الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن:
ومن مواضع تفسيره القرآن بالقرآن قوله في تفسير قوله تعالى {إن الله لايستحيي أن يضرب مثلا ما} (1): لا يوصف الله تعالى بالاستحياء على حد مايوصف به المخلوقين، والمعنى لا يخشى، كما جاء يخشى بمعنى يستحيي، كقوله {وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه} (2)، قاله جماعة من المفسرين واختاره الطبري. (3)
وقال في قوله {وقالوا قلوبنا غلف} (4) أي قلوبنا مستورة عما تقول كقوله {وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه} (5)(6)
ويستدل على معنى اللفظة القرآنية بما جاء في مواضع القرآن، ففي تفسير الإخوة من قوله تعالى:{ولأبويه لكل واحد منهما السدس ..} (7) إلى قوله {فإن كان له إخوة فلأمه السدس} (8)، يذهب إلى أن الإخوة في قول سائر العلماء، اثنان فأكثر، يحجبون الأم عن الثلث ويردونها إلى السدس. وقد قال إخوة، لأن الاثنين جماعة، بدليل قوله {وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب} (9) وكانا ملكين اثنين، وقوله تعالى لموسى وهارون {إنا معكم مستمعون} (10) وقوله في داود وسليمان {وكنا لحكمهم شاهدين} (11)، وذلك كثير
…
(12).
رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة:
وهو يعتمد على الحديث في تفسير كتاب الله بجانب القرآن إلا أن منهجه فيه يقوم على حذف الأسانيد وإهمال التخريج بالإضافة إلى عدم اشتراط الصحة فربما ذكر حديثا ضعيفا.
قال في تفسير قوله تعالى {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم} (13)
وروى ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الكبائر: أن تدعو لله ندا وقد خلقك، وأن تقتل ولدك من أجل أن يأكل معك وأن تزاني بحليلة جارك، وتلا {والذين لايدعون مع الله إلها
(1) البقرة: 26.
(2)
الأحزاب: 37.
(3)
التحصيل 1/ 17.
(4)
البقرة: 88.
(5)
فصلت: 5.
(6)
التحصيل 1/ 47.
(7)
النساء: 11.
(8)
النساء: 11.
(9)
ص: 21.
(10)
الشعراء: 15.
(11)
الأنبياء: 78.
(12)
التحصيل1/ 212.
(13)
النساء: 31.
آخر
…
} (1). (2)
وفي تفسير {هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل ..} (3) ذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "باب التوبة مفتوح من قبل المغرب، عرضه مسيرة سبعين عاما، فإذا طلعت الشمس منه لم تقبل لأحد توبة " وتلا الآية السابقة. (4)
وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن العلامات التي لا ينفع الإيمان بعدها طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض (5).
وأورد في تفسير قوله تعالى {إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس} (6) عن أبي عبيدة بن الجراح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيا من أول النهار في ساعة واحدة، فقام مائة رجل واثنا عشر رجلا من أبناء بني إسرائيل فأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر فقتلوا جميعا في آخر النهار من ذلك اليوم وهم الذين ذكر الله عز وجل في هذه الآية. (7)
وفي تفسير قوله تعالى {وجزاء سيئة سيئة مثلها} (8) ذكر أن الشافعي تأول هذه الآية بأن الإنسان يأخذ من مال من خانه بمقدار ما خانه من غير علم، واستشهد على ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم لهند زوج أبي سفيان: خذي من ماله ما يكفيك وولدك. (9)
(1) الفرقان: 68.
(2)
التحصيل 1/ 225، والحديث تقدم تخريجه من الصحيحين.
(3)
الأنعام: 158.
(4)
التحصيل 2/ 10، أخرجه أحمد في مسنده 4/ 241، والترمذي - كتاب الدعوات - باب فضل التوبة والاستغفار 4/ 269، وعبد الرزاق في مصنفه 1/ 204، والحميدي في مسنده 2/ 388، والنسائي في تفسيره رقم 198 من حديث صفوان بن عسال المرادي، وقال الترمذي: حسن صحيح.
(5)
أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الإيمان - باب بيان الزمن الذي لايقبل فيه الإيمان 1/ 138، والترمذي - كتاب التفسير سورة الأنعام 5/ 264 وغيرهما.
(6)
آل عمران: 21.
(7)
التحصيل 1/ 162 - 163. أخرجه ابن جرير 3/ 216، وابن أبي حاتم 2/ 161، والبغوي في تفسيره 2/ 331 بأطول منه، وضعف إسناده محقق تفسير ابن أبي حاتم وقد ذكره القرطبي ونسبه للمهدوي (الجامع 4/ 46).
(8)
الشورى: 40.
(9)
التحصيل 4/ 56. أخرجه البخاري - كتاب الأحكام - باب القضاء على الغائب 9/ 89، ومسلم - كتاب الأقضية - باب قضية هند 5/ 129 من حديث عائشة.
