الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ لَهُ قَائِلٌ: أَصَبَوْتَ؟ فَقَالَ: لَا، وَلَكِنِّى أَسْلَمْتُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَلَا وَالله لَا يَأْتِيكُمْ مِنَ الْيَمامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم" (1).
وقوله: (تقتل ذا دم) أي: صَاحِب دَم؛ لِدَمِهِ مَوْقِعٌ يَشْتَفِي بِقَتْلِهِ قَاتِله، وَيُدْرِك قَاتِله بِهِ ثَأْره، أَيْ: لِرِيَاسَتِهِ وَفَضِيلَته. (وهذا تهديد واضح كما ترى).
قال النووي: وَكَرَّرَ ذَلِكَ ثَلَاثَة أيَّام؛ هَذَا مِنْ تَأْلِيف الْقُلُوب وَمُلَاطَفَة لِمَنْ يُرْجَى إِسْلَامه مِنْ الْأَشْرَاف الَّذِينَ يَتْبَعهُمْ عَلَى إِسْلَامهمْ خَلْق كَثِير (2).
وقال ابن حجر: تَعْظِيم أَمْر الْعَفْو عَنْ المُسِيء؛ لِأَنَّ ثُمامَة أَقْسَمَ أَنَّ بُغضه اِنْقَلَبَ حُبًّا فِي سَاعَة وَاحِدَة لِمَا أَسَدَاهُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ مِنْ الْعَفْو وَالْمَنّ بِغَيْرِ مُقَابِل، وفيه أَنَّ الْإِحْسَان يُزِيل الْبُغْض وَيُثْبِت الْحُبّ (3).
2 - رحمته صلى الله عليه وسلم بأمته:
قال - تعالى -: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)} [التوبة: 128].
قال السعدي: يمتن - تعالى - على عباده المؤمنين بما بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم الأمي الذي من أنفسهم، يعرفون حاله، ويتمكنون من الأخذ عنه، ولا يأنفون عن الانقياد له، وهو صلى الله عليه وسلم في غاية النصح لهم، والسعي في مصالحهم.
{عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ} أي: يشق عليه الأمر الذي يشق عليكم ويعنتكم.
{حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ} فيحب لكم الخير، ويسعى جهده في إيصاله إليكم، ويحرص على هدايتكم إلى الإيمان، ويكره لكم الشر، ويسعى جهده في تنفيركم عنه.
{بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} أي: شديد الرأفة والرحمة بهم، أرحم بهم من والديهم (4).
(1) أخرجه البخاري (462، 4372)، ومسلم (1764) واللفظ له.
(2)
شرح النووي (6/ 332).
(3)
فتح الباري (8/ 103، 104).
(4)
تفسير السعدي (356).