الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أي: إذا آباؤنا وآباؤك عدوًا
وهذا البيت، والذي قبله يحتمل أن يراد بهما جمع التصحيح للأب وللأخ، فيكون الأصل: أبون وأخون فحذفت النون للإضافة، فصار كلفظ المفرد.
ومن أمثلته جمع التصحيح في جمع الأخ بيت عقيل بن علفة المذكور آنفًا، حيث قال فيه: كشربني الأخينا ومن أمثلة تصحيح جمع الأب قول الآخر:
فلما تبين أصواتنا
…
بكين وفديننا بالأبينا
ومن أمثلة ذلك في القرآن: واللفظ معرف بالألف واللام قوله تعالى: {وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ} أي: بالكتب كلها، بدليل قوله:{كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ} وقوله: {وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ} ، وقوله تعالى:{أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا} أي: الغرف بدليل قوله: {لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ} ، وقوله:{وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} ، وقوله تعالى:{وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} ، أي: الملائكة بدليل قوله {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} ، وقوله تعالى:{سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} أي: الأدبار بدليل قوله تعالى: {فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ} ، وقوله تعالى:{أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} أي: الأطفال، وقوله تعالى:{هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ} أي الأعداء، ونحو هذا كثير في القرآن، وفي كلام العرب: وهو في النعت بالمصدر مطرد، كما تقدم مرارًا.
ومن أمثلة ذلك قول زهير:
متى يَشْتَجِر قومٌ يقل سرواتهم
…
هم بيننا هم رضي وهم عدل
أي عدول مرضيون (1).
الوجه الثاني: بيان معاني الغرفة، وأنها درجة عالية في الجنة
.
فقد تعددت أقوال أهل العلم في تفسير معنى الغرفة، وها هي:
(1) أضواء البيان (5/ 32: 29).
القول الأول: الغرفة هي الدرجة العالية الرفيعة في الجنة. وهي من أعلى منازل الجنة وأفضلها (1). وعليه فلا إشكال، فالجنة درجات وكل على حسب عمله فهم في الجنة، والجنة درجات وغرف وكل على حسب رحمة الله وفضله. وكل على حسب عمله، فكما أن الناس متفاوتون في الدنيا هذا فقير مدقع وهذا غني موسع عليه، فكذلك هم في الآخرة. هذا في الغرفات في أعلى الدرجات وهذا في الغمرات في أسفل الدركات، قال تعالى:{وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى} [طه: 75]، وقد قال صلى الله عليه وسلم حديث أبي هريرة رضي الله عنه:"إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا الله لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ الله مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ. . ."(2)، وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ أَهْلَ الجْنَّةِ يَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ كَمَا يَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ فِي الْأُفُقِ. . ."(3).
القول الثاني: الغرفة هي الجنة، وهذا الأثر قاله الضحاك (4).
وهو اختيار ابن كثير (5).
القول الثالث: الغرفة هي غرف الدرر والزبرجد واللؤلؤ والياقوت في الجنة (6).
أخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ} قال: هي ياقوتة حمراء أو زبرجدة خضراء أو درة بيضاء ليس فيها فصم ولا وصم (7).
(1) تفسير الطبري (19/ 54)، والبغوي (3/ 379)، والمحرر الوجيز (4/ 223)، والرازي (24/ 115)، والقرطبي (13/ 90)، والخازن (3/ 320)، وأبو السعود (6/ 231)، وفتح القدير (4/ 128)، والقاسمي (12/ 284)، وروح المعاني (19/ 53)، وفتح البيان (9/ 356).
(2)
أخرجه البخاري (2790).
(3)
أخرجه البخاري (3256)، ومسلم (2831).
(4)
أخرجه ابن أبي حاتم (15495)، وابن أبي شيبة في المصنف (8/ 80)، فيه جويبر (أبو سعيد الأزدي) ضعيف جدًّا، التقريب (1/ 94).
(5)
تفسير القرآن (10/ 334).
(6)
الخازن (3/ 320)، والدر المنثور (6/ 285).
(7)
ضعيف. انظر ضعيف الجامع (3925).