المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المبحث الرابع: الفقه المالكي والظاهري وأثره في التفسير بالمنطقة: عندما شعر - التفسير والمفسرون في غرب أفريقيا - جـ ٢

[محمد بن رزق الطرهوني]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثانيالتفسير في غرب إفريقية

- ‌الفصل الأولدراسة عن التفسير في هذه البلاد

- ‌المبحث الأول: نبذة عن علم التفسير ونشأته في هذه البلاد:

- ‌نشأة التفسير في المنطقة في الصدر الأول:

- ‌الطرق التي انتشر بها علم التفسير في المنطقة:

- ‌1 - المساجد:

- ‌2 - قصور الرباط:

- ‌3 - دور العلماء:

- ‌4 - حوانيت العلماء:

- ‌تطور التفسير في المنطقة بعد خراب القيروان:

- ‌المراحل التي مر بها التفسير في المنطقة:

- ‌اتجاهات التفسير بالمنطقة:

- ‌المبحث الثاني: تأثر التفسير في المنطقة بمدرسة المشرق:

- ‌الرحلة من المشرق إلى المنطقة والعكس

- ‌التفاعل بين المشارقة والمغاربة بعد توقف الرحلة:

- ‌كتب التفسير التي دخلت المنطقة

- ‌اهتمام المغاربة ببعض تفاسير المشارقة

- ‌ومن كتب التفاسير التي اختصرها أهل المنطقة أيضا:

- ‌المبحث الثالث: تأثر التفسير في المنطقة بالتفسير عند أهل الأندلس وغيرها من الدول المجاورة:

- ‌الرحلة من الأندلس إلى المنطقة والعكس:

- ‌التفاعل بين أهل المنطقة والأندلس في نتاج التفسير:

- ‌المبحث الرابع: الفقه المالكي والظاهري وأثره في التفسير بالمنطقة:

- ‌المذهب المالكي

- ‌المذهب الظاهري:

- ‌المبحث الخامس: القراءات وأثرها في التفسير بالمنطقة:

- ‌المرحلة الأولى:

- ‌المرحلة الثانية:

- ‌المرحلة الثالثة:

- ‌الفصل الثانيدراسة أمثلة للتفسير بالمأثور بالمنطقة

- ‌تفسير يحيى بن سلام من خلال تفسيره ومختصره لابن أبي زمنين

- ‌التعريف بالتفسير:

- ‌المنهج العام للتفسير:

- ‌المنهج التفصيلي للمؤلف:

- ‌أولا: يذكر ابن سلام أسماء السور مجردة:

- ‌ثانيا: موقفه من العقيدة:

- ‌ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن:

- ‌رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة:

- ‌خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف:

- ‌سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات:

- ‌سابعا: موقفه من الإسرائيليات:

- ‌ثامنا: موقفه من اللغة:

- ‌تاسعا: موقفه من القراءات

- ‌عاشرا: موقفه من الفقه والأصول:

- ‌تفسير بقي بن مخلد من خلال نقول من تفسيره وكتابه في الحوض والكوثر

- ‌التعريف بالتفسير:

- ‌منهج المؤلف العام في تفسيره:

- ‌المنهج التفصيلي للمؤلف:

- ‌أولا: موقفه من العقيدة:

- ‌ثانيا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة:

- ‌ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف:

- ‌رابعا: موقفه من القراءات:

- ‌خامسا: موقفه من الفقه والأصول:

- ‌الفصل الثالثدراسة أمثلة للتفسير بالرأي بالمنطقة

- ‌المبحث الأول: أمثلة الرأي المحمود

- ‌تفسير المهدوي من خلال كتابيه التفصيل والتحصيل

- ‌التعريف بالتفسير:

- ‌المنهج العام للتفسير

- ‌المنهج التفصيلي للمؤلف:

- ‌أولا: بالنسبة للمكي والمدني وعد الآي ونحو ذلك فهو يهتم به ومن ذلك:

- ‌ثانيا: موقفه من العقيدة:

- ‌ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن:

- ‌رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة:

- ‌خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف:

- ‌سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات:

- ‌سابعا: موقفه من الإسرائيليات:

- ‌ثامنا: موقفه من اللغة:

