الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: تأثر التفسير في المنطقة بمدرسة المشرق:
الرحلة من المشرق إلى المنطقة والعكس
(1):
لقد بدأت العلاقة بين المشارقة والمنطقة منذ الفتح الإسلامي وهذا بطبيعة الحال إلا أن الرحلة العلمية من المشرق إلى المنطقة قد بدأت ببعثة عمر بن عبد العزيز سنة 99 هـ وكانت لنشر العلم فيها لا لطلب العلم منها. (2)
وقد كانت بداية دعوة المرابطين كما ذكرت في التمهيد على يد المفسر الفقيه المالكي عبد الله بن ياسين الذي وفد مع زعيم قبيلة جدالة الأمير يحيى بن إبراهيم إلى المنطقة بعد حج سنة 429 هـ، فما كان من عبد الله بن ياسين إلا أن أسس رباطه الذي نشر عن طريقه العلم وحث الناس على الجهاد.
أما الرحلة من المنطقة إلى المشرق فقد بدأت من بعد الفتح الإسلامي وبالتحديد قبل سنة 94 هـ قبل قدوم بعثة عمر بن عبد العزيز العلمية. (3)
ومن ذلك رحلة خالد بن أبي عمران الذي رحل بمسائل الأفارقة المسلمين ليسأل عنها التابعين في المشرق. (4)
وفي حوالي منتصف القرن الثاني بدأت الرحلة إلى المشرق تتكثف لاقتباس ما عند أهله من علوم الكتاب والسنة، وكان أكثر إقبال أهل القيروان على محدثي المدينة، لوفرتهم من جهة، ولكثرة تردد القرويين على مدنية الرسول صلى الله عليه وسلم من جهة أخرى، وكان في المقدمة عندهم
(1) كل من ذكرنا له رحلة تقدم مصدر ذلك في ترجمته فليراجع هناك.
(2)
انظر مدرسة الحديث 1/ 214 - 219.
(3)
انظر مدرسة الحديث 1/ 200.
(4)
انظر طبقات أبي العرب 235، 236.
الإمام أنس بن مالك، فأقبلوا عليه واتبعوا مذهبه، لاعتماده على الحديث، وموافقة ذلك ما في أنفسهم من التعطش إلى السنة والسعي إلى التزام الآثار، خاصة وأنه المذهب الوحيد، آنذاك، الذي يعتمد على الحديث إذ لم يظهر بعد مذهبا الشافعي وأحمد. (1)
وممن رحل إلى المشرق عبد الله بن فروخ الذي سمع من الإمام مالك بن أنس ومن سفيان الثوري والأعمش وابن جريج وكلهم من أعلام المفسرين ثم عاد إلى القيروان فأقام بها يعلم الناس فانتفع به كثيرون (2).
ورحل موسى بن معاوية الصمادحي إلى المشرق، وسمع بمكة من سفيان بن عيينة صاحب التفسير المشهور، وسمع أيضا من وكيع بن الجراح بالعراق خمسة وثلاثين ألف حديث، وأخذ عنه مصنفه ورواه في القيروان وكما هو معلوم فإن وكيعا صاحب تفسير مسند ولاشك في دخول مرويات هذا التفسير أو جزء كبير منها في هذه الروايات (3).
كما كان لعلي بن زياد شرف إدخال جامع سفيان الثوري الكبير وجامعه الأوسط إلى إفريقية (4).
وأما سفيان الثوري فقد روى عنه كثير من أهل القيروان وسمعوا منه جامعيه الكبير والصغير، وكان بعضهم يميل إلى رأيه (5) ولايخفى اشتغاله بالتفسير وتصنيفه فيه وليس ثمة شك في وصول تفسيره إلى المغرب رواية عنه.
وممن رحل في طلب العلم إلى المشرق من أبناء إفريقية أسد بن الفرات فلقي مالكا وصاحبي أبي حنيفة أبا يوسف يعقوب الكوفي ومحمد بن الحسن الشيباني الذي أقام عنده أسد مدة طويلة، واختص بالأخذ عنه في الفقه والتفسير، وذكر المالكي سؤال أسد للشيباني عن تعيين الذبيح فقال: قلت يومًا
(1) انظر مدرسة الحديث في القيروان 1/ 127.
(2)
انظر المعالم 1/ 293، الرياض 1/ 177.
(3)
انظر التقريب 1/ 312، سير أعلام النبلاء 12/ 109، المحن 85، المعالم 2/ 52، الرياض 1/ 377، فهرس ابن عطية 64.
