الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه الثاني: أسئلة اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم
-.
ومن خلال تتبع سنة النبي صلى الله عليه وسلم، نجد أن هناك محاورات وأسئلة حصلت بين النبي واليهود، أسوق بعضها لنعلم هل كان يقف النبي صلى الله عليه وسلم عند كل سؤال فعلًا كما يدعيه هؤلاء ليسأل هذا وذاك، أم هو الوحي والنبوة؟ !
1 -
عن أنس رضي الله عنه قال: بلغ عبد الله بن سلام مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فأتاه فقال إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي: ما أول أشراط الساعة؟ وما أول طعام يأكله أهل الجنة؟ ومن أي شيء ينزع الولد إلى أبيه، ومن أي شيء ينزع إلى أخواله؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خبرني بهن آنفًا جبريل". قال: فقال عبد الله: ذاك عدو اليهود من الملائكة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب. وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت. وأما الشبه في الولد فإن الرجل إذا غشي المرأة فسبقها ماؤه كان الشبه له وإذا سبق ماؤها كان الشبه لها).
قال أشهد أنك رسول الله، ثم قال: يا رسول الله، إن اليهود قوم بهت، إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم بهتوني عندك، فجاءت اليهود ودخل عبد الله البيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أي رجل فيكم عبد الله بن سلام)؟ قالوا: أعلمنا وابن أعلمنا، وأخيرنا وابن أخيرنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أفرأيتم إن أسلم عبد الله). قالوا: أعاذه الله من ذلك. فخرج عبد الله إليهم فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله. فقالوا: شرنا وابن شرنا ووقعوا فيه" (1).
2 -
عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كنت قائمًا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء حبر من أحبار اليهود فقال: السلام عليك يا محمد فدفعته دفعة كاد يصرع منها فقال لم تدفعني؟ فقلت: ألا تقول يا رسول الله؟ فقال اليهودي إنما ندعوه باسمه الذي سماه به أهله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن اسمي (محمد) الذي سماني به أهلي. فقال اليهودي: جئت أسألك. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أينفعك شيء إن حدثتك؟ قال: أسمع بأذني. فنكت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعود معه
(1) أخرجه البخاري (3151).
فقال: سل. فقال اليهودي: أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هم في الظلمة دون الجسر. قال: فمن أول الناس إجازة؟ قال: فقراء المهاجرين. قال اليهودي: فما تحفتهم حين يدخلون الجنة؟ قال زيادة كبد النون. قال: فما غذاؤهم على إثرها؟ قال: ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها. قال: فما شرابهم عليه؟ قال: من عين فيها تسمى سلسبيلًا. قال: صدقت. قال: وجئت أسألك عن شيء لا يعلمه أحد من أهل الأرض إلا نبي أو رجل أو رجلان؟ قال: ينفعك إن حدثتك؟ قال: أسمع بأذني. قال جئت أسألك عن الولد؟ قال: ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا فعلا منيُّ الرجل منيَّ المرأة أذكرا بإذن الله، وإذا علا منيُّ المرأة منيَّ الرجل أنَّثا بإذن الله. قال اليهودي: لقد صدقت وإنك لنبي ثم انصرف فذهب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد سألني هذا عن الذي سألني عنه، وما لي علم بشيء منه حتى أتاني الله به" (1).
3 -
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلًا لأهل الجنة. فأتى رجل من اليهود فقال: بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم، ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة؟ قال: "بلى". قال: تكون الأرض خبزة واحدة - كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلينا ثم ضحك حتى بدت نواجذه، ثم قال: ألا أخبرك بإدامهم؟ قال: إدامهم بالامٌ (2) ونون. قالوا: وما هذا؟ قال: ثور ونون يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفًا"(3).
4 -
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "بينا أنا أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في خرب المدينة وهو يتوكأ على عسيب معه فمر بنفر من اليهود فقال بعضهم: لبعض سلوه عن الروح؟ وقال بعضهم: لا تسألوه لا يجيء فيه بشيء تكرهونه. فقال بعضهم: لنسألنه. فقام رجل منهم فقال: يا أبا القاسم، ما الروح؟ فسكت. فقلت: إنه يوحى إليه فقمت. فلما انجلى عنه فقال: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ
(1) أخرجه مسلم (315).
(2)
بالام: الثور معربة عن العبرانية.
(3)
أخرجه البخاري (6155)، ومسلم (2792).
الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85] " (1).
5 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لما فتحت خيبر أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اجمعوا إلي من كان ها هنا من يهود)، فجمعوا له فقال: (إني سائلكم عن شيء فهل أنتم صادقي عنه؟ ) فقالوا: نعم. قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: (من أبوكم؟ ) قالوا: فلان فقال: (كذبتم بل أبوكم فلان). قالوا: صدقت. قال: (فهل أنتم صادقي عن شيء إن سألت عنه؟ )، فقالوا: نعم يا أبا القاسم، وإن كذبنا عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا. فقال لهم: (من أهل النار؟ ). قالوا: نكون فيها يسيرًا ثم تخلفونا فيها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اخسؤوا فيها والله لا نخلفكم فيها أبدًا) ثم قال: (هل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه). فقالوا: نعم يا أبا القاسم. قال: (هل جعلتم في هذه الشاة سمًا؟ )، قالوا: نعم، قال: (ما حملكم على ذلك؟ ). قالوا: أردنا إن كنت كاذبًا نستريح وإن كنت نبيًا لم يضرك"(2).
