الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعضها فلم يفعله يصدق عليه أنه مرتد عن دينه، وأنه غير مسلم فلذلك قال:
فيمت وهو كافر (1).
ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن:
وابن عرفة ممن يهتم بهذا الجانب من التفسير ومن ذلك قوله: {يسبحون الليل والنهار لايفترون} (2) معناه: لايفترون من العبادة وفي آية أخرى {والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض} (3)(4)
وهو يجمع بين الآية التي يفسرها مع آية أخرى استعملت فيها نفس اللفظة ليبين أن المعاني القرآنية متناسقة وأن الألفاظ التي تدل عليها متآلفة، يقول عند تفسير قوله تعالى {قل هو أذى} (5)، وقال تعالى {لن يضروكم إلا أذى} (6)، والجامع أن الأذى: هو الأمر المؤلم الذي يقصد إماطته وأتى هنا بالحكم مقرونا بعلته ونصوا على أن الأصل تقديم العلة على المعلول كهذه الآية. وكقولك: سهى فسجد وزنى فرجم (7).
ويحلل تقديم الصغير على الكبير في قوله تعالى {ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرًا أو كبيرًا إلى أجله} (8)، بخشية التهاون به والتفريط فيه، واستدل بقوله تعالى {لايغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها} (9)، وقوله:{من بعد وصية يوصى بها أو دين} (10)، وقوله {فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة} (11)(12).
ومن الأمثلة أيضا مايأتي في الفقرة التالية.
رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة:
ويتعرض ابن عرفة لتفسير القرآن بالحديث، كما في قوله تعالى {لاإكراه في الدين ..} (13) حيث قال: فالدين هنا عام، خصص بقوله سبحانه {إن الدين عند الله الإسلام} (14)، ووقع تفصيله وزيادة
(1) ق: 51.
(2)
الأنبياء: 20.
(3)
الشورى: 5.
(4)
تقييد البسيلي.
(5)
البقرة: 222.
(6)
آل عمران: 111.
(7)
ق: 53.
(8)
البقرة: 282.
(9)
الكهف: 49.
(10)
النساء: 12.
(11)
النساء: 92.
(12)
ق: 67.
(13)
البقرة: 256.
(14)
آل عمران 19.
بيانه بقوله صلى الله عليه وسلم "أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ". (1)
كما ذكر في تفسير قوله تعالى: {وذلك جزاء المحسنين} (2)، أن الرسول صلى الله عليه وسلم فسر الإحسان في حديث القدر بقوله:"هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك"(3) ثم أوضح أن الحديث أخص مما جاء في قوله تعالى بيانًا لمعنى المحسنين {هدىً ورحمة للمحسنين، الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون} (4). (5)
وفي تفسير قوله تعالى: {الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم} (6)، يذكر تفسيره لمعنى
الظن الذي يراه مصروفًا لزمن ملاقاة الله، أي أن هؤلاء يستحضرون الموت، ويظنونه واقعا عليهم في كل حين، ثم يواصل شرح الآية بما نقله القشيري من أن أبا بكر وعمر جلسا ذات يوم مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر رضي الله عنه: إني إذا أصبحت لا أدري هل أمسي أم لا؟. وقال عمر رضي الله عنه: إذا أمسيت لا أدري هل أصبح أم لا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "وإذا صعد النفس لاأدري هل أرده أم لا؟ "(7)
وهذا المثال دليل على عدم تدقيقه في صحة الرواية أم عدم صحتها.
أما أسباب النزول فهو يتعرض لها ومن ذلك:
قوله تعالى {وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها
…
} (8)
قال: كانوا إذا حجوا واعتمروا يلتزمون أن لايحول بينهم وبين السماء شيء فيدخلون بيوتهم من
(1) ق: 62 والحديث أخرجه ضمن حديث طويل عن أبي هريرة: البخاري - كتاب الإيمان - باب سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان 1/ 115، ومسلم - كتاب الإيمان - باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان 1/ 39 - 40.
(2)
المائدة: 85.
(3)
انظر الحديث السابق.
(4)
لقمان: 3 - 4.
(5)
ق: 121.
(6)
البقرة: 46.
(7)
ق: 15، وذكر الغزالي رواية عن أبي سعيد الخدري مرفوعا في معنى هذا الحديث ولفظها: "
…
ولا رفعت طرفي فظننت أني واضعه حتى أقبض
…
" وهو حديث طويل أخرجه ابن أبي الدنيا في قصر الأمل والطبراني وغيرهما وقال العراقي: إسناده ضعيف (انظر: الإحياء مع المغني عن حمل الأسفار 4/ 437) وهذا الحديث لم أقف له على أصل صحيح أو ضعيف أو موضوع.
(8)
البقرة: 189.
خلفها (1) ينقبون الحائط، أو من سقفها، أو يطلعون سلم على السطح فينزلون في وسط الدار، وهذا عند البداء الدخول، فإذا تكرر ذلك تركوه. (2)
وقال في قوله عز ذكره {فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وماله في الآخرة من خلاق} (3):
قال ابن عطية: سببها أنهم كانوا في الجاهلية يدعون في مصالح الدنيا فقط إذ كانوا لايعرفون الآخرة فنهوا عن ذلك. (4)
وفي قوله تعالى {ومن الناس من يعجبك قوله} (5)
قال ابن عرفة: حكى ابن عطية في سبب نزولها ثلاثة أوجه: إما أنها عامة في كل من أبطن الكفر وأظهر الإسلام. وإما أنها خاصة بقوم من المنافقين تكلموا في قوم من المؤمنين استشهدوا في غزوة الرجيع. (6)
وإما أنها خاصة بالأخنس بن شريق. (7)(8)
وقال في تفسير قوله تعالى: {لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها} (9):
ذكر المفسرون في سبب نزولها أن المشركين طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يصير لهم الصفا ذهبًا وفضة وحينئذ يؤمنون. (10)
وأما فضائل السور والآيات فليس من
(1) أخرج معناه عن البراء: البخاري - كتاب التفسير - باب {وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها} 8/ 183.
(2)
ق: 45.
(3)
البقرة: 200.
(4)
ق: 48، أخرج معناه ابن أبي حاتم رقم 1379 عن ابن عباس وصححه الضياء في المختارة
وأخرجه أيضا ابن مردويه (انظر الدر 1/ 232).
(5)
البقرة: 204.
(6)
أخرج معناه ابن إسحق (السيرة 3/ 97) ومن طريقه ابن جرير 2/ 313، وابن أبي حاتم رقم 1480 من حديث ابن عباس وإسناده حسنه الحافظ ابن حجر (انظر فتح الباري 7/ 322) والسيوطي (الإتقان 2/ 242).
(7)
أخرجه صاحب تنوير المقباس في تفسير ابن عباس 1/ 99 - 100 من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس وهو تفسير موضوع كما قال الحاكم وغيره (انظر التهذيب 9/ 179 - 181).
(8)
ق: 48.
(9)
الأنعام: 109.
(10)
ق: 131، وأخرج ابن جرير معناه ضمن رواية مرسلة عن محمد بن كعب القرظي وهي ضعيفة لإرسالها.