الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنظير لما ورد به القرآن فإن النظير يذكر بالنظير
…
ومع ذلك فياليتهم لم يتساهلوا في مثل ذلك لما فيه من الإبهام والإلباس. (1)
وقد قسم الدكتور حسين الذهبي التفسير الصوفي إلى قسمين:
التفسير الصوفي النظري: وهو مابني على مباحث نظرية وتعاليم فلسفية وهو يقوم على مذهب وحدة الوجود.
التفسير الصوفي الفيضي أو الإشاري: وهو تأويل لآيات القرآن على خلاف الظاهر بمقتضى إشارات خفية تظهر لمن يطلق عليهم أرباب السلوك، ويفترض فيه إمكانية التطبيق بينه وبين الظواهر المرادة. (2)
وهذا الأخير له شروط عند من قبله وقد تقدم شيء من ذلك في كلام ابن باديس رحمه الله إلا أن تلك الشروط لا تكاد تنطبق عند النقد.
وأضيف هنا قسما ثالثا:
وهو التفسير الصوفي الحرفي: وهو استعمال الحروف وأسرارها التي هي من وحي الشياطين في تفسير كتاب الله تعالى، وتفسير ابن برجان من هذا النوع، وأما النوع الأول فسوف نتعرض له في تفسير ابن عربي، والنوع الثاني سوف نتعرض له في تفسير ابن عجيبة، نسأل الله السلامة.
التعريف بالتفسير:
وتفسيره المسمى "الإرشاد" من التفاسير المخطوطة وقد ذكر الزركلي أنه لم يكمله وأن أكثر كلامه فيه على طريق الصوفية، وفي كشف الظنون أنه ذكر فيه من الأسرار والخواص ما هو مشهور فيما بين أصحاب هذا الشأن.
وقد وقفت على نسخة على الميكروفيلم بمكتبة الجامعة الإسلامية جاء عليها:
النصف الأول من تفسير القرآن العظيم للشيخ الإمام العارف الرباني أبي الحكم عبدالسلام بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن اللخمي عن السليمانية بتركيا 8951/ 1 - 2، وهي التي اعتمدتها في دراسة الكتاب، وهي من سورة الفاتحة إلى سورة الكهف.
(1) الفتاوى ص: 29.
(2)
انظر التفسير والمفسرون 2/ 339، 352.
وقد افتتح المؤلف الكتاب بخطبة ثم عقد فصلا يدل على انحراف فكره قال فيه:
ثم قد يكشف الله جل جلاله لبصائر بعض عباده المؤمنين فيرون بها ما غاب عن أبصار رءوسهم
…
فرأوا بنور الإيمان وحقيقة الإيقان ما ليس بشخص ولا جوهر ولا عرض ولا هو من قبيل ذلك .. ثم قد يرون أيضا ما ليس كالأجسام المعهودة
…
.مرائي روحانية يصورها مصور العقل في باطن الذكر
…
وكذلك يزيل الوقر عن أسماع قلوبهم فيسمعون بها ما غاب عن آذان رءوسهم
…
إلى أن قال: وأما الإلهام
…
الخ
وأما التوسم
…
الخ
فلم يكن الله جل جلاله ليجعل كلامه الكريم ظاهرا كله للحكمة والحكم اللذين في كلامه ولئلا يصل إلى فهم رفيع خطابه إلا من صرف همته إليه
…
ثم ذكر الظاهر والباطن.
ثم شرع في الحديث عن البسملة.
وهذا التفسير في الجملة تفسير صوفي يركز على الحرف وشيء من الإشارة وأنواع من الهذيان، وهو لا ينقل عن أحد سبقه البتة، ولا يهتم باللغويات والنحو.
ويبدأ بذكر اسم السورة كقوله سورة البقرة
…
.ولا يذكر مكية أو مدنية ولا عدد آي ولا مناسبات
…
.
وربما خالف ذلك مثل قوله سورة الأنعام مكية غير تسع آيات نزلت هذه السورة ليلا المنسوخ منها أربع عشرة آية (1).
ويتعرض للكلام في العقائد فقال تحت قوله تعالى: {إذ قال الله ياعيسى إني متوفيك} (2) بعد أن ذكر كلاما كثيرا عن المسيح والمسيح الدجال تطرق للكلام عن علي بن أبي طالب وقال: وحتى هذا اعتقد قوم أنه حي وأنه تكون منه رجعه فيفعل ما يفعل الوصي فإنهم ادعوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعله وصيا وهذا لم يثبت وإنما يكون في نسله ومنهم يكون الرجل الصالح المهدي المبشر به فهذا أوقع أولئك في هذيانهم من قولهم بالرجعة (3).
