الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشاذة التي لا توافق المصحف العثماني مع حرية اختيار القراءة دون التزام بقراءة مصر معين، وذلك بعد بعثة عمر بن عبد العزيز سنة 99 هـ. (1)
ثم ظهر في أواخر القرن الثاني يحيى بن السلام المفسر الذي ظهر له اختيار في القراءات (2) كما سبق ذكره في ترجمته وذلك من خلال مروياته الواسعة في القراءات عن أهل البصرة والكوفة وأهل المدينة ويظهر سعة علمه في ذلك من خلال تفسيره الذي تأثر تأثرا بليغا بمحصلة صاحبه في القراءات. (3)
ويظهر أثر المرحلة الثانية في انتشار القراءات في المنطقة في التفاسير المصنفة في تلك الحقبة ولم يصلنا منها إلا تفسير يحيى وما بني عليه مثل تفسير هود بن محكم الهواري الذي يعتبر اختصارا لتفسير يحيى مع تشويه في العقيدة لتوافق مذهب الإباضية كما سيأتي بيانه في دراسة الكتاب، ويلاحظ أن سوق القراءات فيه لا ينتمي لقراءة معينة أو لمصر معين.
المرحلة الثالثة:
طور ترجيح القراءات بعد تسبيع السبعة من أبي بكر بن مجاهد (ت 324 هـ) فقد ذكر ابن الفرضي مايفيد أن أهل إفريقية كان الغالب عليهم قراءة حمزة حتى قدم عليهم محمد بن عمر بن خيرون ت 306 هـ بقراءة نافع فاجتمع إليه الناس ورحل إليه لتعلمها بعد أن كان لايقرأ بها إلا الخواص. (4)
ويرجع انتشار قراءة حمزة أولا لانتشار المذهب الحنفي آنذاك بالمنطقة ومنبعه من الكوفة فتبنى الناس القراءة الشائعة بمصر إمامهم، كما وجدت أيضا قراءة أبي عمرو البصري نتيجة لتتلمذ الأفارقة على شيوخ بصريين دخل بعضهم المنطقة ومكث فيها وعلى رأسهم يحيى بن سلام. (5)
ثم كان ما كان
(1) انظر القراءات في إفريقية 122 - 150.
(2)
انظر غاية النهاية 2/ 373.
(3)
انظر القراءات بإفريقية 151 - 184.
(4)
تاريخ العلماء والرواة بالأندلس 2/ 112.
(5)
انظر القراءات بإفريقية ص: 207 - 214.
من ضعف توجه أهل المنطقة لغير قراءة نافع حتى حمل الناس عليها.
وقد تأثرت التفاسير تأثرا ظاهرا بالقراءات جملة ويظهر ذلك جليا في تفاسير أئمة الإقراء المبرزين أمثال المهدوي ومكي ونحوهما بل إن بعضهم كالمهدوي اعتبر تفسيره مبنيا على كتبه في القراءات زاد عليها أو أن التفسير هو الأصل ثم اختصر منه كتبه في القراءات ونقحها.
ورغم كثرة تآليف المهدوي في القراءات إلا أنه خصص لها بابا في التفسير بكتابيه التفصيل والتحصيل هو الباب الثالث كما أدمجها مع الإعراب في الباب الرابع ثم جعل لها في آخر التفسير قسما خاصًا بأصولها. (1)
كما كان من التأثير البين لقراءة نافع في التفسير في العصور المتأخرة أن اعتبرها بعض المفسرين الأصل في تفاسيرهم بخلاف المشارقة الذين اعتمدوا قراءة عاصم من رواية حفص في الغالب ولم أقف على من خالف في ذلك سوى الشوكاني.
وممن نص على اعتماد قراءة نافع في تفسيره محمد الطاهر ابن عاشور في التحرير والتنوير، ومحمد المكي الناصري في التيسير في أحاديث التفسير، وعبد الله كنون في تفسير سور المفصل، والأخضر بن قويدر في قطوف دانية من آيات قرآنية.
(1) انظر التفسير واتجاهاته ص: 125 وقد وضحت الباحثة تشابها بين كتابه الموضح في تعليل وجوه القراءات وبين ماذكره في التفسير ص: 126.