الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وننقل هنا خلاصة ماتوصل له الباحث حول هذا التفسير، قال:
جاء تفسير الثعالبي سديدا في منهجه وعذوبة مورده بعيدا عن الحشو والتطويل وفضول الكلام.
ويعد مرجعا مهما في بابه لأنه يعتبر عصارة تفسير ابن عطية الذي يعتبره ابن خلدون عصارة التفاسير المتقدمة عليه.
فقام إلى تفسير ابن عطية ونحى منه وفرة وفيرة من الأقوال المتشعبة والاختلافات الكثيرة والروايات المتعددة واختار منها ماهو أقرب إلى الروح القرآنية السمحة
…
وهو بهذا يطمع أن ينتفع بذلك جمهرة كبيرة من العامة والخاصة كما نوه بذلك في مقدمة تفسيره وكان حريصا أثناء اختصاره لتفسير ابن عطية على تنقية الآراء وعلى إبقاء الطابع العام كما هو دون تغيير أو تبديل حتى تبقى شخصية ابن عطية ماثلة واضحة جلية إلا أنه أحيانا كانت تجذبه العاطفة الدينية كلما سنحت له الفرصة فيطلق لقلمه العنان في سرد الأحاديث والأقوال المتعلقة بالترغيب والترهيب والتذكير بأمور الآخرة والتزهيد في الدنيا والتقليل من شأنها
…
الخ (1).
وقد خلص الباحث إلى ملاحظات من خلال مقارنة الثعالبي بابن عطية تتلخص فيما يلي:
- تفوق الثعالبي على ابن عطية في مجال الحديث.
- تعقب الثعالبي ابن عطية في مسائل قال بها ثم عدل عنها.
- استدراك الثعالبي على ابن عطية فيما يتعلق بمنزلة الأنبياء وعصمتهم.
- ترجيح الثعالبي لغير آراء ابن عطية في فهم بعض الآيات القرآنية.
- مناقشة الثعالبي لابن عطية في بعض القضايا المختلفة.
- مخالفة الثعالبي لابن عطية في بعض الألفاظ اللغوية والنحوية.
المنهج العام للتفسير:
(2)
وتفسير الجواهر الحسان يعتير في الجملة تفسيرا أثريا ذا نزعة صوفية
(1) المقدمة (ز، ح).
(2)
انظر الرسالة السابق ذكرها " الثعالبي ومنهجه في التفسير"، وقد تكلم أيضا عن منهج الثعالبي الدكتور عمار الطالبي في مقدمة تحقيق التفسير (1 / ط - ت)، وكذا محمد الفاضلي 1/ 7 - 8، وتكلم عنه أيضا الفاضل ابن عاشور في التفسير ورجاله ص: 7 - 8.
وعظية يهتم بالقضايا الاجتماعية.
كما يهتم بالمقارنة بين مختلف التفاسير، وترجيح بعضها على الآخر، وذلك في مواضع كثيرة من تفسيره كقوله مثلاً: "وأرجح الأقوال عندي قول هذه الطائفة وفي الحديث الصحيح
…
" وذلك باعتماده على حديث صحيح، وكقوله: "وهي مع ذلك عند التأمل يلوح منها تأويل قتادة المتقدم فتأمله"، وكقوله: "وهذا التأويل عندي أبين إذا لخص وإن كان قد استبعده ابن عطية"، ويرجح أحيانًا تفسير الطبري فيقول: "وما قال الطبري عندي أبين" ويقول: "وهذا هو الراجح الذي تدل عليه الأحاديث وظواهر الآيات"، " وأظهرها عندي قول أبي جعفر".
ويرجح أحيانًا عند مقارنته تفسير أهل بلده مثل ترجيحه تفسير عبد الحق الخراطي أو البجائي فيقول: " وهذا هو الصواب إن شاء الله تعالى وهو تأويل صاحب العاقبة" ويميل أحيانا أخرى إلى تأويل الحديث ليخلص إلى رأى اجتهادي له كرأيه في عدم القيام للقادم لتحيته يقول: "وفي الاحتجاج بقضية سعد نظر لأنها احتفت بها قرائن سوغت ذلك، والسلامة عندي
…
"، ويرجح أحيانا كثيرة تفسير البخاري كقوله مثلا: " والأول أبين وهو تفسير البخاري ".