وهو يذكر الآيات القرآنية بكثرة في نسق واحد وفي الغالب يكون لا تعلق لها بالآية المراد تفسيرها أو تعلقها طفيف جدا وربما ذكر تفسيرا مقبولا لآية بآية كما هو منهج المفسرين ومثل ذلك قوله: {أولئك ما يأكلون في بطونهم
(1) 213 / أ.
(2)
آل عمران: 55.
(3)
147 / ب.
إلا النار} (1) ذكر بعض المفسرين في ذلك أنه على المال ولهذا نظير قوله تعالى: {الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا} (2) ثم استطرد بآيات على طريقته فقال: ومثله قوله تعالى: {إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا
…
.. لا يبصرون} (3) وقوله {أولئك الذين كفروا بربهم وأولئك الأغلال في أعناقهم
…
خالدون} (4). (5)
وقد يذكر بعض الأحاديث الصحيحة كقوله:
جاء في الصحيح المأثور أن جبريل ورسول الله صلوات الله وسلامه عليهما (6) كانا قاعدين معا إذ سمع جبريل نقيضا في السماء. (7) فذكر الحديث في فضل الفاتحة وأواخر البقرة.
وقال: فصل:
فذكر فيه حديث أبي بن كعب فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بن كعب رضي الله عنه: "يا أبي إني لأرجو أن لا تخرج من المسجد
…
.الخ " (8) الحديث في فضل الفاتحة.
ومن الأحاديث غير الصحيحة قوله:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله جزأ القرآن ثلاثة أجزاء فجعل قل هو الله أحد جزءا"
وفي أخرى "فجعل سورة يس جزءا"(9). (10)
وقد يتعرض لأسباب النزول:
ومن ذلك قوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} (11)
قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاما فدعانا وسقانا الخمر فأخذت منا وحضرت الصلاة فقدموني فقرأت: {قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون} (12) ونحن نعبد ما تعبدون فأنزل الله {ياأيها الذين
(1) البقرة: 174.
(2)
النساء: 10.
(3)
يس: 8.
(4)
الرعد: 5.
(5)
102 / ب.
(6)
7 / أ.
(7)
أخرجه مسلم - كتاب صلاة المسافرين - باب فضل الفاتحة 1/ 554 عن ابن عباس.
(8)
سبق تخريجه.
(9)
الرواية الأولى صحيحة أخرجها مسلم في صحيحه - كتاب صلاة المسافرين - باب فضل قراءة قل هو الله أحد 1/ 556 عن أبي الدرداء، وأما رواية يس فلم أقف لها على أصل إلا أنه روي أن من قرأها فكأنما قرأ القرآن. أخرجه عبد الرزاق في المصنف 3/ 273 عن قتادة عن رجل مرفوعا.
(10)
12 / ب.
(11)
النساء: 43.
(12)
الكافرون: 1، 2.
آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} (1)(2)
وأما السيرة والتاريخ فمن مواضع تعرضه لها:
قال في قوله {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا} (3): اختلف الناس فيمن هو المعني بهذا المعنى فقال قوم: هو بلعام بن باعوراء وقيل: باعر وقال آخرون: هو البسوس عابد من بني إسرائيل قالوا: كانت له ثلاث دعوات استفذهن على ما ذكروه في امرأة والله أعلم أكان ذلك أم لا؟ وقال قوم: هو أمية بن أبي الصلت وقال قوم: نزلت في راهب بن صيفي وقال قوم: إنها نزلت مثلا في اليهود والنصارى وكل من آتاه الله من آياته وعلمه كتابه فانسلخ من ذلك فهو المعنى بهذا ثم اختلفوا في القصص عن هؤلاء المذكورين وأنا ذاكر طرفا من قصص أمية بن الصلت لقرب طريقه وتارك ذكر قصص ما قص في شأن أولئك لبعد الطريق وتعذر الوقوف على صحته وسقمه
…
.فذكر طرفا وذكر شعرا كثيرا له في التوحيد. (4)
والعجيب أنه عندما أتى على قصة موسى والخضر اختصرها اختصارا شديدا ولم يتعرض لا لماهية الخضر ولا لحقيقة العلم اللدني الذي كان من المتوقع إسهابه فيه ولم يزد عن ذكر القصة مختصرة وبدأها بقوله: العلم اللدني هو خاص الخاص من العلم ولما سأله الصحبة وأعلمه سبب رحلته إليه قال ياموسى أنت على علم ملكه الله لا أعلمه أنا وأنا على علم علمنيه الله لا تعلمه أنت
…
.الخ
ومما ذكره قبل سوقه للآيات عن سبب القصة قوله:
رأى صلى الله عليه وسلم أنه أوتي العلم دون أهل الأرض إذ لم يعلم في الأرض رسولا غيره فأراد الله أن يكشف له عن علم هو أرفع من علم الرسالة التي هي للبشر فأعلمه بصاحبه. (5)
وأما الإسرائيليات فقد انفرد برأي غريب بالنسبة لهاروت وماروت فقال:
وكان الغالب ما أنزل عليهما ما هو من سبيل علم الأسماء وما يقتضيه وما يكون دواء من السحر وعلى الأقرب فالأقرب من معانيها وخاصة كل اسم منها في منافعه
…
. إلى أن قال: وكلاهما من عند الله جل وعز ومن
(1) النساء: 43.
