الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة:
وتحت قوله تعالى {طوبى لهم وحسن مآب} (1) وقفت على رواية لبقي قال:
نا ابن ذكوان، قال: حدثنا مروان، قال: نا معاوية بن سلام، قال: حدثني أخي زيد بن سلام أنه سمع جده أبا سلام قال: حدثني عامر بن زيد البكالي أنه سمع عتبة بن عبد السلمي يقول: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما حوضك هذا الذي تحدث عنه؟ قال: "هو ما بين البيضاء إلى بصرى، ويمدني الله فيه بكراع (2) لا يدري أحد ممن خلق الله أين طرفيه". قال: فكبر عمر. فقال: أما الحوض فيرد عليه فقراء المهاجرين الذين يقتلون في سبيل الله ويموتون في سبيل الله، وأرجو أن يوردني الله الكراع فأشرب منه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله وعدني أن يدخل من أمتي الجنة سبعين ألفا من غير حساب، ويشفع كل ألف لسبعين ألفا وحثا لي بكفه ثلاث حثيات" قال: فكبر عمر، فقال: سبعون ألفا كلهم يشفعون في آبائهم وأبنائهم وعشائرهم، وأرجو أن يجعلني الله في إحدى الحثيات الثلاث. فقال: يارسول الله وهل في الجنة شجر؟ قال: "نعم، فيها شجرة تدعى: طوبى، بطنان (3) الفردوس." قال: يارسول الله وأي شجرنا تشبه؟ قال: "شجرة بالشام يقال لها: الجوزة، تنبت على ساق واحد وينتشر أعلاها." قال: يارسول الله فما غلظها؟ قال: "لو ركبت على جذعة من إبلك ما أحطت بها حتى يتكسر مشفرها (4) من السير". قال: يارسول الله هل فيها عنب؟ قال: "نعم." قال: فما عظم العنقود؟ قال: "مسيرة الغراب شهرا لا يفتر، ولا يقع." قال: فما عظم الحبة؟ قال: "هل يجد أبوك تيسا عظيما فيسلخ جلده، فقال لأمك: أفرِ (5)
لنا هذه الجلد نصنع به ما شئنا " فقال: يارسول الله إن هذه الحبة تشبعني وأهل بيتي! قال: "نعم وعامة عشيرتك" (6).
وتحت تفسير سورة الكوثر
(1) الرعد: 29.
(2)
الكُراع: طرف من ماء الجنة (انظر لسان العرب 5/ 3858).
(3)
بُطْنان الجنة: وسطها (لسان العرب 1/ 304).
(4)
المِشفَر للبعير كالشفة للإنسان (لسان العرب 4/ 2288).
(5)
أفرى الشيء: أصلحه. وفرى المزادة يفريها إذا خرزها وأصلحها .. (انظر لسان العرب 5/ 3407).
(6)
أخرجه أحمد في المسند 4/ 183، 184عن طريق عامر بن زيد البكالي به مختصرًا. وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط وفي الكبير وأحمد باختصار عنهما وفيه عامر ابن زيد البكالي وقد ذكره ابن أبي حاتم ولم يجرحه ولم يوثقه وبقية رجاله ثقات. (مجمع الزوائد10/ 413) وأخرجه ابن جرير في التفسير 16/ 442 (طبعة شاكر) من طريق أبي سلام عن عامر بن زيد وجود إسناده المحقق، ثم صحح إسناد الإمام أحمد اعتمادًا على كون ذكر ابن أبي حاتم للرجل يعد توثيقًا وفيه نظر. وعزاه السيوطي في الدر 4/ 59 أيضًا لابن أبي حاتم وغيره. وعامر ذكره الحافظ وقال: هو معروف، واعتبره ثقة عند ابن حبان (انظر تعجيل المنفعة ص: 204 وفيه تصحيف).
وقفت على تلك الروايات لبقي بن مخلد قال:
نا أبو الأصبغ، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن جعفر بن عمرو، عن عبد الله ابن مسلم الزهري، عن أنس بن مالك،
ونا الحزامي، قال: نا معن بن عيسى، عن ابن أخي ابن شهاب، عن أبيه عبدالله ابن مسلم، قال: أخبرني أنس،
وقرئ على يحيى وأنا أسمع: عن الليث، عن ابن الهادي، عن عبد الله بن مسلم، عن ابن شهاب، عن أنس،
ونا يونس بن عبد الأعلى، قال: نا يحيى بن بكير، قال حدثني الليث، عن ابن الهادي، عن عبد الوهاب، عن عبد الله بن مسلم عن ابن شهاب، عن أنس أن رجلا قال: يارسول الله ماالكوثر الذي أعطاك ربك؟ قال: "نهر في الجنة أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، ما بين صنعاء إلى أيلة ترده طير لها أعناق كأعناق الإبل".
فقال عمر: والله يارسول الله إنها لناعمة! قال: " آكلها أنعم منها"(1).
قال أبو الأصبغ في حديثه: قيل: يارسول الله، ولم يذكر: أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل.
وقال الحزامي في حديثه: "فيه طيور أعناقها كأعناق الجزر".
وقال: نا ابن فضيل عن المختار بن فلفل، قال: سمعت أنسا يقول،
ونا أبو بكر، قال: نا علي بن مسهر عن المختار، عن أنس قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا إذ غفا إغفاءة، ثم رفع رأسه متبسما. فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: "نزلت علي آنفا سورة " فقرأ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، إنا أعطيناك الكوثر،
(1) أخرجه أحمد 3/ 220، والترمذي - صفة الجنة - باب ما جاء في صفة طير الجنة 4/ 680، وابن جرير 30/ 324 من طريق ابن أخي ابن شهاب به وقال الترمذي: حسن غريب.
