الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه الخامس: الوثنية ليست أمرًا أصليَّا عند العرب، بل هي أمر طارئ على العرب والأصل ملة إبراهيم.
الوجه السادس: أعمال الحج عند الأنبياء عليهم السلام.
الوجه السابع: مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم لأمور الجاهلية في بعض أعمال الحج يدل على أن أعمال الحج محض عبادة.
الوجه الثامن: النبي صلى الله عليه وسلم يلغي أمور الجاهلية في حجته صلى الله عليه وسلم.
الوجه التاسع: التماس الحكمة من بعض أعمال الحج.
الوجه العاشر: مقارنة بين الحج في اليهودية والنصرانية والإسلام.
وإليك التفصيل
الوجه الأول: الإسلام جاء ليُحافظ على جناب التوحيد، ويقضي على الشرك خاصةً في الحج
.
خلق الله تعالى الثقلين وأمرهم بعبادته، وجعل للعبادة شرطًا لا تقبل بدونه، وهو الإخلاص والتوحيد، فالإسلام بشعائره وفرائضه كلها مرتبط غاية الارتباط بكلمة التوحيد. ومن تلك الشعائر شعيرة الحج، والتي هي من أعظم الشعائر التي تقوي وتحيي في قلب العبد توحيد المعبود سبحانه وتعالى؛ لكثرة الأعمال التي توقف الإنسان مع ربه موحدًا متفكرًا تائبًا من أي تقصير أو زلل.
ويدل على ذلك:
1 -
قال تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196].
فيها الأمر بإخلاصهما لله تعالى، وهذا يدل على أنها ليست من أعمال الوثنية.
2 -
قال تعالى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91)} [النمل: 91]، وقال تعالى:{فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3)} [قريش: 3].
فبين الله عز وجل أن العبادة لرب البيت وهو الله عز وجل وليست للبيت.
والمعنى: إنما أمرت أن أخص الله بالعبادة وحده لا شريك له. (1)
وإضافة الربوبية إلى البلدة على سبيل التشريف لها والاعتناء بها. (2)
والإشارة إلى البيت في هذا النظم تفيد التعظيم فإنه سبحانه تارة أضاف العبد إلى نفسه فيقول: (يا عبادي)[العنكبوت: 56] وتارة يضيف نفسه إلى العبد فيقول: (وإلهكم)[البقرة: 163]، كذا في البيت (تارة) يضيف نفسه إلى البيت وهو قوله:{فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} ، وتارة يضيف البيت إلى نفسه فيقول:{طَهِّرَا بَيْتِيَ} [البقرة: 125]. (3)
3 -
عن قتيلة امرأة من جهينة: (أن يهوديًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنكم تشركون: تقولون: ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة. فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة، وأن يقولوا: ما شاء الله ثم شئت). (4)
فيه النهي عن الحلف بالكعبة، مع أنها بيت الله التي حجها وقصدها بالحج والعمرة.
وهذا يبين أن النهي عن الشرك بالله عام لا يصلح منه شيء لا لملك مقرب، ولا لنبي مرسل، ولا للكعبة التي هي بيت الله في أرضه.
فعَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ دَخَلَ النبي صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ وَحَوْلَ الْكَعْبَةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ نُصُبًا فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بِعُودٍ كَانَ بِيَدِهِ وَيَقُولُ: (جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا)(جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ). (5)
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا رَأَى الصُّوَرَ في الْبَيْتِ لَمْ يَدْخُلْ، حَتَّى أَمَرَ بِهَا فَمُحِيَتْ، وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ عليهما السلام بِأَيْدِيهِمَا الأَزْلَامُ فَقَالَ "قَاتَلَهُمُ الله، وَالله إِنِ اسْتَقْسَمَا بِالأَزْلَامِ قَطُّ". (6)
(1) فتح القدير 4/ 223.
(2)
تفسير ابن كثير 3/ 503.
(3)
تفسير الرازي 32/ 108.
(4)
صحيح. أخرجه النسائي في سننه 7/ 6 من طريق مسعر، عن معبد بن خالد، عن عبد الله بن يسار، عن قتيلة به، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (136).
(5)
أخرجه البخاري (2478)، مسلم (1781).
(6)
أخرجه البخاري (3352).