(2)
176 / أ.
(3)
الأعراف: 175.
(4)
265 / ب، 266 / أ.
(5)
418 / ب.
رسله وملائكته لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون فافهم مرسل الله من فضله
…
.. فكانا عليهما السلام لأجل ذلك يقولا للمتعلمين منهما إنما نحن فتنة فلا تكفر أي لا تزغ ولا تعدل عن الطريق فيعدل بك
…
فمن آمن منهم واتقى الله أعلم رقية العلم ونال ذروة شرفه ونجا من الفتنة ووصف الله عز وجل المتعلمين منهم على السبل المذمومة أنهم إنما كانوا يتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه بدل الذي يوجب الألفة وكرم الوداد في الله ثم ما يتبع ذلك لا محالة مما يضاده
…
.الخ (1)
وأما اللغويات:
فربما تعرض لشرح المفردات مثل قوله:
الهداية: التسديد والإرشاد وإتمام النعمة على المهدي. (2)
ويتعرض للقراءات أحيانا مثل قوله:
قرئ الحمد لله بالنصب على المصدر والحمد لله بضم الدال واللام على الاتباع وبالكسر أيضا.
فذكر القراءات المتواتر منها والشاذ عن جعفر الصادق وثابت البناني وأيوب السختياني والمخالف منها لرسم المصحف.
كما ذكر القراءات في الملكين في قوله {على الملكين ببابل} (3)
وذكر القراءات في {ماننسخ من آية أو ننسها} (4)
ونذكر هنا مثالا لأسلوبه في معالجة الآيات الفقهية يقول:
قوله تعالى: {كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون
…
} (5) إلى آخر المعنى أعلم الله جل ذكره عباده بكتب الصيام عليهم مجملا لا يدري من لفظ الصيام ماهو قدره إلا ما قال الله {كما كتب على الذين من قبلكم} (6) فتوجه على المسلمين أن يصوموا صيام من كان قبلهم فكانوا يصومون ويفطرون قبل غروب الشمس كصيام أهل الإنجيل فبين الله جل جلاله هذا المجمل بقوله ثم أتموا الصيام إلى الليل وكانوا يصومون إذا أفطروا فرفع أحدهم يده عن الطعام أو نام عنه لم يرجع إليه إلى مثلها فضر ذلك بعضهم فبين الله جل جلاله بقوله وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر وكانوا لا يمسون النساء ولا يجامعوهن في الصيام
(1) 62 / أ، ب.
(2)
16 / أ.
(3)
البقرة: 102.
(4)
البقرة: 106.
(5)
البقرة: 183.
(6)
البقرة: 183.