- ‌تاسعا: موقفه من القراءات:

- ‌عاشرا: موقفه من الفقه والأصول:

- ‌تفسير مكي بن أبي طالب من خلال كتبه الهداية ومشكل الإعراب وتفسير المشكل

- ‌التعريف بالتفسير:

- ‌المنهج العام للتفسير:

- ‌المنهج التفصيلي للمؤلف:

- ‌أولا: موقفه من أسماء السور وعدد الآيات والوقوف وبيان المناسبات:

- ‌ثانيا: موقفه من العقيدة:

- ‌ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن:

- ‌رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة:

- ‌خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف:

- ‌سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات:

- ‌سابعا: موقفه من الإسرائيليات:

- ‌ثامنا: موقفه من اللغة:

- ‌تاسعا: موقفه من القراءات:

- ‌عاشرا: موقفه من الفقه والأصول:

- ‌تفسير ابن ظفر من خلال كتابه ينبوع الحياة

- ‌التعريف بالتفسير:

- ‌المنهج العام للتفسير:

- ‌المنهج التفصيلي للمؤلف:

- ‌ثانيا: موقفه من العقيدة

- ‌ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن

- ‌رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة

- ‌خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف

- ‌سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ:

- ‌سابعا: موقفه من الإسرائيليات

- ‌ثامنا: موقفه من اللغة

- ‌تاسعا: موقفه من القراءات

- ‌عاشرا: موقفه من الفقه

- ‌تفسير ابن بزيزة من خلال كتابه البيان والتحصيل

- ‌التعريف بالتفسير:

- ‌المنهج العام للتفسير:

- ‌المنهج التفصيلي للمؤلف:

- ‌أولا:لا يهتم بعد الآي ولا بالوقوف ولا المناسبات

- ‌ثانيا: موقفه من العقيدة:

- ‌ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن:

- ‌رابعا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف:

- ‌خامسا: موقفه من السيرة وذكر الغزوات:

- ‌سادسا: موقفه من الإسرائيليات:

- ‌سابعا: موقفه من اللغة:

- ‌ثامنا: موقفه من القراءات:

- ‌تاسعا: موقفه من الفقه والأصول:

- ‌تفسير ابن عرفة من خلال تقييد الأبي والبسيلي

- ‌التعريف بالتفسير:

- ‌المنهج العام للتفسير:

- ‌المنهج التفصيلي للمؤلف:

- ‌أولا:لقد اعتنى ابن عرفة بمجال المناسبات فبحث عن وجه مناسبة الآية لما قبلها وبين ما كان منها مكملاً للآخر، ووجه اتصال الآية بما قبلها، وما سيقت له

- ‌ثانيا: موقفه من العقيدة:

- ‌ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن:

- ‌رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة:

- ‌خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف:

- ‌سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات:

- ‌سابعا: موقفه من الإسرائيليات:

- ‌ثامنا: موقفه من اللغة:

- ‌تاسعا: موقفه من القراءات:

- ‌عاشرا: موقفه من الفقه والأصول:

- ‌تفسير الثعالبي من خلال كتابه الجواهر الحسان

- ‌التعريف بالتفسير:

- ‌المنهج العام للتفسير:

- ‌المنهج التفصيلي للمؤلف:

- ‌أولا: يهتم المصنف بذكر المكي والمدني وأسماء السورة ومن ذلك قوله في فاتحة الكتاب

- ‌ثانيا: موقفه من العقيدة:

- ‌ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن:

- ‌رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة:

- ‌خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف:

- ‌سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات:

- ‌سابعا: موقفه من الإسرائيليات:

- ‌ثامنا: موقفه من اللغة:

- ‌تاسعا: موقفه من القراءات:

- ‌عاشرا: موقفه من الفقه والأصول:

- ‌حادي عشر: موقفه من المواعظ والآداب:

- ‌تفسير ابن باديس من خلال مجالس التذكير

- ‌التعريف بالتفسير:

- ‌المنهج العام للتفسير:

- ‌المنهج التفصيلي للمؤلف:

- ‌أولا:يلاحظ أن المؤلف لا يتعرض لأسماء السور ولا عد الآي ولا للمكي والمدني

- ‌ثانيا: موقفه من العقيدة:

