الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه الثاني: علاقة الملائكة مع الصالحين من بني آدم
.
فإن علاقة الملائكة بذرية آدم عليه السلام علاقة وثيقة فهم يقومون عليه عند خلقه ويكلفون بحفظه بعد خروجه إلى الحياة ويأتونه بالوحي من الله ويراقبون أعماله وتصرفاته وينزعون روحه إذا جاء أجله. لكن أريد أن أوضح في هذه الوجه علاقة الملائكة مع صالحي بني آدم خصوصًا لأن العلاقة تختلف مع الصالحين وغير الصالحين (العاصين والمنافقين) إلى الكفار. فلا شك أن العلاقة مع الصالحين الموحدين علاقة حب ورحمة. وأما مع غيرهم فهي علاقة بغض وشدة.
وإليك بعض هذه الصور الطيبة للعلاقة الصالحة:
1 -
استغفارهم للصالحين: قال تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [غافر: 7]، وقال تعالى:{وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} [الشورى: 5]، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَصَلَاتِهِ فِي سوقِهِ بِضْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً. . . . ."، وفيه "وَالْمَلَائِكَةُ يُصَلُّونَ عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ يَقُولُونَ اللهمَّ ارْحَمْهُ اللهمَّ اغْفِرْ لَهُ اللهمَّ تُبْ عليهِ مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ"(1).
قلت: فهذا أقوى الأدلة على استغفار الملائكة لصالحي البشر. وفي الباب أيضًا حديث على رضي الله عنه قال: "ما من رجل يعود مريضًا ممسيًا إلا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يصبح، وكان له خريف في الجنة، ومن أتاه مصبحًا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يمسي، وكان له خريف في الجنة"(2).
(1) أخرجه البخاري (477)، مسلم (649) واللفظ له.
(2)
حسن وهو في حكم المرفوع. أخرجه أحمد 1/ 122، وأبو داود 3098، والحاكم في المستدرك 1/ 350، والبيهقي 3/ 181، أحمد 1/ 120 جميعًا من حديث شعبة، وأخرجه أبو داود (3100) من حديث منصور، وفي العلل للدارقطني 2/ 269 من حديث أبي مريم عبد الغفار بن القاسم كلهم (شعبة ومنصور وعبد الغفار) عن الحكم بن عتيبة عن عبد الله بن نافع عن على موقوفًا. . . . عبد الله بن نافع صدوق.
2 -
شفاعتهم للموحدين عند الله: قال تعالى: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [النجم: 26]، وفي حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو حديث الرؤية الطويل وفيه ". . . فيشفع النبيون والملائكة والمؤمنون"(1).
3 -
محبتهم للمؤمنين: كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا أَحَبَّ الله الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ الله يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحْبِبْهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ الله يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ"(2).
4 -
تسديد المؤمن: فقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت وهو يدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهمَّ أَيِّده بِرُوحِ الْقُدُسِ"(3).
5 -
يصلون على المؤمنين: قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43)} [الأحزاب: 43].
وهم يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)} [الأحزاب: 56].
وفي حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ الله وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ"(4).
6 -
التأمين على دعاء المؤمنين: وبهذا يكون الدعاء أقرب إلى الله تعالى. لأنهم لا
= وأخرجه أبو داود (3099)، ابن ماجه (1442)، أحمد 1/ 81، الحاكم 1/ 349، البيهقي 3/ 380 كلهم (أبو معاوية وأبو بكر وأبو شهاب الحناط) عن الأعمش عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن على. . . مرفوعًا. غير أن أبا شهاب أوقفه. قال أبو داود: أسند هذا عن على عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه صحيح.
وقد تكلم الدارقطني عليه بكلام نفيس في العلل 3/ 270: 267، ورجح الطريق الموقوف.
قلت: وهو في حكم المرفوع خاصة وأن عليًّا رضي الله عنه لا يروي الإسرائيليات.
(1)
أخرجه البخاري (7439)، مسلم (183).
(2)
أخرجه البخاري (3209)، مسلم (2637).
(3)
أخرجه البخاري (3212).
(4)
أخرجه ابن ماجه (997)، أحمد 4/ 285، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (816).