الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني إنما قال: {غير المغضوب عليهم} ، ليدخل غضبه وغضب الملائكة والأنبياء والمؤمنين فهو أعم فائدة.
الثالث: إنما لم يقل صراط المنعم عليهم لأن إبراز ضمير فاعل النعمة ذكر وشكر له باللسان وبالقلب فيكون دعاء مقرونا بالشكر والذكر.
الرابع فيه فائدة بيانية، وهو أنه من التفنن في الكلام لأنه لو أجري على أسلوب واحد لم يكن فيه تلك اللذاذة وإذا اختلف أسلوبه ألقى السامع إليه سمعه وهو تنبيه وطلب إحضار ذهنه من قريب ومن بعيد.
قال: وإشارة إلى قوله تعالى: {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك} (1) فالنعمة تفضل ورحمة والانتقام عدل وقصاص. (2)
وقوله: وفي دعوة الله عباده المؤمنين إلى الجنة والمغفرة في قوله تعالى {والله يدعو إلى الجنة والمغفرة} (3)، تساءل ابن عرفة بقوله: هلا قال: والمؤمنون يدعون إلى الجنة والمغفرة بإذنه، كما أسند للمشركين الدعاء إلى النار.
وأجاب بأن فيه كمال تشريف لدين الإسلام، وهذا شبيه بقوله تعالى {إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله} (4).
تاسعا: موقفه من القراءات:
ومن مواضع تعرضه للقراءات كلامه في الاستعاذة حيث قال:
وحكى أبو عمرو الداني في بحار البيان في كيفيته ثلاثة أوجه: إما أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، وإما أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وإما أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إنه هو السميع العليم وحكى في كتاب الإقناع: أن الأولى أن تقول: أعوذ بالله القوي من الشيطان الغوي.
وقال الشاطبي:
إذا ما أردت الدهر تقرأ فاستعذ
…
جهارًا من الشيطان بالله مسجلا
على ماأتى في النحل يسرًا وإن تزد
…
لربك تنزيهًا فلست مجهلا
وقد ذكروا لفظ الرسول فلم يزد
…
ولو صح هذا النقل لم يبق مجملا (5)
(1) النساء: 79.
(2)
تفسير ابن عرفة1/ 104 - 105.
(3)
البقرة: 122.
(4)
الفتح: 10.
(5)
حرز الأماني ووجه التهاني ص: 10.
فظاهره أن الآية مجملة، هو خطأ لأن المجمل عند الأصوليين هو اللفظ المحتمل
معينين فصاعدا على التساوي، وليست الآية كذلك بل هي عندهم من قبيل المطلق الذي يصدق بصورة
…
قال: وعادتهم يجيبون عنه بأنه من قبيل الإجمال اللغوي لا الاصطلاحي.
ثم قال:
وفيه مقال في الأصول فروعه
…
فلا تعد منها باسقًا ومظللا (1)
ومراده بالأصول إما الكتب المطولة وإما أصول الفقه. (2)
وفي قوله تعالى: {ءأنذرتهم
…
} (3)
قال: أنكر الزمخشري هنا قراءة ورش وجعلها لحنا وكفره الطيبي وظاهر كلام الطيبي هذا أن السبع قراءات أخبار آحاد وليس بمتواتر قال ابن عرفة: وحاصل كلام الناس فيها أنها على وجهين: فأما ما يرجع إلى آحاد الكلام كملك ومالك ويخدعون ويخادعون فهو متواتر اتفاقًا من غير خلاف منصوص إلا أن ظاهر كلام الداوودي على ما نقل عنه الأنباري أنها غير متواترة وأما ما يرجع إلى كيفية النطق بها من إعراب وإمالة وكيفية وقف ففيه ثلاثة أقوال:
الأول: نقل الأنباري شارح البرهان عن أبي المعالي أنها متواترة وأنكره عليه وهو اختيار الشيخ أبي عبد الله محمد بن سلامة من أشياخنا
الثاني: أنها متواترة عند القراء فقط نقله المازري في شرح البرهان واختاره شيخنا ابن عرفة.
