الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ} وقال: {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ (52) فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ} (1).
ومع كل هذا كان الدعاء على الظالمين، ولو كان في هذا الدعاء إجحافًا لما استجاب الله له، فهل يقر الله الباطل ويعلي شأنه؟
الوجه الخامس: بيان تكذيب قوم نوح له، وبيان عاقبة المكذبين
.
قال تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (105)} [الشعراء: 105]، وقال تعالى:{وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (37)} (الفرقان: 37)، وقال تعالى:{وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (59)} [القصص: 59].
والله عز وجل لا يهلك إلا بالعصيان؛ قال تعالى: {فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً (10)} [الحاقة: 10]، وقال تعالى:{وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (10)} [الأنعام: 10]، وغير ذلك من الآياتِ؛ وهي كثيرة.
الوجه السادس: ما دعا نوح على قومه إلا بعد أن أعلمه الله أنهم لا يؤمنون
.
فهذا دعاء عليهم بعدما أعلم الله نوحًا أنهم لا يؤمنون؛ وهو قوله: {أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ} [هود: 36](2).
الوجه السابع: أنَّ للآية الكريمة عدة معانٍ يصح حمل الآية على أي معنى منها
.
الأول: والضلال، مستعار لعدم الاهتداء إلى طرائق المكر الذي خشي نوح غائلته في قوله:{وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (22)} [نوح: 22] أي حُلْ بيننا وبين مكرهم ولا تزدهم إمهالًا في طغيانهم علينا إلَّا أن تضللهم عن وسائله، فيكون الاستثناء من تأكيد الشيء بما يشبه ضده (3).
(1) تفسير الفخر الرازي (30/ 142: 141) بتصرف يسير.
(2)
تفسير البغوي (8/ 233)، تفسير الخازن (4/ 347).
(3)
التحرير والتنوير (29/ 211).