الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأكرمه الله سبحانه وتعالى بأن أفاض عليه بركاته وأغناه، ورد عليه ولده وأهله جزاءً له على صبره على البلاء طيلة هذه المدة، وفي الحديث أن الله عز وجل ناداه وكلمه سواءً بواسطة أو بغير واسطة إكرامًا له عليه السلام، وانظر إلى حسن ظنه بالله تعالى وطمعه في رحمة الله حينما قال:(لا غنى لي عن بركتك)، وبهذا القول يصدق قول الله فيه وفي إخوانه من الأنبياء والصالحين {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: 90].
الوجه الرابع: أقوال المفسرين في هذه الآية
.
قال تعالى: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44)} [ص: 44]، الضغث: هو ما يجمع من شيء مثل حزمة الرُّطْبة، وكملء الكفّ من الشجر أو الحشيش والشماريخ ونحو ذلك مما قام على ساق (فَاضْرِبْ بِهِ): فاضرب زوجتك بالضِّغْث، لتَبرّ في يمينك التي حلفت بها عليها أن تضربها (وَلا تَحْنَثْ) يقول: ولا تحنَثْ في يمينك (1).
وفي ذلك أقوال:
1 -
وذلك أن أيوب عليه السلام كان قد غضب على زوجته ووجد عليها في أمر فعلته. قيل: باعت ضفيرتها بخبز فأطعمته إياه فلامها على ذلك وحلف إن شفاه الله ليضربنها مائة جلدة، وقيل: لغير ذلك من الأسباب، فلما شفاه الله وعافاه ما كان جزاؤها مع هذه الخدمة التامة والرحمة والشفقة والإحسان أن تقابل بالضرب فأفتاه الله عز وجل أن يأخذ ضغثًا فيه مائة قضيب فيضربها به ضربة واحدة وقد بَرّت يمينه وخرج من حنثه ووفى بنذره، وهذا من الفرج والمخرج لمن اتقى الله وأناب إليه، ولهذا قال تعالى:{إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} (2).
2 -
ولعل الكفارة لم تكن فيهم وخصنا الله بها مع شرعه فينا ما أرخصه له تشريفًا لنا، وكل هذا إعلامًا بأن الله تعالى ابتلاه عليه السلام في بدنه وولده وماله، ولم يبق له إلا زوجة فوسوس لها الشيطان طمعًا في إيذائهما كما آذى آدم وحواء عليهما السلام، إلى أن قارب
(1) تفسير الطبري (23/ 168 - 169).
(2)
تفسير ابن كثير (4/ 53) وقيل غير ذلك من أقوال ليس لها سند صحيح.