- ‌ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن:

- ‌رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة:

- ‌خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف:

- ‌سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات:

- ‌سابعا: موقفه من الإسرائيليات:

- ‌ثامنا: موقفه من اللغة:

- ‌تاسعا: موقفه من القراءات:

- ‌عاشرا: موقفه من الفقه والأصول:

- ‌حادي عشر: موقفه من العلوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية:

- ‌ثاني عشر: موقفه من المواعظ والآداب:

- ‌تفسير ابن عاشور من خلال كتابه التحرير والتنوير

- ‌التعريف بالتفسير:

- ‌المنهج العام للتفسير:

- ‌المنهج التفصيلي للمؤلف:

- ‌أولا: أسماء السور وعدد الآيات والوقوف وبيان المناسبات:

- ‌ثانيا: موقفه من العقيدة:

- ‌ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن:

- ‌رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة:

- ‌خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف:

- ‌سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات:

- ‌سابعا: موقفه من الإسرائيليات:

- ‌ثامنا: موقفه من اللغة:

- ‌تاسعا: موقفه من القراءات:

- ‌عاشرا: موقفه من الفقه والأصول:

- ‌حادي عشر: موقفه من العلوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية:

- ‌ثاني عشر: موقفه من المواعظ والآداب:

- ‌تفسير المكي الناصري من خلال كتابه التيسير

- ‌التعريف بالتفسير:

- ‌المنهج العام للتفسير:

- ‌المنهج التفصيلي للمؤلف:

- ‌أولا:يهتم بذكر أسماء السور

- ‌ثانيا: موقفه من العقيدة:

- ‌ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن:

- ‌رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة:

- ‌خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف:

- ‌سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات:

- ‌سابعا: موقفه من الإسرائيليات:

- ‌ثامنا: موقفه من اللغة:

- ‌تاسعا: موقفه من القراءات:

- ‌عاشرا: موقفه من الفقه والأصول

- ‌حادي عشر: موقفه من العلوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية:

- ‌ثاني عشر: موقفه من المواعظ والآداب:

- ‌تفسير أبي بكر الجزائري من خلال كتابه أيسر التفاسير وحاشيته نهر الخير

- ‌التعريف بالتفسير:

- ‌المنهج العام للتفسير:

- ‌المنهج التفصيلي للمؤلف:

- ‌أولا: أسماء السور وعدد الآيات والوقوف وبيان المناسبات:

- ‌ثانيا: موقفه من العقيدة:

- ‌ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن:

- ‌رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة:

- ‌خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف:

- ‌سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات:

- ‌سابعا: موقفه من الإسرائيليات:

- ‌ثامنا: موقفه من اللغة:

- ‌تاسعا: موقفه من القراءات:

- ‌عاشرا: موقفه من الفقه والأصول:

- ‌حادي عشر: موقفه من العلوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية:

- ‌ثاني عشر: موقفه من المواعظ والآداب:

- ‌المبحث الثاني: أمثلة الرأي المذموم

- ‌تفسير هود بن محكم الهواري الإباضي من خلال كتابه تفسير كتاب الله العزيز

- ‌التعريف بالتفسير:

- ‌المنهج العام للتفسير:

- ‌[المنهج التفصيلي للمؤلف:]

- ‌أولا:لا يهتم بعد الآي، ولكنه يذكر المكي والمدني

- ‌ثانيا: موقفه من العقيدة:

- ‌ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن

- ‌رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة:

- ‌خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف:

- ‌سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات

- ‌سابعا: موقفه من الإسرائيليات

- ‌ثامنا: موقفه من اللغة:

- ‌تاسعا: موقفه من القراءات وتوجيهها:

- ‌عاشرا: موقفه من الفقه والأصول:

- ‌تفسير ابن حيون الشيعي من خلال كتابيه أساس التأويل وتأويل الدعائم

- ‌تعريف مختصر بالإمامية الإسماعيلية:

- ‌التعريف بالتفسير:

- ‌المنهج العام للتفسير:

- ‌تفسير ابن برجان الصوفي من خلال كتابه الإرشاد

- ‌التعريف بالتفسير:

