الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقول المستشار الطهطاوي: لا يوجد لدى المسيحيين نص عن عدد معين من الصلوات كل يوم أو مواقيت لها إلا أنهم يتشبهون ويقتبسون من اليهود العدد والوقت للصلاة. لذا قرروا لهم صلاتين إحداهما في الصباح والأخرى في المساء. (1)
وعلى هذا فهم يكثرون من الصلاة ويستندون في ذلك على ما جاء في لوقا (وَقَالَ لهُمْ أَيْضًا مَثَلًا فِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلَّ حِينٍ وَلَا يُمَلَّ) لوقا (18/ 1).
وكما جاء في آخر رسالة بولس إلى أهل تسالونيكي (صلوا بلا انقطاع). رسالة بولس إلى تسالونيكي (5/ 17).
لذا ازدادوا فيها سبع صلوات في اليوم والليلة وهي كالآتي: صلاة البكور، صلاة الساعة الثالثة، صلاة الساعة السادسة، صلاة الساعة التاسعة، صلاة الساعة الحادية عشر، صلاة الساعة الثانية عشر، صلاة منتصف الليل. (2)
ثانيًا: الصوم
.
1 - الصوم في الشريعة الإسلامية:
هو الإمساك عن الطعام والشراب وسائر المفطرات من طلوع الشمس إلى غروب الشمس مع نية التعبد لله تعالى. وصيام رمضان فرض على كل مسلم بالغ عاقل صحيح مقيم وهو ركن من أركان الإسلام دل على وجوبه الكتاب والسنة والإجماع.
أما من الكتاب قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)} [البقرة: 183].
ومن السنة حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: "قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ"(3).
(1) شبهات المستشرقين د. ناصر محمد السيد (129: 126).
(2)
النصرانية والإسلام محمد عزت الطهطاوي (87: 85).
(3)
أخرجه البخاري (8)، ومسلم (16).
وأما الإجماع فقد أجمع المسلمون على أن الصوم ركن من أركان الإسلام المعلومة من الدين بالضرورة بحيث يكفر منكره، وأنه لا يسقط على المكلف إلا بعذر من الأعذار الشرعية المعتبرة (1).
وعلى هذا فقد أصبح الفرض هو شهر رمضان، وأما غيره من الأيام فهو من المستحبات. والصوم كان مفروضًا على من قبلنا كما قال سبحانه وتعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ. . .} [البقرة: 183].
كما قال قتادة في تفسيرها: كتب شهرُ رمضان على الناس، كما كُتب على الذين من قبلهم. قال: وقد كتب الله على الناس قبل أن ينزل رمضانُ صَوْمَ ثلاثة أيام من كل شهر (2).
هذا وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم يوم عاشوراء؛ فلما ذهب إلى المدينة فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ: "مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ هَذَا يَوْمٌ نَجَّى الله بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى قَالَ: فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ"(3).
فلما فرض رمضان ترك النبي صلى الله عليه وسلم الأمر في صيام عاشوراء ولم يأمر الصحابة بذلك وبقي الأمر على الاستحباب (4).
وكان معروفًا في زمن داود عليه السلام: حيث قال صلى الله عليه وسلم: "أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى الله صِيَامُ دَاوُدَ كانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا"(5).
والصوم كان معروفًا قبل النبي صلى الله عليه وسلم، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم ليضع له المعالم ويضبطه بالضوابط وهكذا كما هو معلوم في كتب السنة.
وأما اليهود والنصارى فحرفوا وبدلوا وجعلوه أعيادًا حسب ما يراه الأحبار والرهبان وقد ينقلونه إلي أيام أخر إذا تعارض مع المصلحة ويزيدون وينقصون كذلك.
(1) المغني (3/ 3)، والمجموع (6/ 252).
(2)
أخرجه عبد الرزاق (178) من طريق معمر عن قتادة بإسناد صحيح، والطبري (2/ 130) من طريق سعيد عن قتادة.
(3)
أخرجه البخاري (4737)، ومسلم (1130).
(4)
أخرجه البخاري (2002)، ومسلم (1125).
(5)
أخرجه البخاري (1976)، ومسلم (1159).