ولم يخل منهجه من عنصر النقد، فكما نقد كثيرا من الآثار والروايات سندا ومتنا نقد أيضا في مواضع متعددة جماعة من المفسرين وعلى رأسهم ابن عطية الذي اختاره المصنف ليكون أساس تفسيره فيصرح أحيانا ببعد تفسير أو لفظة عن السياق فيقول مثلا:"وهذا تأويل بعيد من لفظ الآية كما ترى".
ويكشف أحيانا عما يسميه قلقا في التوجيه أو في التعبير ويبين أحيانا أخرى أن ابن عطية خصص بدل أن يعمم بدون دليل مثل قوله في تفسير قوله تعالى: {إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا} (1)" والصواب عندي أن يقال: أما ثقله باعتبار سائر الامة فهو ماذكر من ثقل المعاني".
كما ينبه في مواضع أخرى على تناقض ابن عطية فيقول مثلا: وماضعفه رحمه الله صححه في
(1) المزمل: 5.
سورة البقرة ويقول: " وفي نظره رحمه الله نظر يمنعني من البحث معه ماأنا له قاصد من الإيجاز والاختصار دون البسط والانتشار ".
ونجده أحيانا أخرى ينبه إلى أخطاء وقع فيها ابن عطية فيقول: "وماذكره رحمه الله تعالى من البطلان لا يصح " ويشير في مواضع أخرى إلى أنه ترك عبارات من تفسير ابن عطية كلمات الواجب طرحها ولهذا أعرض عنها. أو أنه لم يتبع الأحسن في تفسير لفظة أو آية يقول: "فسر رحمه الله تعالى لفظ {خاوية} (1) في سورة الحج والنمل بخالية والأحسن أن تفسر هنا وفي الحج بساقطة وأما التي في النمل فيتجه أن تفسر بخالية وبساقطة". كما خطأ ابن عطية في ادعائه الإجماع على معنى آية فقال: "وليس هذا الإجماع بصحيح". ويصلح له بعض العبارات مثال ذلك قوله: "وصوابه أن يقول: عن بعض المقدورات لا عن كلها وهذا هو مراده ألا تراه قال في قوله تعالى: {ولا يحيطون بشيء من علمه} (2) قال: يعني بشيء من معلوماته لأن علمه تعالى لا يتجزأ فافهم راشدا. "
ولكن الإنصاف جعل الثعالبي يدافع عن ابن عطية إذا انتقده من لم يكن محقا في نقده كالصفاقسي، وأكثر من ذلك فإنه انتصر له في عدم موافقته الطبري في بعض مايذهب إليه.
والتزم في طريقته تجنب التكرار والإعادة فيقول مثلا: "فأغنانا عن إعادته وهذه هي عادتنا في هذا المختصر."(3)
وبدأ الثعالبي بمقدمة لتفسيره جاء فيها:
وماانفردت بنقله عن الطبري فمن اختصار الشيخ أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد اللخمي النحوي لتفسير الطبري نقلت لأنه اعتنى بتهذيبه
…
، وكل مافي آخره انتهى، فليس هو من كلام ابن عطية، بل ذلك مما انفردت بنقله عن غيره ومن أشكل عليه لفظ في هذا المختصر فليراجع الأمهات المنقول منها، فليصلحه منها ولا يصلحه برأيه وبديهة عقله فيقع في الزلل من حيث لا يشعر، وجعلت علامة "التاء" لنفسي بدلا من "قلت" ومن شاء كتبها "قلت"، وأما "العين" فلابن عطية ومانقلته من الإعراب عن غير ابن عطية
(1) الحج: 45، النمل:52.
(2)
البقرة: 255.
(3)
انظر لما تقدم: مقدمة الجواهر الحسان للطالبي (1 / ل - س).