وفي قوله تعالى: {وأقم الصلاة لذكري} (1) ذكر أن أنس بن مالك روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها فإن الله تعالى يقول: {وأقم الصلاة لذكري} "(2)
وهو من المهتمين بإيراد أسباب النزول ومن ذلك:
في قوله عز وجل {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون} (3) قال: روي أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا اليهود إلى كتاب الله عز وجل فقال له نعيم بن عمرو، والحارث بن زيد: على أي دين أنت يامحمد؟ فقال له: "على ملة إبراهيم ودينه"، قال: فإن إبراهيم كان يهوديا. فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "فهلموا إلى التوراة فهي بيننا وبينكم" فأبيا من ذلك فنزلت الآية (4).
وفي قوله تعالى: {يسألونك عن الأنفال} (5) قال: عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر: "من أتى مكان كذا وكذا فله كذا" فأسرع الشباب وبقي الشيوخ فجاء الشباب يطلبون ماجعل لهم فنازعهم الشيوخ فنزلت (6).
وفي قوله تعالى {ياأيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا} (7) قال: قال ابن عباس: نزلت في قوم من المسلمين مروا براع، فقال: سلام عليكم، فقالوا: إنما تعوذ، فقتلوه (8).
(1) طه: 14.
(2)
أخرجه البخاري - كتاب مواقيت الصلاة - باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها رقم 597، ومسلم - كتاب المساجد - باب قضاء الصلاة 1/ 477.
(3)
آل عمران: 23.
(4)
التحصيل1/ 163. أخرجه ابن جرير 3/ 217 من طريق سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس، وأخرجه ابن أبي حاتم 2/ 166 عن عكرمة مرسلا ولعله سقط منه ابن عباس وخرجه محققه بحسن إسناده إلى ابن عباس.
(5)
الأنفال: 1.
(6)
أخرجه أبو داود - كتاب الجهاد - باب في النفل 3/ 29، وابن حبان (موارد الظمآن
ص: 431)، والحاكم - كتاب قسم الفيء 2/ 132، وانظر أيضا2/ 221، 326، وصححه ابن حبان والحاكم وسكت الذهبي.
(7)
النساء: 94.
(8)
التحصيل1/ 247. أخرجه البخاري - كتاب التفسير سورة النساء - باب {ولاتقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا} رقم 4591، ومسلم - كتاب التفسير رقم 3025 بأطول منه.
{واذكر ربك إذا نسيت} (1) قال: روي أن ذلك إنما نزل بسبب أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله اليهود عن ذي القرنين وعن خبر صاحب موسى وعن الروح قال: غدًا أخبركم ولم يقل إن شاء الله فأبطأ عنه الوحي بضع عشرة ليلة، ثم جاءته سورة الكهف (2).
وربما ذكر أكثر من رواية في سبب نزول الآية من غير ترجيح ومن ذلك:
في قوله تعالى {ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء} (3) ذكر أنها إما نزلت في عامر بن طفيل وأربد بن قيس حين أرادا الغدر بالنبي صلى الله عليه وسلم فأرسل الله على أربد صاعقة فمات، وأصاب عامر الطاعون في عنقه فمات (4).
وقيل: نزلت في يهودي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أخبرني من أي شيء ربك؟ أمن لؤلؤ أو من ياقوت؟ فجاءت صاعقة فأحرقته، روي ذلك عن مجاهد وأنس (5).
وهو يتعرض لفضائل السور والآيات ومن ذلك:
عند تفسيره لقوله تعالى {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله ..} (6) قال: روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كتب الله كتابا قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام فأنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة ولا تقرآن في دار ثلاث ليال، فيقربها الشيطان"(7).
وقال: جاء في الخبر أن سورة الأنعام نزل معها سبعون ألف ملك مع آية واحدة منها اثنا عشر ألف ملك وهي {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو} (8)
(1) الكهف: 24.
(2)
أخرجه ابن المنذر عن مجاهد مرسلا مطولا، وهو ضعيف لإرساله. وأخرج ابن مردويه بعضه عن ابن عباس (انظر الدر 4/ 239).
(3)
الرعد: 31.
(4)
التحصيل 4/ 44. أخرجه ابن جرير 13/ 126 عن ابن جريح مرسلا وهو ضعيف لإرساله. وعزاه السيوطي أيضًا لأبي الشيخ (انظر الدر 4/ 60) وأخرجه ابن جرير 13/ 119 مطولا جدًا عن ابن زيد مرسلا وهو ضعيف أيضًا لإرساله.
(5)
التحصيل 4/ 44. حديث أنس أخرجه البزار (انظر كشف الأستار 3/ 54)، والنسائي في التفسير رقم 279 وأبو يعلى في مسنده 3/ 54، وابن جرير 13/ 125، والواحدي في أسباب النزول ص: 204 وغيرهم. قال الهيثمي: رجال البزار رجال الصحيح غير دليم ابن غزوان وهو ثقة (مجمع الزوائد7/ 42) وقال الألباني: صحيح (وانظر الصحيح المسند من أسباب النزول ص: 89) ورواية مجاهد أخرجها ابن جرير 13/ 125.
(6)
البقرة: 285.
(7)
تقدم تخريجه ص: 629.
(8)
الأنعام: 59.