(4)
طبقات أبي العرب 251، المدارك 3/ 326، الإكمال 1/ 524.
(5)
انظر الرياض 1/ 201، طبقات أبي العرب 52، 251، ورقات 1/ 73، الحياة الاجتماعية 72.
لمحمد بن الحسن، اختلفت الروايات في الذبيح من هو؟ فقال قوم إسحاق، وقال قوم إسماعيل، وقال محمد أصح الروايات عندنا إسماعيل لأن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم {فبشرناه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} (1) فكيف يختبر إبراهيم بذبح إسحاق وقد أعلمه الله أنه سيولد له إسحاق ويولد لإسحاق يعقوب؟ وإنما الاختبار فيما لم يعرف عاقبته وهو إسماعيل (2).
ورحل إلى المشرق أيضا جماعة كبيرة من المفسرين بالمنطقة ومنهم محمد بن سحنون ت 256 هـ ومحمد بن سعيد الفاسي ت 778 هـ
وممن دخل المدينة وسمع بها سليمان بن سالم أبو الربيع القطان ت 281 هـ، ومحمد ابن عرفة الورغمي ت 803 هـ
وممن دخل الحجاز ودرس فيه من المتأخرين محمد عبد الحي الكتاني ت 1382 هـ ومحمد تقي الدين الهلالي ت 1407 هـ وغيرهما.
كما قدم من مكة إلى المنطقة عبد اللطيف بن أحمد بن علي الفاسي ت 843 هـ.
وعلى الرغم من أن العراق لم تكن في طريق رحلة القرويين إلى الحرمين فقد تكونت صلات علمية بين الطرفين حيث قصد أهل القيروان مختلف مدن العراق، وخاصة بغداد والبصرة والكوفة، وأخذوا عن علمائها ومنهم من أقام بها. كما أن بعض أهل العراق قد قدموا إلى القيروان واستوطنوها وبثوا فيها العلم، ويضاف إلى هذا الإجازات المتبادلة بين أهالي الجهتين، والمصنفات التي أدخلها القرويون من العراق. (3)
وممن دخل العراق من المفسرين بالمنطقة:
فمن المتقدمين عكرمة مولى ابن عباس ت 105 هـ دخل البصرة وغيرها.
ومن المتأخرين محمد تقي الدين الهلالي ت 1407 هـ دخل البصرة أيضا.
ومن الإباضية دخلها إبراهيم بن محمد إطفيش الإباضي ت 1385 هـ.
وممن قدم من العراق من المفسرين جماعة على رأسهم يحيى بن سلام البصري الذي استوطن القيروان وحدث فيها بتفسيره.
كما دخلها محمد بن يحيى بن سلام ت 262 هـ الذي قدم مع أبيه صغيرا وأقام بالمنطقة.
ومن بغداد دخلها إمام أهل السنة أحمد بن حنبل
(1) هود 71.
(2)
المالكي المصدر السابق 1/ 178.
(3)
انظر مدرسة الحديث 1/ 432.
ت 241 هـ
وأبو اليسر إبراهيم بن أحمد الشيباني البغدادي ت 298 هـ الذي استوطن القيروان وكانت بها وفاته.
وأما بلاد الشام فدخلها جماعة كبيرة منهم:
علي بن أحمد الحرالي ت 637 هـ الذي جال في البلاد وكانت وفاته بسورية.
وعلي بن عبد الله بن ناشر الوهراني ت 615 هـ الذي سكن دمشق وكان خطيبا لداريا.
سليمان بن علي العفيف التلمساني ت 690 هـ وقد سكن دمشق.
ومحمد بن محمد بن أبي القاسم المشذالي ت 865 هـ وسكن بيت المقدس.
محمد بن رشيد الفهري السبتي ت 721 هـ.
ومحمد بن علي الدكالي ت 763 هـ.
ومحمد بن محمد ابن القوبع ت 738 هـ.
ومحمد بن أحمد المقري التلمساني ت 759 هـ والتقى هناك بالإمام ابن القيم وهو من هو في التفسير وغيره فاستفاد منه.
ومحمد بن إبراهيم التلمساني ت 845 هـ وتزاحم عليه الناس حين علموا فضله وأجلوه.
محمد بن محمد بن الطيب التافلالتي ت 1191 هـ وقد دخل دمشق مرارا.
وممن دخل الشام من المتأخرين ودرّس فيه محمد عبد الحي الكتاني ت 1382 هـ، محمد الخضر حسين ت 1377 هـ وكان له تأثير كبير فيه.