- ‌تفسير ابن عربي الصوفي من خلال التفسير المنسوب إليه وكتابيه فصوص الحكم والفتوحات المكية

- ‌التعريف بالتفسير:

- ‌المنهج العام للتفسير:

- ‌تفسير ابن عجيبة الصوفي من خلال كتابه البحر المديد

- ‌التعريف بالتفسير:

- ‌المنهج العام للتفسير:

- ‌المنهج التفصيلي للمؤلف:

- ‌أولا: أسماء السور وعدد الآيات والوقوف وبيان المناسبات:

- ‌ثانيا: موقفه من العقيدة:

- ‌ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن:

- ‌رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة:

- ‌خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف:

- ‌سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات:

- ‌سابعا: موقفه من الإسرائيليات

- ‌ثامنا: موقفه من اللغة:

- ‌تاسعا: موقفه من القراءات

- ‌عاشرا: موقفه من الفقه والأصول:

- ‌حادي عشر: موقفه من العلوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية:

- ‌ثاني عشر: موقفه من المواعظ والآداب:

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المراجع

الفصل: ‌ ‌المبحث الرابع: الفقه المالكي والظاهري وأثره في التفسير بالمنطقة: عندما شعر

‌المبحث الرابع: الفقه المالكي والظاهري وأثره في التفسير بالمنطقة:

عندما شعر أهل المنطقة بقلة منابع العلم في بلادهم خاصة بعد وفاة من عندهم من التابعين واستشهاد كثير من العلماء في الحروب الطويلة مع الخوارج بدأ توجههم يتكثف نحو المشرق لطلب العلم، تعويضا عن هذا النقص واتصلوا بكبار المحدثين والفقهاء من أمثال أبي حنيفة النعمان ومالك بن أنس وسفيان الثوري - وكان صاحب مذهب متبوع - وغيرهم ثم عادوا إلى القيروان ونشروا علم هؤلاء الشيوخ فكانت تلك هي البذرة الأولى لظهور المذاهب في المغرب.

ونظرًا لتطور البنية العامة للمجتمع الإسلامي وظهور المدارس الفقهية في الساحة وبروز المذاهب الفقهية المختلفة ظهر مايسمى بالتفسير الفقهي وتأثر بما صاحب ذلك من تقليد وانتصار لصاحب المذهب المتبوع حيث التمس كل تابع الأدلة الشرعية لمتبوعه، وأهم مايلتمس فيه الأدلة الشرعية هو كتاب الله سبحانه وتعالى.

فظهرت كتب خاصة بأحكام القرآن تتتبع آيات الأحكام فقط وتفسيرها، وتستنبط منها الأحكام الشرعية المستفادة، وظهرت كتب في التفسير غلب عليها الطابع الفقهي والاستطراد في الأحكام كلما مر صاحبها بآية من آيات الأحكام.

‌المذهب المالكي

(1):

لقد تلقى أهل القيروان مذهب السلف على يد الصحابة والتابعين، ثم

(1) انظر: الفرق الإسلامية 127، الصراع المذهبي 39، الحياة الاجتماعية 58.

ص: 532

شاهدوا بأعينهم الفتن التي أدى إليها التأويل والبعد عن النصوص، ولذلك ماإن أدخل علي بن زياد (ت 381 هـ) الموطأ إلى إفريقية وفسر لهم قول مالك ولم يكونوا بعرفونه، حتى أقبلوا عليه إقبالا منقطع النظير، لأنهم وجدوا فيه ضالتهم المنشودة لجمعه بين البساطة والأصالة، واعتماده على الحديث فإن صاحب هذا المذهب يدرس في مدينة رسول الله ص:، ويلتزم النص من الكتاب والسنة، ولايأخذ إلا عن الثقات، وبرع في السنة حتى سمي أمير المؤمنين في الحديث، وهو إلى جانب ذلك شديد الورع لايفتي إلا بحذر شديد وينفر من الرأي والتأويل. (1)