فصل لربك وانحر، إن شانئك هو الأبتر} (1). ثم قال:"هل تدرون ما الكوثر؟ ". قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: "فإنه نهر وعدنيه ربي، عليه خير كثير، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم، فيختلج العبد منه، فأقول: يا رب هو من أمتي. فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك"(2).
ولم يذكر يحيى في حديثه: "بينا رسول الله بين أظهرنا"، وقال: فإما قال لهم، وإما قالوا له: لم ضحكت؟، وقال:"وعدنيه ربي في الجنة، عليه خير كثير، عليه حوض".
نا هدبة بن خالد، قال: نا همام، قال: نا قتادة، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"بينا أنا أسير في الجنة، إذا بنهر حافتاه الدر المجوف. فقلت: "ما هذا يا جبريل؟ "قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك. قال: "فضرب الملك بيده، فإذا طينته مسك أذفر (3) " (4).
ونا هدبة قال: نا حماد بن سلمة، عن ثابت قال: أخبرني أنس في {إنا أعطيناك الكوثر} قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الكوثر نهر في الجنة يجري على وجه الأرض،
حافتاه قباب" (5).
نا يحيى بن عبد الحميد. قال: نا عبد العزيز بن محمد، عن حرام بن عثمان، عن الأعرج، عن المسور بن مخرمة عن أسامة بن زيد أن الرسول صلى الله عليه وسلم أتى بيت حمزة بن عبد المطلب إلى الباب، فتبعته، فسلم، فردت عليه امرأته السلام - وكانت امرأة من بني النجار - فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أثم أبو عمارة؟ ". قلت: لا والله يا رسول الله بأبي أنت وأمي، خرج الساعة عامدًا إليك، فأظنه أخطأك في بعض أزقة بني النجار. أفلا تدخل يا رسول الله؟. فدخل، فقدمت إليه حيسًا، فأكل منه.
(1) سورة الكوثر 1 - 3.
(2)
أخرجه مسلم - كتاب الصلاة - باب حجة من قال البسملة آية 2/ 12 - 13، وأحمد 3/ 102 من طريق المختار به.
(3)
أَذْفَر: أي طيب الريح (لسان العرب 3/ 1504).
(4)
انظر الحديث الآتي.
(5)
أخرجه البخاري - كتاب التفسير - سورة إنا أعطيناك الكوثر 6/ 219، ومسلم - الفضائل - باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم 4/ 1801 ط. فؤاد، وأحمد 3/ 103، 247، وابن جرير 30/ 323 من طرق عن أنس بألفاظ مختلفة.
فقالت: يا رسول الله هنيئًا لك ومريئًا، لقد جئت وأنا أريد أن آتيك فأهنئك وأمرئك؛ أخبرني أبو عمارة أنك أعطيت نهرًا في الجنة يدعى الكوثر. قال:"أجل، وعرصته ياقوت ومرجان وزبرجد ولؤلؤ". قالت: أحب أن تصف لي حوضك بصفة أسمعها منك؟ قال: "هو ما بين أيلة وصنعاء، فيه أباريق مثل عدد النجوم، وأحب واردها علي قومك يا بنت قهد " - يعني الأنصار - (1).
ومن مواضع اهتمام بقي بأسباب النزول قوله تعالى: {ولاتحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون} (2)
قال ابن عبد البر (3) في سبب نزول هذه الآية: ذكر بقي بن مخلد، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الله بن إدريس، عن محمد بن إسحاق، عن إسماعيل بن أمية عن أبي الزبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما أصيب إخوانكم يوم أحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر، ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمرها، وتأوي إلى قناديل من ذهب مذللة في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم، فالوا: من يبلغ إخواننا عنا أنا أحياء في الجنة نرزق، لئلا ينكلوا عن الحرب ولا يزهدوا في الجهاد؟ قال: فقال الله عز وجل: أنا أبلغهم عنكم، فأنزل الله تعالى:{ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا} (4) الآية. (5)
(1) أخرجه ابن جرير 30/ 325 من طريق حرام بن عثمان عن عبد الرحمن الأعرج عن أسامة بنحوه ولم يذكر المسور، وفي إسناده حرام بن عثمان، قال مالك ويحيى: ليس بثقة، وقال الشافعي: الرواية عن حرام حرام (انظر لسان الميزان 2/ 182) وعزاه السيوطي أيضًا لابن مردويه (الدر المنثور 6/ 450).
(2)
آل عمران: 169.
(3)
التمهيد 11/ 61.
(4)
آل عمران: 169.
(5)
أخرجه أحمد في المسند 1/ 256 - 266 وابن جرير في تفسيره 4/ 170 كلاهما من طريق ابن إسحاق عن إسماعيل بن أمية بهذا الإسناد. وجاء في المسند تصريح ابن إسحاق بالسماع.
وأخرجه أبو داود في السنن - كتاب الجهاد - باب فضل الشهادة 3/ 15، وأحمد في المسند 1/ 262، والحاكم في المستدرك - كتاب التفسير - سورة آل عمران 2/ 297، والواحدي في أسباب النزول ص: 128 كلهم من طريق عبد الله بن إدريس عن ابن إسحاق به وعندهم في الإسناد (سعيد بن جبير) بين أبي الزبير وابن عباس وقد صححه الحاكم على شرط مسلم، وسكت الذهبي. والحديث حسنه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود 3/ 479 وذكره ابن كثير 1/ 403 من رواية المسند الأولى، وأشار إلى زيادة (سعيد ابن جبير) في الإسناد عند أبي داود والحاكم ثم قال: وهذا أثبت.