وكانوا مع ذلك يتهافتون فيه ويحرجهم ذلك فبين الله جل ذكره ذلك بقوله {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم
…
} (1) إلى أن قال: وليس من القرآن في هذا كله شيء منسوخ
…
.ثم قال {ومن كان مريضا أو على سفر} (2) فعليه أن يصوم عدة ما أفطر أياما أخر من غيره وفي الخطاب {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} (3) فوجب على المريض والمسافر عدة أيام أخر وبقي على المطيقين وهي الحامل إذا خافت على ما في بطنها أفطرت وأطعمت وإن كانت هي مطيقة للصوم وكذلك المرضع إذا خافت على رضيعها أفطرت وأطعمت وأما الهرماء والزمنى الذين لا ترجى صحتهم فهم يطعمون ولا يكلفون صوما لعذرهم الدائم وفيه فمن تطوع خيرا
…
.الخ (4)
{أحل لكم} قال: وقد تقدم ذكر هذه الثلاثة الأحوال أنها نسخت بالقرآن العزيز فالمنسوخ بالقرآن هو شرع من كان قبلنا وكتابهم كما قال تعالى {كتب عليكم
…
.قبلكم} فكان ذلك شيء للكتاب المتقدم لا نسخا للقرآن. (5)
وقد تكلم عن النسخ عند قوله تعالى: {ماننسخ من آية
…
} (6)
ومما قاله: وماورد في القرآن العزيز من ناسخ ومنسوخ فمعلوم وهو قليل قد يسر الله جل ذكره ناسخه عند منسوخه كنسخ الصدقة عند مناجاة الرسول بالآية التي أعقبها بها
…
.. فذكرها ثم بين أن ذلك ليس نسخا وإنما إنساء.
وقد ظهر أنه يرجح عدم وجود النسخ في القرآن وفسر الآية تفسيرا جديدا وربطها بقصة هاروت وماروت فقال: وإن كان الكلام في نسخ القرآن ما أنزل على الملكين عليهما السلام فتقديره {ما ننسخ من آية} مما أنزل عليهما {نأت بخير منها} أي أعظم مثوبة وأبعد من الفتنة وأقرب إلى السلامة. (7)
هذا عرض شبه تفصيلي لمنهج المفسر وهو يشم منه الانحراف عن الجادة وننقل هنا بعض النقول التي تتحدث عن نفسها في بيان انحراف هذا
(1) البقرة: 187.
(2)
البقرة: 185.
(3)
البقرة: 184.
(4)
104 / أ، ب.
(5)
106 / أ.
(6)
البقرة: 106.
(7)
64 / ب.
التفسير فمن ذلك:
ذكر كلاما كثيرا به تخليط وتخبيط يشتمل على أحاديث كثيرة صحيحة وآيات قرآنية بعضها في محلها وبعضها ليس في محلها ليقرر أن الفاتحة سبعة فصول تنفصل هذه السبعة فصول إلى مائة فصل عدد أسمائه جل ذكره وعددها عدد درجات الجنة عنها انفصل العلم كله وإليها رجع.
قال: وهذه الفصول الأربعة للقرآن شبيهة بالفصول السبعة للأسماء وقد تقدم ذكرها في شرح الأسماء (يعني كتابه الذي ألفه في شرح الأسماء الحسنى) وهي أيضا شبيهة بالأيام السنة سابعها يوم الجمعة وهو جامعها وموضع فريدها، عنه انفصلت وإليه ترجع على نحو ما تقدم من العبرة في اسم الشهيد وهذه الفصول السبعة وما تفصلت إليه ترجع كلها إلى فصلين فصل الإلهية وفصل النبوة ويرجعان معا إلى فصل الإلهية، الأعلى ينتظم الأسفل. (1)
ثم يقول: إنباه إياي أعني ونفسي أخاطب أين يذهب بك أيها اللاعب المتلاهي والبطال المتغافل أغفلت حظك ولهيت عن فوزك رب العالمين الرحمن الرحيم ذو العرش العظيم يذكرك ويثني كلامه على تلاوتك
…
.. إلى أن قال: إنا لله وإنا إليه راجعون وعند الله نحتسب غفلة التخلف {وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون، وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون، أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله} (2){إن ربنا لغفور شكور} . (3)
وقال في تفسير كلمة {الرحيم} (4)
فصل: كان الله جل جلاله ولا شيء قبله ولا موجود سواه ولما كتب في الذكر كل شيء ثم أوجد أوائل ما كتبه فكان ذلك ثناء لفردانيته ثم استوى على العرش فحمد كل شيء باستوائه على العرش إذ حيي باستوائه ذلك العبد الكلي واستوى أي كمل وتم كما شاءه المستوي العلي الكبير فهو جل ذكره لا يعزب عنه من موجودات عبده الكلي والجزئي مثقال ذرة في العلو ولا في المنتهى ولا ماهو أصغر من ذلك ولا أكبر فكان مقتضى اسمه الرحمن شامل للجملة ومقتضى اسمه الرحيم عام للمطيعين. (5)
(1) 12 / ب.
