الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحمد بن صالح روى عن ورش عن نافع، إشباع كسرة الكاف وقال: وذلك مذكور في باب في آخر الكتاب (1).
ومن مواضع تناوله لموضوع الوقوف في القرآن:
ذكر في قوله تعالى {أفلا تبصرون أم أنا خير من هذا
…
} (2)، أن الوقف على {أفلا تبصرون} وقال: وروي عن عيسى الثقفي ويعقوب الحضرمي أنهما وقفا على (أم)، على أن يكون التقدير: أفلا تبصرون أم تبصرون؟، فحذف تبصرون الثاني. وقيل من وقف على (أم) جعلها زائدة، وكأنه وقف على {تبصرون} من قوله {أفلا تبصرون} ، ولا يتم الوقف على {تبصرون} عند الخليل وسيبويه لأن (أم) تقتضي الاتصال بما قبلها (3).
عاشرا: موقفه من الفقه والأصول:
وكما ذكرنا فإن المهدوي يفرد الأحكام والنسخ بالقسم الأول عند تفسيره الآيات
وهو لايصرح باختياره لأحد الآراء الفقهية، وهو المنهج الذي سلكه في تناوله لأغلب المسائل الخلافية. غير أنه يمكن ملاحظة ميله إلى مذهبه المالكي إذ كثيرا مايورد رأي مالك في الصدارة ثم يعقبه برأي الشافعي تلميذه قبل ذكر رأي أبي حنيفة.
في قوله تعالى {واستشهدوا شهيدين من رجالكم} (4) قال: يعني الأحرار خاصة في قول أكثر العلماء.
ولا تجوز شهادة العبد عند مالك والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم.
وأجازها شريح وابن حنبل وإسحاق وغيرهم.
وأجازها الشعبي والنخعي في الشيء اليسير.
ثم أشار المهدوي إلى شهادة الصبيان واختلاف أئمة الفقه حولها فصدر ذلك برأي مالك، الذي يجيز شهادتهم فيما بينهم في الجراح خاصة مالم يختلفوا، ولا تجوز شهادة الواحد منهم على كبير أو لكبير على صغير .. ولم يجز الشافعي وأبو حنيفة وأصحابه شهادة الصبيان.
ثم تعرض إلى الاختلاف حول شهادة القاذف إذا تاب، وهي التي أجازها
(1) التحصيل 1/ 7.
(2)
الزخرف: 51 - 52.
(3)
التحصيل 4/ 64.
(4)
البقرة: 282.
مالك والشافعي، ولم يجزها أبو حنيفة وأصحابه، وبين أن أكثر العلماء يجيزون شهادة من أتى حدا من الحدود كشرب الخمر وغيره إذا تاب وحسنت توبته.
وبعد أن أورد المهدوي أقوال العلماء في تعيين من تقبل شهادتهم واختلافهم في ذلك، انتقل إلى موضوع آخر له اتصال بالشهادة، وهو شهادة أهل الأهواء، وهل تقبل شهادتهم ومن يردها من الأئمة، ومن يعمل بها منهم، قال: ولم يجز مالك شهادة القدرية، وأجاز الشافعي وأبو حنيفة شهادة أهل الأهواء.
ثم تكلم بعد ذلك عن نوع آخر من الشهود فقال: وتجوز شهادة لاعب الشطرنج في قول مالك، والشافعي وغيرهما، قال الشافعي: إلا أن تشغله عن الصلاة.
أما شهادة شاهد الزور فلا تقبل أبدا عند مالك، وتقبل شهادته عند الشافعي وأبي حنيفة إذا تاب.
ولا تقبل عند مالك وأبي حنيفة والشافعي شهادة الولد للوالدين ولا الوالدين للولد.
وعقب المهدوي على ذلك بذكر من يقبل هذه الشهادة وهم أبو ثور وابن راهويه وغيرهما.
ثم تعرض إلى حكم شهادة أحد الزوجين لصاحبه فأوضح أن مالكا لا يقبلها، في حين قبلها الشافعي وأبو ثور وغيرهما.
كما أورد القول في شهادة الأعمى التي أجازها مالك وغيره ولم يجزها الشافعي وأبو حنيفة (1).
وفي قوله تعالى {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} (2) ذكر اختلاف العلماء حول هذا الموضوع، بعضهم لا يضبطه بمقدار، يكثر ويقل بحسب ما تواصوا به، وهو مذهب الحسن البصري وعمرو بن دينار والثوري والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبي ثور وابن المسيب، ويجمعون على أنه لو أصدقها سوطا حلت به
…
وحدد مالك المهر بربع دينار، وحدد أبو حنيفة وأصحابه أقل المهر بعشرة دراهم.
وذكر ابن جبير أنه يجب أن يكون خمسين درهما، والأوزاعي يكتفي بمهر قدره درهم
…
.
(1) التحصيل 1/ 149.
(2)
النساء: 4.
وكل هذا يستفاد مما نقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وصحابته والتابعين من إكثار في المهر وإقلال وتوسط.