وأما من قدم من الشام إلى المنطقة فمنهم:
محمد بن عبد الوهاب بن عبد الكافي الواعظ الأطروش ت 652 هـ وقد أقام بمراكش وتوفي بالقرب منها.
وإمام القراء محمد بن محمد ابن الجزري ت 803 هـ
ودخلها من ملطية عبد الباسط بن خليل بن شاهين ابن الوزير ت 920 هـ وأخذ بالمغرب النحو والكلام والطب.
وأما اليمن وتركيا (الروم) وبلاد ما وراء النهر فكانت الصلة بها محدودة جدًا لبعد المسافة إلا أنه لم يعدم الاتصال ومن أمثلة ذلك
رحلة يوسف بن يحيى المغامي القرطبي نزيل القيروان إلى اليمن حيث سمع بها من إسحق بن إبراهيم الدبري صاحب عبد الرزاق وراوي مصنفه ومعلوم أن عبد الرزاق له تفسير مسند ولا يستبعد أن يكون يوسف سمعه أيضا من إسحق (1).
وأيضا رحل ابن أبي منظور قاضي قيروان إلى صنعاء، فسمع بها من الدبري مصنف عبد الرزاق (2).
وممن دخل بلاد الروم العفيف التلمساني
(1) انظر الديباج 356، الشجرة 1/ 76، الأنساب 11/ 418، تاريخ ابن الفرضي 2/ 201.
(2)
انظر طبقات الخشني 173، الرياض 2/ 357، المدارك 3/ 339، تكملة الصلة 1/ 363.
ت 690 هـ، وأحمد بن محمد شهاب الدين المقري ت 1041 هـ دخل استانبول وغيرها ونال حفاوة من البلاد التي دخلها ودرس فيها، ويحيى بن محمد الشاوي الملياني ت 1096 هـ وقرأ عليه المحبي وغيره وهو في تركيا تفسير سورة الفاتحة من تفسير البيضاوي، ومحمد بن الطيب الشرقي ت 1170 هـ، وأحمد بن مصطفى المستغانمي ت 1353 هـ، ومحمد الخضر حسين ت 1377 هـ
وقد وصل بعض أهل المنطقة في رحلته إلى المشرق إلى أواسط قارة أفريقيا قريبا من خط الاستواء وهو يوسف بن إبراهيم أبو يعقوب الورجلاني ت 570 هـ
وأما من قدم من المفسرين من تلك البقاع ونحوها إلى المنطقة فقلة:
فقدم من الري إسماعيل بن علي ابن زنجويه أبو سعد السمان المعتزلي ت 445 هـ
وقدم من تستر إلى المنطقة محمد بن عبد الملك بن سليمان الحنبلي الذي كان حيا سنة 430 هـ
كما قدم علي بن فضال المجاشعي ت 479 هـ من هجر.
أما مصر فتأثيرها في المنطقة كبير جدا وهذا واضح لمن تأمل التراجم فجل من رحل منهم إلى المشرق مر بمصر ونهل من علومها ودرس على علمائها وكثير منهم استقر بها وعلى وجه الخصوص بعد عودته من الحج، كما استفاد أمة من متأخريهم من الأزهر ورجاله وبعضهم انتسب إليه وارتبط به حتى درس فيه.
ومن هؤلاء:
مكي بن أبي طالب القيسي ت 437 هـ
علي بن محمد الحصار ت 611 هـ.
محمد بن أبي القاسم بن جميل الربعي وتوفي بها 715 هـ
ومحمد بن محمد ابن القوبع وتوفي بها 738 هـ
محمد بن علي بن عبد الواحد الدكالي وتوفي بها 763 هـ
محمد بن رشيد الفهري السبتي ت 721 هـ.
عبد العزيز ابن الدروال ت 733 هـ وقد أقام بمصر ولم يحج.
إبراهيم بن محمد أبو إسحق السفاقسي ت 742 هـ استقر بالقاهرة ولازم أباحيان الأندلسي.
محمد بن أحمد بن مرزوق العجيسي الجد الخطيب ت 781 هـ
محمد بن خلفة الوشتاتي الأبي ت 827 هـ
القاسم بن سعيد العقباني ت 854 هـ
عبد الرحمن بن مخلوف الثعالبي ت 875 هـ وقد دامت رحلته إلى المشرق عشرين عاما.
محمد بن محمد بن أبي القاسم المشذالي ت 865 هـ درس بمصر فبهر العقول
محمد بن عمر القلشاني ت 890 هـ الذي