الثالث: أنها غير متواترة قاله ابن العربي في العواصم والقواصم والأنباري وابن رشد في كتاب الصلاة الأول وفي كتاب الجامع الرابع من البيان والتحصيل قال ابن عرفة: وهو اختيار الشيخ أبي إسحاق إبراهيم الجزري وشيخنا القاضي أبي عبد الله محمد بن عبد السلام وصاحبنا الفقيه أبي العباس أحمد بن إدريس البجائي. (4)
وهو يتعرض للقراءات من حيث التركيب اللغوي ويطنب في ذلك:
(1) المصدر السابق وقد عدلت لفظ البيت منها.
(2)
تفسير ابن عرفة1/ 66 - 67.
(3)
البقرة: 6.
(4)
تفسير ابن عرفة 1/ 120 - 123.
ذكر في تفسير قوله سبحانه {والله يؤيد بنصره من يشاء إن} (1)، أنها قرئت بتسهيل الهمزة، وأن أبا حيان جوز تسهيلها، وبعضهم يذهب إلى عدم تسهيلها، لأنه قريب من السكون فيلتقي ساكنان، غير أن ابن عرفة يرد قولهم هذا بما ورد في قراءة الآية {سواء عليهم ءأنذرتهم} (2)، التي وقع فيها تسهيل، في حين التقى فيها ثلاث سواكن. (3)
وقال في قوله تعالى {فتلقى آدم من ربه كلمات} (4):
وقرأ ابن كثير {آدم} بالنصب و {كلمات} بالرفع.
قال ابن عرفة: قراءة الجماعة بالرفع ظاهرة لأنه هو فاعل التلقي فكلفة التلقي والقصد إليه وإمعان النظر فيه ظاهر وأما قراءة ابن كثير فتقتضي أن آدم عليه السلام أتاه التلقي هجما من غير نظر فيمكن فهمه على أنه أتته أوائل درجات النظر بالبديهة لأن المعقولات فرع المحسوسات فأول درجات النظر مدرك معلوم بالبديهة لا يفتقر إلى تقدم شيء قبله لأن لا يلزم عليه التسلسل وتنكير {كلمات} للتشريف والتعظيم. (5)
وهو يتعرض للقراءات الشاذة ومن ذلك قوله:
قال ابن عطية: وقرأ سفيان بن عينية ورؤبة بن العجاج "الحمد لله" بفتح الدال
…
على إضمار فعل.
قال ابن عرفة: وقالوا: وقراءة الضم أدل على الثبوت
…
، قال الزمخشري: ومنه قوله تعالى: {قالوا سلاما قال سلام} (6) بالرفع في الثاني ليدل على أن إبراهيم حياهم بتحية أحسن من تحيتهم لأن الرفع دال على الثبوت. وكذا قال السكاكي في علم البيان. (7)
كما ذكر ابن عرفة رأي ابن جني في قراءة قوله تعالى: {فرجل وامرأتان} (8)، وهو المتمثل في أنه لانظير لتسكين الهمزة المتحركة، وإنما خففوا الهمزة فقرب من الساكن، ثم بالغوا في التخفيف، فصارت الهمزة ألفا ساكنة، ثم جعلوا الهمزة على الألف ساكنة ومثلوا له بقراءة ابن كثير {وكشفت عن سأقيها} (9)، لكن ابن عرفة بعد عرضه للقراءة التي نقلها ابن جني وتعليقه عليها يشير إلى أنه
(1) آل عمران: 13.
(2)
البقرة: 6.
(3)
ق: 71.
(4)
البقرة: 37.
(5)
تفسير ابن عرفة 1/ 264.
(6)
هود: 69.
(7)
تفسير ابن عرفة 1/ 95.
(8)
البقرة: 282.
(9)
النمل: 44.