وقد سأل أبو سلمة بن عبد الرحمن عائشة رضي الله عنها عن صداق النبي صلى الله عليه وسلم، الذي كان يقدمه لنسائه، فقالت: اثنتي عشرة أوقية ونش (1). قال مجاهد: الأوقية أربعون درهما، والنش عشرون درهما.
وروي أن الحسن بن علي لما تزوج إحدى نسائه أرسل إليها مائة جارية، ومع كل جارية ألف درهم .. .
وتزوج عمر بن الخطاب ابنة علي بن أبي طالب على أربعين ألف درهم.
وأصدق ابن عمر صفية عشرة آلاف درهم، وكذلك كان يزوج بناته.
وتزوج ابن عباس شميلة على عشرة آلاف درهم أيضا
…
كما تزوج أنس بن مالك بنفس هذا المقدار
…
.
وروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله لرجل: "فالتمس ولو خاتما من حديد"(2).
وفي سورة طه الآيات من أولها إلى قوله تعالى: {وقد خاب من افترى} (3) حدد المهدوي مايتعلق بالأحكام في تلك الآية بقوله:
فيه ما يتعلق بها في موضعين: أحدهما قوله تعالى {فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى} (4) فظاهر هذه الآية يدل على وجوب نزع النعلين في المساجد. وذلك غير لازم. وإنما أمر موسى بخلع نعليه لأنهما كانتا من جلد حمار غير ذكي. وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. (5)
(1) أخرجه مسلم - كتاب النكاح - باب الصداق
…
2/ 1042.
(2)
التفصيل 1/ 87، أخرجه البخاري مختصرًا بنحو هذا اللفظ - باب المهر بالعروض وخاتم من حديد 9/ 216. وأخرجه البخاري بنحوه مطولا - كتاب النكاح - باب التزويج على القرآن ولو بغير صداق 9/ 205، ومسلم - كتاب النكاح - باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن وخاتم حديد 2/ 1040.
(3)
طه: 61.
(4)
طه: 12.
(5)
يعني أن نعليه كانتا من جلد حمار غير ذكي روي ذلك فيما أخرجه الترمذي - كتاب اللباس - باب ماجاء في لبس الصوف 4/ 224 والعقيلي في الضعفاء رقم 97 والحاكم في المستدرك 2/ 379 وغيرهم عن ابن مسعود مرفوعا. وقال الترمذي: غريب. وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري فتعقبه الذهبي بقوله: بل ليس على شرط البخاري، وإنما غره أن في الإسناد حميد بن قيس كذا وهو خطأ إنما هو حميد الأعرج الكوفي ابن علي أو ابن عمار أحد المتروكين فظنه المكي الصادق. وانظر السلسلة الضعيفة 3/ 389،.
وقال الحسن ومجاهد وغيرهما إنما أمر بخلعها ليباشر الوادي المقدس بقدميه تبركا به.
قال الحسن وابن جريح: كانت نعلاه من جلد بقر.
وقد تبين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في نعليه ولا ينزعهما (1) وكان يدخل بهما في مسجده والمسجد الحرام.
والآية الأخرى قوله تعالى: {وأقم الصلاة لذكري} (2)،
…
الخ فذكر مافيها على نفس النهج.
وقال في سورة الأعراف: القول من أولها إلى قوله {فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون} (3) لا أحكام ولا نسخ فيها ثم قال: التفسير
…
وتحت قوله تعالى: {يواري سوءاتكم} (4) أفاض في الكلام عن حد العورة وتطرق منه لصلاة المرأة وشعرها مكشوف أو شيء من بدنها ونقل أقوال المذاهب في ذلك على غرار ماتقدم.
وأما موقف المؤلف من النسخ فهو يقول بوقوعه مثل الجمهور، ويدل على هذا وضعه العناوين الخاصة بذلك مثل: الأحكام والنسخ، لا أحكام ولا نسخ، لا أحكام والنسخ كذا
…
الخ.
وقد قدم تعريفا موجزا للنسخ وأنواعه محيلا على كتابه الكبير لزيادة البيان والتفصيل، وذلك أثناء تفسيره لقوله تعالى {ماننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها} (5) حيث قال: أصل النسخ إبدال الشيء من غيره، وهو على ضروب: نسخ الرسم وبقاء الحكم، ونسخ الحكم وبقاء الرسم، ونسخ الرسم والحكم جميعا ثم أشار إلى أن من معانيه تحويل الخط من كتاب إلى كتاب وختم بقوله: وقد بينت ذلك في الكبير (6).
وقال في تفسير بقية الآية وهو قوله تعالى {أو ننسها} ، يعني النسيان الذي هو ضد الذكر كما قال تعالى {سنقرئك فلا تنسى} (7) ثم قال {نأت بخير منها أو مثلها} ، يعني بخير منها لنا في العاجل
…
وقد ذكر نسخ أول الأنفال بقوله {واعلموا أنما غنمتم من شيء} (8) وقال:
(1) من ذلك ما أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب اللباس - باب النعال السبتية وغيرها 10/ 308 عن أنس.
