الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للمضاف، فلا يكون مرادهم خداع الله حقيقة، ويبقى أن يكون رسول الله مخدوعا منهم ومخادعا لهم، وأما تجويز مخادعة الرسول والمؤمنين للمنافقين لأنها جزاء لهم على خداعهم كذلك غير لائق. (1)
وقال:
واعلم أن قوله {وما يخادعون إلا أنفسهم} (2) أجمعت القراءات العشرة على قراءته بضم التحتية وفتح الخاء بعدها ألف، والنفس في لسان العرب الذات والقوة الباطنة المعبر عنها بالروح وخاطر العقل. (3)
وهذا الذي ذكره هو عكس الحقيقة فقد أجمع القراء على قراءة {يخادعون الله والذين آمنوا} بضم الياء والألف على المفاعلة، وأما في الموضع الثاني فاختلفوا فقرأها الجميع ماعدا نافع وابن كثير وأبي عمرو واليزيدي {ومايخدعون إلا أنفسهم} بفتح الياء وسكون الخاء بدون ألف، وقرأها الباقون كالحرف الأول. (4)
وقد أطال إطالة شديدة في اختلافهم في قراءة {ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله} (5)
عاشرا: موقفه من الفقه والأصول:
أطال رحمه الله نفسه كعادته في بعض المسائل التي لا علاقة لها بالتفسير ومن ذلك قراءة البسملة عند الشروع في قراءة السورة أو أجزائها. (6)
وقد أطنب في مسألة هل البسملة آية من كل سورة أم لا إطناب الفقهاء لا المفسرين. (7)
ومن مواضع حديثه عن الفقهيات بتطويل مسألة استقبال القبلة. (8)
وله كلام فقهي عجيب في ماذبح بنية أن الجن تشرب دمه ولايذكرون اسم الله عليه تحت قوله تعالى {وما أهل به لغير الله} (9)
وهو لا يلتزم مذهب مالك (10) وينقل عن الظاهرية وأهل الحديث (11)
ومن كلامه الجيد في الفقه مع كونه استطرادا في التفسير قوله:
ومن العجيب ما
(1) 1/ 1 / 276.
(2)
البقرة: 9.
(3)
1/ 1 / 278.
(4)
انظر إتحاف فضلاء البشر ص: 128.
(5)
البقرة: 165، 2/ 1 / 94، 95.
(6)
1/ 144 - 146.
(7)
1/ 138 - 141، 144.
(8)
انظر 2/ 1 / 13.
(9)
البقرة: 173، انظر 2/ 1 / 120.
(10)
انظر 2/ 1 / 120.
(11)
انظر1/ 1 / 267، 2/ 1 / 165.
يتعرض له المفسرون والفقهاء من البحث في حرمة خنزير الماء وهي مسألة فارغة إذ أسماء أنواع الحوت روعيت فيها المشابهة كما سموا بعض الحوت فرس البحر وبعضه حمام البحر وكلب البحر، فكيف يقول أحد بتأثير الأسماء والألقاب في الأحكام الشرعية؟ وفي المدونة توقف مالك أن يجيب في خنزير الماء وقال: أنتم تقولون خنزير. قال ابن شأش: رأى غير واحد أن توقف مالك حقيقة لعموم {أحل لكم صيد البحر} (1) عموم قوله تعالى {ولحم الخنزير} (2) ورأى بعضهم أنه غير متوقف فيه حقيقة، وإنما امتنع من الجواب إنكارا عليهم تسميتهم إياه خنزيرا ولذلك قال: أنتم تسمونه خنزيرا؟ يعني أن العرب لم يكونوا يسمونه خنزيرا وأنه لا ينبغي تسميته خنزيرا، ثم السؤال عن أكله حتى يقول قائلون: أكلوا لحم الخنزير، أي فيرجع كلام مالك إلى صون ألفاظ الشريعة ألا يتلاعب بها، وعن أبي حنيفة أنه منع أكل خنزير البحر غير متردد أخذا بأنه سمي خنزيرا، وهذا عجيب منه وهو المعروف بصاحب الرأي، ومن أين لنا ألا يكون لذلك الحوت اسم آخر في لغة بعض العرب فيكون أكله محرما على فريق ومباحا لفريق؟ (3)(4)
موقفه من النسخ:
وهو يقول بالنسخ وله في تفاصيله تفردات ومن ذلك قوله معللا بقاء تلاوة المنسوخ حكما:
وقد بدا لي دليل قوي على هذا وهو بقاء الآيات التي نسخ حكمها وبقيت متلوة من القرآن ومكتوبة في المصاحف فإنها لما نسخ حكمها لم يبق وجه لبقاء تلاوتها وكتبها في المصاحف إلا ما في مقدار مجموعها من البلاغة بحيث يلتئم منها مقدار ثلاث آيات متحدى بالإتيان بمثلها مثال ذلك آية الوصية في سورة العقود. (5)
ومن كلامه في النسخ قوله:
وقد اتفق علماء الإسلام على أن الوصية لا تكون لوارث لما رواه أصحاب السنن عن عمرو بن خارجة وما رواه أبو داود
(1) المائدة: 96.
