (1)): بضم السين.
قال الدمياطي: هذا وهم؛ لأن بني سُليم هم الذين قتلوا السبعين أصحابَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم (2).
(فكنا نقرأ أن بَلِّغوا قومنا (3)، أَنْ قد لَقينا ربَّنا فرضيَ عنا وأرضانا، ثم نُسخ بعد): أي: نسخ لفظُه فأُسقط من التلاوة.
قال (4) الداودي: يريد: سكتَ عن ذكره؛ لتقادم عهده إلا أن يذكره بمعنى الرواية، وليس النسخ بمعنى التبديل؛ لأن الخبر لا يدخله نسخ (5).
قلت: الكلام في نسخ الخبر، والاختلاف فيه مقرر في أصول الفقه.
قال بعض المتأخرين (6): والحق في المسألة ما ذكره القاضي في
(1) في "ع": "بني إسرائيل".
(2)
انظر: "التنقيح"(2/ 623).
(3)
في "ع": "أقوامنا".
(4)
في "ج": "وقال".
(5)
انظر: "عمدة القاري" للعيني (4/ 112).
(6)
في "م": "المتأخر".
"مختصر التقريب" من بناء المسألة على أن النسخ بيانٌ أو رفعٌ، فمن قال بالأول، جوزَ ذلك، فقال: إذا أخبر الله سبحانه عن ثبوت شريعة، فيخبر بعدها فيقول: أردت ثبوتها بإخباري (1) الأول إلى هذا الوقت، ولم أُرِدْ أولاً إلا ذلك، فهذا لا يفضي (2) إلى خلف.
وأما من قال بالثاني كالقاضي، فلا (3) يُجوِّزُ ذلك، كيف ونسخُ الخبر حينئذ يستلزم الكذبَ قطعاً (4)؟
ثم ثبوتُ نسخِ تلاوةِ ما هو من القرآن [شكك الهنديُّ عليه بأنه يتوقَّفُ على كونه من القرآن، وكونُه من القرآن](5) لا يثبت بخبر الواحد.
وأجاب: بأن القرآن المثبَتَ بين الدفتين هو الذي لا بدَّ في نقله من التواتر، وأما المنسوخُ، فلا نسلِّم أنه لا يثبت بخبر الواحد، سلَّمنا، لكن الشيء (6) قد يثبت ضِمْناً بما لا يثبت (7) به استقلالاً، كما قال بعض الأصوليين: إذا قال الصحابي في أحد الخبرين المتواترين: إنه كان قبل الآخر، قُبِلَ، ولزم منه نسخُ المتأخر، وإن لم يُقبل قولُه في نسخ المعلوم.
(1) في "ع": "باختياري".
(2)
في "ع": "يقتضي".
(3)
في "ج": "ولا".
(4)
"قطعاً" ليست في "ع".
(5)
ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(6)
في "ع": "سلمنا وأجاب بأن القرآن المثبت بين الدفتين هو الذي لا بد في نقله من التوارث، وأما المنسوخ فلا يسلم أنه يثبت بخبر الواحد، سلمنا لكن الشيء".
(7)
في "ج": "يثبت بخبر الواحد".
واعترض القاضي تاجُ الدين السبكي كلاً من الجوابين.
أما الأول: فإنا لا نعقل كونَه منسوخاً حتى يُعقل كونُه قبل ذلك من القرآن، وكونُه من القرآن لا يثبت بخبر الواحد.
وقوله: لا نسلم أن القرآن المنسوخ (1) لا يثبت بخبر الواحد، قلنا؛ لأن نسخه لا يكون إلا بعد ثبوت كونِه من القرآن، ثم يَرِدُ النسخ بعدَ ذلك متأخراً في الزمان، فيصدُقُ إثباتُ القرآنِ غيرَ منسوخ بخبر الواحد، ثم إثباتُ نسخه بخبر الواحد.
وأما الثاني (2): ففيما نحن فيه لم يتعارض دليلان، وفيما استشهدَ (3) به تعارضَ دليلان، فلذلك (4) رجحنا في موضع (5) التعارض بمرجِّحٍ ما (6)، وهو قولُ الصحابي: هذا متقدمٌ.
وإنما الذي يظهر لي في الجواب عن هذا السؤال: أن زماننا هذا ليس زمان النسخ، وفي زمان النسخ لم يقع النسخ بخبر الواحد.
ثم هنا فرع (7):
قال الآمدي: هل يجوز بعد نسخ تلاوة الآية أن يمسَّها المحدِثُ
(1) في "ع": "منسوخ".
(2)
"وأما الثاني" ليست في "ع".
(3)
في "ع" و"ج": "يستشهد".
(4)
في "ج": "فكذلك".
(5)
في "ع" و"ج": "رجحنا موضع".
(6)
"ما" ليست في "ع" و"ج".
(7)
في "ع": "فرع به".
ويتلوها الجنب؟
تردد فيه الأصوليون، والأشبهُ المنعُ من ذلك (1).
وكلام (2) السهيلي يقتضي خلافَ ذلك، قال: هذا المذكور ليس عليه رونق الإعجاز، ويقال: إنه لم ينزل بهذا النظم، ولكن بنظم معجز كنظم القرآن.
