الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تاركًا، ولكنه مُطِيع (1).
قال قتادة رضي الله عنه: فإن الدين واحد والشريعة مختلفة. (2)
وقال أيضًا في تفسيرها: سبيلًا وسُنّة. والسنن مختلفة: للتوراة شريعة، وللإنجيل شريعة، وللقرآن شريعة، يحلُّ الله فيها ما يشاء، ويحرِّم ما يشاء بلاءً، ليعلم من يطيعه ممن يعصيه. ولكن الدين الواحد الذي لا يقبل غيره: التوحيدُ والإخلاصُ لله، الذي جاءت به الرسل. (3)
والدليل على ذلك من السنة:
حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَالْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ". (4)
والعلات: بفتح المهملة الضرائر. وأولاد العلات الأخوة من الأب وأمهاتهم شتي.
ومعنى الحديث أن أصل دينهم واحد وهو التوحيد وإن اختلفت فروع الشرائع (5).
الوجه الثالث: ذكر بعض خصائص القرآن الكريم والإسلام
.
1 -
الخلود: بمعنى أن دين الإسلام لا يزاحمه دين أبدًا، لأنه دين الفطرة، دين الخلود إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. قال الله عز وجل:{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19].
وقال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85]، وقال تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].
(1) تفسير الطبري (6/ 270) وهو ضعيف، فيه سيف بن عمر التميمي ضعيف الحديث.
(2)
أخرجه عبد الرزاق (720) وعنه الطبري (6/ 270) وابن أبي حاتم (6487) من طريق معمر عن قتادة، وهذا إسناد صحيح.
(3)
الطبري (6/ 269) وابن أبي حاتم (6488) من طريق يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة. وزاد نسبته السيوطي في الدر المنثور (3/ 96) إلى عبد بن حميد وأبي الشيخ.
(4)
أخرجه البخاري (3443)، ومسلم (2365).
(5)
فتح الباري (6/ 564)، وشرح النووي (8/ 132).
أما الرسالات السماوية السابقة فهي موقوتة ومحلية وليست عالمية، ولا أدل على ذلك مما ورد على لسان المسيح نفسه حين قال: مَتَى جَلَسَ ابْنُ الإِنْسَانِ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ، تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيًّا تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ. متى (19/ 28)
2 -
العموم: فرسالات الأنبياء السابقين جميعًا كانت تخاطب أقوامًا بأعينهم وتخصهم بنداء {يَاقَوْمِ} فهي رسالات قومية محلية ترتبط بزمان ومكان وقوم.
أما رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عامة. قال تعالى: {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 158]، وقال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سبأ: 28]، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:"أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلي كَانَ كُلُّ نَبِيٍّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى كُلِّ أَحْمَرَ وَأَسْوَدَ". (أي إلى الخلق كافة)(1).
وراجع المقدمة ففيها مزيد على ذلك.
فرسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم غير محدودة بعصر ولا جيل ولا مكان ولا زمان ولا بشعب أو بطبقة بعينها بل هي رسالة الناس جميعًا ومن ثم نستطيع القول بأن رسالة الإسلام رسالة عامة للناس جميعًا وتشريعاتها متناسقة متكاملة توائم الفطرة الإنسانية.
أما الرسالات السابقة فهي خاصة بأقوام بدليل أن كل نبي كان يخاطب قومه ويخصهم بالذكر دون غيرهم. قال تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ. . .} [نوح: 1]، {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ. . .} [الأعراف: 65]، {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ} [الأعراف: 73]. {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ. . .} [الأعراف: 85]، {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [إبراهيم: 5].
ورسالة عيسى عليه السلام خاصة لبني إسرائيل. قال تعالى: {وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: 49]. وقال: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6].
(1) أخرجه البخاري (335)، مسلم (521) واللفظ له.