(2)
البقرة: 173.
(3)
2/ 1 / 119.
(4)
وانظر في الاستطراد الفقهي2/ 1 / 82، 116، 117.
(5)
1/ 1 / 104.
والترمذي عن أبي أمامه كلاهما يقول سمعت النبيء قال: "إن الله أعطى كل ذى حق حقه، ألا لا وصية لوارث"(1). وذلك في حجة الوداع، فخص بذلك عموم الوالدين وهذا التخصيص نسخ، لأنه وقع بعد العمل بالعام وهو وإن كان خبر آحاد فقد اعتبر من قبيل المتواتر، لأنه سمعه الكافة وتلقاه علماء الأمة بالقبول. (2)
وفي معرض استبعاده لتشريع كيفية الصيام السابقة لصيام رمضان الثابتة في الأحاديث الصحيحة قال:
فأما أن يكون ذلك قد شرع ثم نسخ فلا أحسبه، إذ ليس من شأن الدين الذي شرع الصوم أول مرة يوما في السنة ثم درجه فشرع الصوم شهرًا على التخيير بينه وبين الطعام تخفيفًا على المسلمين؛ أن يفرضه بعد ذلك ليلاً ونهارًا فلا يبيح الفطر إلا ساعات قليلة من الليل. (3)
والرد عليه في هذا الكلام يطول ويكفي في ذلك ثبوت الرواية ولم ينتبه لمدلول كلمة {تختانون} (4) وكلمة {فتاب عليكم} (5) وكلمة {وعفا عنكم} (6) حيث أضرب عن تفسيرها تمامًا، كما حاول تأويل كلمة {فالآن} (7) لأنها ليست متوافقة مع ماذهب إليه.
ومن مواضع تعرضه للأصول قوله:
{وكذلك جعلناكم أمة وسطا} (8) وأما كون الآية دليلاً على حجية إجماع المجتهدين عن نظر واجتهاد فلا يؤخذ من الآية إلا بأن يقال: إن الآية يستأنس بها لذلك فإنها لما أخبرت أن الله تعالى جعل هذه الأمة وسطًا وعلمنا أن الوسط هو الخيار العدل الخارج من بين طرفيه إفراط وتفريط علمنا أن الله تعالى أكمل عقول هذه الأمة بما تنشأ عليه العقول من الاعتقاد بالعقائد الصحيحة ومجانبة الأوهام السخيفة التي ساخت فيها عقول الأمة. (9)
(1) انظر سنن الترمذي - كتاب الوصايا - باب ماجاء " لا وصية لوارث" رقم 2121 وقال في حديث عمرو: حسن صحيح.
(2)
2/ 1 / 150، 151.
(3)
2/ 1 / 182، 183.
(4)
البقرة: 187.
(5)
البقرة: 187.
(6)
البقرة: 187.
(7)
البقرة: 187.
(8)
البقرة: 143.
(9)
2/ 1 / 19.