(2)
طه: 14.
(3)
الأعراف: 25.
(4)
الأعراف: 26.
(5)
البقرة: 106.
(6)
التحصيل 1/ 59.
(7)
الأعلى: 6.
(8)
الأنفال: 41.
وممن روي عنه أنها منسوخة ابن عباس ومجاهد وغيرهما.
ومن الآيات التي رجح أنها منسوخة، ما جاء في تفسيره لقوله تعالى {لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله} (1) قال: قال ابن عباس وعائشة وغيرهما: هي محكمة، والمعنى عندهما أن الله تعالى يحاسب خلقه على ماعملوه وما أسروه في أنفسهم فيغفر للمؤمنين ويؤاخذ الكافرين والمنافقين.
وعن عائشة رضي الله عنها أن محاسبة الله عز وجل خلقه على ما أسروه ولم يعملوه، إنما هو بالمصائب في الدنيا هذا معنى قولها. وروي معناه عن النبي صلى الله عليه وسلم. (2)
وعن مجاهد وعكرمة وغيرهما أنها محكمة مخصوصة في كتمان الشهادة. وعن ابن عباس أيضا وأبي هريرة وابن مسعود وسعيد بن جبير وغيرهم أنها منسوخة بقوله {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} (3).
ويعقب المهدوي على كل هذا بقوله وأحسن ما يحمل هذا المذهب عليه أن تكون الآية إنما نسخت الشدة اللاحقة بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عند نزولها، فيكون من قولهم: نسخت الريح الآثار أي أزالتها، ومن قولهم نسخت الشمس الظل إذا أزالته وحلت محله فكأن اللين في الآية الأخرى أزال الشدة التي في الأولى وحل محلها، فإن لم يحمل على هذا ففيه بعد، لأنه خبر، وإذا لم يكن في الخبر معنى الأمر والنهي استحال نسخه (4).
ولا يجيز المهدوي نسخ القرآن بالسنة وقد عبر عن رأيه هذا عند تفسير قوله تعالى {آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا} (5)، وتأول معنى الحديث الذي اعتبره البعض ناسخا للآية السابقة فقال: قال بعض من يجيز نسخ القرآن بالسنة أن زكريا عليه السلام منع الكلام وهو قادر وأنه منسوخ، بقول النبي صلى الله عليه وسلم:"ولا صمات يوم إلى الليل"(6). وأكثر العلماء على أنه ليس
(1) البقرة: 284.
(2)
أخرجه البخاري - كتاب المرضى - باب ما جاء في كفارة المرض وقول الله تعالى {من يعمل سوءا يجز به} 10/ 103 عن عائشة مرفوعا: " ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها".
(3)
البقرة: 286.
(4)
التحصيل 1/ 150 - 151.
(5)
آل عمران: 41.
(6)
أخرجه أبو داود - كتاب الوصايا - باب متى ينقطع اليتم 3/ 115 عن علي بن أبي طالب مرفوعا في حديث أطول منه، وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الصغير ورجاله ثقات (المجمع4/ 334).
بمنسوخ، وعلى أن زكريا إنما منع من الكلام بآفة دخلت عليه منعته من الكلام، وتلك الآفة عدم المقدرة على الكلام مع الصحة، كذلك قال المفسرون. وذهب كثير من العلماء إلى أن قوله عليه الصلاة والسلام:"لا صمات يوم إلى الليل" إنما معناه عن ذكر الله، وأما عن الهذر وما لا فائدة فيه، فالصمت عن ذلك واجب (1).
كما لا يقبل نسخ الأخبار كما تقدم ويرى أنه مستحيل ولهذا فهو يرفض أن تكون آية النساء الواردة في وعيد القاتل ناسخة لآخر آية في سورة الفرقان المتضمنة حصول التوبة له (2).
ومن مواضع تعرضه لبعض الأصول الأخرى:
ماجاء في تفسيره لقوله عز وجل {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرا} (3) حيث فسر قوله تعالى {يتدبرون} بالتفكير في القرآن وفي معانيه وأوامره ونواهيه ثم قال: وفي الآية دليل بين على وجوب فهم معاني القرآن وفساد قول من قال لا يجوز أن يؤخذ التفسير إلا من النبي صلى الله عليه وسلم وفيها دليل على فساد التقليد والأمر بالنظر، والاستدلال، وفيها دليل على إثبات القياس (4).
ونظرا لتقدم هذا التفسير نراه لا يتعرض للعلوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية.
أما موقفه من المواعظ والآداب فنراه سلبيا لا يظهر لها ذكر واضح وإنما تأتي ضمنا خلال سوق النقول التفسيرية.
(1) التحصيل 1/ 162.
(2)
التحصيل 1/ 233.
(3)
النساء: 82.
(4)
التفصيل 1/ 119.