(2)
يوسف: 105 - 107.
(3)
14 / ب، فاطر:34.
(4)
الفاتحة: 3.
(5)
15 / ب.
ويقول في {إياك نعبد} (1) وهي كلمة مركبة من أربعة أحرف هن حروف المعرفة الهمزة والباء والألف والكاف والهمزة صادرة من ذات المخاطب إلى الكاف التي هي لمواجهة المخاطب والياء والألف سبيل إلى ذلك وعماد له أشار بها السر المخاطب بالاخلاص للعبادة على حكم التوحيد المحض .. الخ.
ويقول: {الم} (2) ثلاثة حروف مرسومة ظاهرة وأربعة رءوس وستة توالي دخلت لضرورة النطق بالرءوس المرسومة الرءوس ولما كانت الهمزة إنما دخلت لضرورة النطق بالألف لحقت بالتوالي إذا سبعة والمرسومة ثلاثة فهي عشرة كانت هذه التوالي
…
إلى أن قال:
فصل فالهمزة يعطي معناها هاهنا كلما ما أفهمته من معنى وما أعلمته من معلوم وكذلك الألف وكذلك اللام إذ هي أوائل المعاني في كل ما دخلت عليه كل صحيح معتبر
…
.. الخ (3)
فذكر في الحروف حوالي خمس صفحات:
قال فيها: وعلى هذا السبيل تأولها حبر العرب عبد الله بن عباس رضي الله عنه حيث قال: {الم} أنا الله أعلم، {الر} (4) أنا الله أعلم وأرى. ولإمعانه في العلم بالحروف لما سئل عن تفسير قوله جل وعز {كهيعص} (5) قال: لو أخبرتكم بتفسيرها لكفرتموني وفي أخرى لكفرتم أي بتكذيبكم الحق.
وقال: وأما دلالة الميم المتأخرة الموجودة في حرف لام وحرف الميم فنقول هو الله لا إله إلاهو الحليم الحكيم
…
.الماضي والمضاء والمتمادي والأمر النافذ والتدبير المبرم هكذا ويدخل في الاعتبار والأحكام والقصص
…
.الخ (6)
ورجع للحروف مرة أخرى بعد أن تكلم عن نزول القرآن على سبعة أحرف.
وعقد عدة فصول تحت قوله {الذين يؤمنون بالغيب} (7)
قال في بعضها: ومصداق هذا قول الله عز وجل {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا} (8) وأخبر جل جلاله أن ذلك من أمره أنزله إلينا وأعظم اليسر ما يفتحه الله
عز وجل
(1) الفاتحة: 5.
(2)
البقرة: 1.
(3)
17 / أ.
(4)
يونس: 1.
(5)
مريم: 2.
(6)
18 / أ.
(7)
البقرة: 3.
(8)
الطلاق: 4.
على بواطن المتقين وينزله عليهم من فتوحاته وإلهامه
…
.الخ (1)
قال: ثم درجة أخرى منها تترقى إليها إن سمت بك همة وهي ستة معالم احتوت على معارف أحكام الملكوت التي أطلع الله جل ثناؤه عليها خصوص عباده وكلفهم تعلم علمها
…
الخ (2) فذكر قرابة عشرين صفحة في الغيب.
وعندما مر بقوله تعالى {إن الصفا والمروة} (3) تركه ومضى ولم يفسره إلى أن جاء قوله تعالى {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار} (4) فأسهب فيه فذكر قرابة اثنتين وخمسين صفحة (5) وتكلم عن الفلك والظواهر الكونية فأطال جدا.
وقال في قوله تعالى: {ولكم في القصاص حياة} (6)
أحد وجهي الخطاب معناه وهو الأظهر إرادة التشديد والزجر في حرمة للدماء بقتل القاتل من كان وهو الحق والصواب والحكمة.
والوجه الثاني وهو الأظهر في آخر الآية: القصاص من الأنفس قوله {لعلكم تتقون} إنه القصاص من الأنفس وتلك سنة أولي الألباب من كانت ذنوبه بكثرة الضحك يقاص منها بكثرة البكاء ومن سهر في البطالة فليسهر في العبادة والاجتهاد
…
الخ (7)
(1) 26 / أ.
(2)
27 / ب.
(3)
البقرة: 158.
(4)
آل عمران: 190.
(5)
72 / أ - 98 / ب.
(6)
البقرة: 179.
(7)
103 / ب.