ويرجع سبب اختيار الأفارقة لمذهب مالك على غيره إلى اعتماده على الحديث وتقدمه على غيره من المذاهب التي سلكت نفس المنهج فقد كانوا متعطشين للوصول إلى المذهب الذي تتمثل السنة فيه، وقد وجدوا ذلك في مذهب مالك المبني أساسا على حديث أهل الحجاز، وهم الصفوة والكثرة من الصحابة والتابعين، كما أشار الأستاذ حسن حسني عبد الوهاب إلى أن السبب في ميل الأفارقة إلى مذهب مالك هو اتحاد سندهم وسند مدرسة مالك، حيث ذكر أن رواية الأفارقة للحديث أي قبل نشأة المذاهب، أكثر ما كانت بطريق المدنيين وسندهم. (2)

وهناك أمر آخر يجدر التنبيه عليه، وبه يكتمل هذا التعليل، وهو التقدم الزمني للمذهب المالكي على غيره من المذاهب الأخرى المشتهرة بالاعتماد على الحديث، وخاصة مذهب الإمام الشافعي ومذهب الإمام أحمد، فكان الخيار أمام الأفارقة محصورا في المذهبين الحنفي والمالكي، فتجنبوا الأول لاشتهاره بالميل إلى الرأي، الذي كان سببا في الفتن التي عاشوها كما تقدم، وأقبلوا على الثاني، لاعتماده على الحديث وموافقة ذلك مافي نفوسهم من التعطش إلى السنة.

(1) انظر أعلام الفكر الإسلامي1/ 383، الرياض 1/ 432، مقدمة الرياض ص: 11

فما بعدها، جذوة المقتبس 306.

(2)

انظر الإمام المازري 15.

ص: 533

ويأتي في الدرجة الثانية من التعليل ماذهب إليه ابن خلدون (1) من أن رحلة أهل إفريقية كانت غالبا إلى الحجاز فاقتصروا على الأخذ عن علماء المدينة، وكذلك لمناسبة البداوة بين الشعبين.

وعلى يد علي بن زياد تخرجت الطبقة الأولى من علماء المالكية بالقيروان (2)، مثل أسد بن الفرات، والبهلول بن راشد، وعبدالله بن غانم، وغيرهم ثم تسارع أهل هذه الطبقة للأخذ مباشرة عن الإمام مالك، حتى زاد الرواة عنه من أهل القيروان عن ثلاثين تلميذا (3)، وبذلك كثر رواة الموطأ بالقيروان، وانتشر علم مالك، فأقبل عليه.

ثم جاء الإمام سحنون فجمع في مدونته علم مالك وفقهه، واستشهد لمسائلها بالآثار، فأصبحت عمدة المذهب، والكتاب الثاني بعد الموطأ، وقد أخذها عنه أهل إفريقية والمغرب والأندلس، حتى بلغ تلاميذه نحو السبعمائة (4) نشروا علم مالك في هذه البلاد، قال الخشني: ثم قدم سحنون بذلك المذهب، وجمع مع ذلك فضل الدين والعقل والورع والعفاف والانقباض، فبارك الله تعالى فيه للمسلمين، فمالت إليه الوجوه وأحبته القلوب وصار زمانه كأنه مبتدأ، وقد محا ماقبله فكان سراج القيروان (5)، وأقبل تلاميذ سحنون ومن بعدهم على التصنيف في المذهب واهتموا بالمدونة خاصة، مابين شارح ومختصر ومعلق ثم جاء ابن أبي زيد القيرواني الملقب بمالك الصغير، وعلى يديه استقر المذهب فهو الذي لخص المذهب وضم نشره، وذب عنه، وملأت البلاد تآليفه (6) واستمر المذهب في نمو حتى صار في مطلع القرن الخامس هو المذهب الوحيد بإفريقية، وهكذا أصبحت القيروان هي المركز الثاني للمذهب المالكي بعد المدينة المنورة.

وبعد رحيل العبيديين لم يزل أمر السنة يقوى والمعز يعد العدة للتخلص من سلطانهم حتى كانت سنة 435 هـ وفيها قطع دعوتهم، ولعنهم على المنابر،

(1) المقدمة 449.

(2)

انظر موطأ ابن زياد 31.

(3)

انظر المعالم 2/ 38.

(4)

انظر الشجرة 1/ 69.

(5)

المعالم 2/ 83.

(6)

الديباج 137.

ص: 534