6 -
قال عبد الله: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب فقال: يا أبا القاسم، إن الله يمسك السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر والثرى على إصبع، والخلائق على إصبع، ثم يقول: أنا الملك أنا الملك. فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه ثم قرأ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} "(3).
7 -
عن البراء بن عازب قال: "مر على النبي صلى الله عليه وسلم بيهودي محممًا مجلودًا فدعاهم صلى الله عليه وسلم فقال: (هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ ) قالوا: نعم. فدعا رجلًا من علمائهم فقال: (أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى، أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ ) قال: لا، ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك، نجده الرجم، ولكنه كثر في أشرافنا، فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، قلنا: تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1) أخرجه البخاري (125)، مسلم (2794).
(2)
أخرجه البخاري (2998).
(3)
أخرجه البخاري (6978)، ومسلم (2786).
(اللهم إني أول من أحيا أمرك إذا أماتوه) فأمر به فرجم فأنزل الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} إلى قوله: {يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ} [المائدة: 41] يقول: ائتوا محمدًا صلى الله عليه وسلم فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا، فأنزل الله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: 45]{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: 47] في الكفار كلها" (1).
8 -
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: "أقبلت يهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا أبا القاسم أخبرنا عن الرعد ما هو؟ قال ملك من الملائكة موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب حيث شاء الله. فقالوا: فما هذا الصوت الذي نسمع؟ قال زجره بالسحاب إذا زجره حتى ينتهي إلى حيث أمر. قالوا: صدقت. فأخبرنا عما حرم إسرائيل على نفسه؟ قال: اشتكى عرق النسا فلم يجد شيئًا يلائمه إلا لحوم الإبل وألبانها فلذلك حرمها قالوا صدقت؟ ". (2)
9 -
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: "حضرت عصابة من اليهود نبي الله صلى الله عليه وسلم يومًا فقالوا: يا أبا القاسم حدثنا عن خلال نسألك عنهن لا يعلمهن إلا نبي. قال: (سلوني عما شئتم، ولكن اجعلوا لي ذمة الله وما أخذ يعقوب عليه السلام على بنيه لئن حدثتكم شيئًا فعرفتموه لتتابعني على الإسلام). قالوا: فذلك لك. قال: (فسلوني عما شئتم؟ ). قالوا: أخبرنا عن أربع خلال نسألك عنهن، أخبرنا أيَّ الطعام حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة؟ وأخبرنا كيف ماء المرأة وماء الرجل كيف يكون الذكر منه؟ وأخبرنا كيف هذا النبي الأمي في النوم؟ ومن وليه من الملائكة؟ قال:(فعليكم عهد الله وميثاقه لئن أنا أخبرتكم لتتابعني) قال: فأعطوه ما شاء من عهد وميثاق، قال: (فأنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى صلى الله عليه وسلم هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب عليه السلام مرض مرضًا شديدًا، وطال سقمه فنذر لله نذرًا لئن شفاه
(1) أخرجه مسلم (1700)، (محممًا) أي: مسود الوجه من الحممة الفحمة.
(2)
أخرجه الترمذي (3117) وقال هذا حديث حسن غريب، والنسائي في الكبرى (9072)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3553).
الله تعالى من سقمه ليحرمن أحب الشراب إليه وأحب الطعام إليه، وكان أحب الطعام إليه لحم الإبل وأحب الشراب إليه ألبانها)، قالوا: اللهم نعم، قال:(اللهم أشهد عليهم. فأنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو الذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن ماء الرجل أبيض غليظ وأن ماء المرأة أصفر رقيق فأيهما علا كان له الولد والشبه بإذن الله، إن علا ماء الرجل على ماء المرأة كان ذكرًا بإذن الله، وإن علا ماء المرأة على ماء الرجل كان أنثى بإذن الله) قالوا: اللهم نعم، قال:(اللهم أشهد عليهم. فأنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن هذا النبي الأمي تنام عيناه ولا ينام قلبه). قالوا: اللهم نعم، قال:(اللهم أشهد). قالوا: وأنت الآن فحدثنا من وليك من الملائكة فعندها نجامعك أو نفارقك. قال: (فإن وليي جبريل عليه السلام ولم يبعث الله نبيًا قط إلا وهو وليه)، قالوا: فعندها نفارقك لو كان وليك سواه من الملائكة لتابعناك وصدقناك، قال:(فما يمنعكم من أن تصدقوه؟ )، قالوا: أنه عدونا قال فعند ذلك قال الله عز وجل: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ} إلى قوله عز وجل: {كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} فعند ذلك {فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ} ". (1)
10 -
عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: "أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود فقال: يا أبا القاسم، ألست تزعم أن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون؟ وقال لأصحابه: إن أقر لي بهذه خصمته. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بلى والذي نفسي بيده إن أحدهم ليعطى قوة مائة رجل في المطعم والمشرب، والشهوة والجماع. قال: فقال له اليهودي: فإن الذي يأكل ويشرب تكون له الحاجة؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حاجة أحدهم عرق يفيض من جلودهم مثل ريح المسك، فإذا البطن قد ضمر (2).
* * *
(1) أخرجه أحمد في مسنده (1/ 278 (2514))، والطبراني في الكبير (12/ 246/ 13012).
(2)
مسند أحمد بن حنبل (4/ 367)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1627).