الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة غافر
شبهة: قتل الصبيان واستحياء النساء
.
نص الشبهة:
فالظاهر من هذا الكلام أن فرعون لم يأمر بقتل أبناء اليهود إلا بعد ما جاءه موسى بالحق ولكنه يقول: {إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (38) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ. . .} [طه: 38، 39].
وهذا يعني أن فرعون أمر بقتل أبناء اليهود وموسى طفل ولم يكن الحق قد جاء بعد من عند ريه.
والرد من وجوه:
الوجه الأول:
قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (25)} [غافر: 25]، فإن قال قائل: وكيف قيل: {اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} وإنما كان قتل فرعون الولدان من بني إسرائيل حذار المولود الذي كان أخبر أنه على رأسه ذهاب ملكه وهلاك قومه، وذلك كان فيما يقال قبل أن يبعث الله موسى نبيًا؟ قيل: إن هذا الأمر بقتل أبناء الذين آمنوا مع موسى واستحياء نسائهم، كان أمرًا من فرعون وملئه من بعد الأمر الذي كان من فرعون قبل مولد موسى.
وعن قتادة قال: هذا قتل غير القتل الأول الذي كان حيًا. (1)
(1) جامع البيان لابن جرير الطبري (24/ 56).
توضيح: قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا} أي: بالبرهان القاطع الدال على أن الله تعالى أرسله إليهم {قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ. . .} وهذا أمر ثانٍ من فرعون بقتل ذكور بني إسرائيل.
أما الأول: فكان لأجل الاحتراز من وجود موسى، أو لإذلال هذا الشعب وتقليل عددهم، أو لمجموع الأمرين.
وأما الأمر الثاني: فالعلة الثانية، لإهانة هذا الشعب ولكي يتشاءموا بموسى عليه السلام ولهذا قالوا:{قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129)} [الأعراف: 129].
قال قتادة: هذا أمر بعد أمر (1).
* * *
(1) تفسير ابن كثير (12/ 184)، الكشاف للزمخشري (4/ 160).