[فإن قيل: إنه خبر، فلا ينسخ، قلنا: لم ينسخ (3) منه الخبر، وإنما نُسخ منه الحكمُ؛ فإن حكمَ القرآن أن (4)](5) يتلى في الصلاة، وأن لا يمسه إلا الطاهر، وأن يكتب بين الدفتين، وأن يكون تعلمه فرض كفاية، فكل ما ينسخ رُفعت منه هذه الأحكام، وإن بقي محفوظاً، فهو منسوخ، فإن تضمن حكماً، جاز أن يبقى ذلك الحكم معمولاً به، وأنكرت ذلك المعتزلة، وإن تضمن خبراً (6)، بقي ذلك الخبر مصدقاً به، وأحكام التلاوة عنه منسوخة، هكذا في "الروض الأنف"، خبر بئر معونة (7).
* * *
(1) انظر: "الإبهاج" للسبكي (2/ 242).
(2)
في "ج": "وقال".
(3)
"قلنا لم ينسخ منه" ليست في "ع".
(4)
"أن" ليست في "ع".
(5)
ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(6)
في "ع": "تضمن حكماً جاز أن يبقى ذلك الحكم خبراً"، وفي "ج": ذلك خبراً".
(7)
انظر: "الروض الأنف"(3/ 385).
1554 -
(2802) - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ،
عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ سُفْيَانَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي
بَعْضِ الْمَشَاهِدِ، وَقَدْ دَمِيَتْ إصْبَعُهُ، فَقَالَ: "هَلْ أَنْتِ إِلَاّ إِصْبَعٌ دَمِيتِ،
وَفِي سَبِيلِ اللهِ مَا لَقِيتِ".
(فقال: هل أنتِ إلا إصبغٌ دَميتِ، وفي سبيل الله ما لَقيتِ): هذا مما تعلق (1) به الملحدون في الطعن، فقالوا: هذا شعرٌ نطق به، والقرآنُ يشهد بخلافه.
وأجاب القاضي: بأن الوزن في هذا الكلام غيرُ مقصود، فليس بشعر، وذلك غير ممتنع على أحد من العامة والباعة أن يقع له كلامٌ موزون، ولا يُعَدُّون بذلك شعراء؛ مثل قولهم:
اسْقِني في الكُوزِ ماءً يا غُلامْ
…
وَاسْرِجِ البَغْلَ وَجِئْني بِالطَّعَامْ
وقولهم:
مَنْ يَشْتَرِي لي أَلْفَ بَاذِنْجَانَهْ
وساق من ذلك أشياء، ثم قال: والرجزُ عندي غيرُ شعر.
قال ابن المنير: وقفتُ على كلام القاضي في هذا الفصل من كتاب "الانتصار"(2)، وما استحسنت استشهاده بالعامة، ولا ذِكْرَه للفظِ الباعَة، ولا حاجة عند العلماء بكلام العرب إلى هذا؛ فإن العرب لا تَعُدُّ الشعرَ بيتاً واحداً، بل أقلُّه بيتان، وهذا لم يَجْرِ على لسانه عليه السلام قَطُّ.
(1) في "ع": "يتعلق".
(2)
في "ج": "الاستبصار".
وأما هذا الرجز، فالصحيح أنه بيت واحد، ثم الرجزُ على الخصوص
قريبٌ من النثر، بل قيل فيه: إنه ليس بشعر، وشرطُ الشعر أن يَشعر به قائله،
ويقصده، ويدل على أن الرجز نثر، أو قريب منه: أن البيت الواحد من غيره
كان لا يلتئم على لسانه عليه السلام؛ لأنه شعر، فَغَيَّرَهُ الله على لسانه؛
كقوله يحكي قولَ العباسِ بنِ مرداسٍ: أنت القائلُ:
أَتَجْعَلُ نَهْبِي وَنَهْبَ الْعُبَيْدِ
…
بَيْنَ الأَقْرَعِ وَعُيَيْنَه (1)؟
فقال أبو بكر: أشهدُ أنك رسولُ الله حقاً.
قلت (2): بين أول كلامه وآخره تدافُع، وذلك أنه قرر أولاً أن البيت الواحد ليس بشعر، وقرر آخراً (3) أن البيت الواحد من غير الرجز شعر، ولذلك لم يلتئم على لسانه عليه الصلاة والسلام.
ثم (4) ادعاؤه أن ما في الحديث بيتٌ واحد من الرجز على الصحيح لا يقوم عليه دليل؛ لجواز كونه بيتين من مشطور السريع.
والمخلص هو ما أشار إليه من أن القصد إلى الوزن معتبر في كون الكلام شعراً، ولا نسلم وجوده فيما في الحديث، سواء كان بيتاً، أو بيتين.
ثم تعريفُهم الشعر بأنه (5) الكلامُ الموزونُ بوزنٍ مقصودٍ عربيٍّ (6) ينطبق
(1) في "ع" و"ج": "بين عيينة والأقرع".
(2)
في "ج": "قال: قلت".
(3)
في "ج": "وقرن آخر".
(4)
"ثم" ليست في "ج".
(5)
في "ع" و"ج": "بأن".
(6)
في "ج": "عربي مقصود".