الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - شبهة اختلاف الشرائع
.
نص الشبهة:
قال تعالى: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43)} [فصلت: 43].
قالوا: إذا كان ما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم هو نفس ما قيل للرسل من قبله، فما هي فائدة القرآن؟ وهل الله يريد التكرار؟ .
والجواب على ذلك من وجوه:
الوجه الأول: بيان التفسير الصحيح للآية.
الوجه الثاني: أصل الدين واحد، والدليل على اختلاف الشرائع في مباحث:
المبحث الأول: إن الدين عند الله الإسلام.
المبحث الثاني: أهداف الرسالات السماوية.
المبحث الثالث: لكل أمة شرعةً ومنهاجًا.
الوجه الثالث: بعض خصائص القرآن الكريم والإسلام.
الوجه الرابع: بيان بعض أوجه الاتفاق والاختلاف في الشرائع.
الوجه الخامس: ما هي فائدة الإنجيل بعد التوراة؟ وما هي فائدة تكرار الأناجيل.
وإليك التفصيل
الوجه الأول: التفسير الصحيح للآية
.
بعد النظر في كتب التفسير وجد تفسيرين للآية، وهما أيضًا غير متضادين أستطيع أن أقول: هما وجهان لعملة واحدة وكلٌّ قيل للرسل جميعًا.
القول الأول: الذي قيل له هو الأذية من قومه هو نفس الذي قيل للرسل سابقًا.
وهو قول الجمهور، قال تعالى:{مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43)} [فصلت: 43].
والمعنى: ما يقال لك من التكذيب والأذى إلا كما قد قيل للرسل من قبلك، فكما قد كذبت فقد كذبوا، وكما صبروا على أذى قومهم لهم، فاصبر أنت على أذى قومك لك، وهو قول الجمهور (1). وممن قال به من أئمة التفسير:
قتادة: حيث قال (يعزيه قال: يقول: قد قيل للأنبياء: ساحر وشبه ذلك)(2).
السدي: حيث قال (ما يقولون إلا ما قد قال المشركون للرسل من قبلك)(3).
وهو قول الحسن (4).
ويدل على ذلك قول الله تعالى: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52)} [الذاريات: 52].
فكما قيل له: ساحر فقد قيل لموسى عليه السلام ساحر كما قال سبحانه على لسان قومه: {إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ} [الشعراء: 34]. وكما قيل له مجنون فقد قيل لنوح عليه السلام مجنون كما قال سبحانه على لسان قومه: {إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ} [المؤمنون: 25]. وكما قيل له كاذب فقد قيل لصالح عليه السلام كذاب كما قال سبحانه على لسان قومه: {أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (25)} [القمر: 25]. وهكذا إذا تتبعنا سيرة الأنبياء مع قومهم.
القول الثاني: الذي قيل له: هو إخلاص العبادة لله وهذا أصل في كل شريعة.
والمعنى: أي ما يقال لك من إخلاص العبادة لله إلا ما قد أوحى إلى من قبلك، ولا خلاف بين الشرائع فيما يتعلق بالتوحيد وهو كقوله تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ
(1) الطبري (24/ 125 - 126)، والنكت والعيون (5/ 186)، والبغوي (4/ 116) والكشاف (4/ 202)، والمحرر الوجيز (5/ 19)، وزاد المسير (7/ 263)، والرازي (27/ 123).
(2)
أخرجه عبد الرزاق (2720) من طريق معمر عنه، وأخرجه الطبري (12/ 126) من طريق سعيد، وذكره ابن أبي حاتم (18461)، وهو صحيح الإسناد إلى عبد الرزاق.
(3)
الطبري (12/ 126) من طريق أسباط عنه.
(4)
قاله ابن الجوزي في زاد المسير (7/ 263).