الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن حجر: وَاخْتَلَفَ السَّلَف فِي الْمُرَاد بِالْوُرُودِ فِي الْآيَة، فَقِيلَ هُوَ الدُّخُول، وَقِيلَ الْمُرَاد بِالْوُرُودِ الْمَمَرّ عَلَيْهَا، وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ أَصَحّ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ وَلَا تَنَافِي بَيْنهمَا، لِأَنَّ مَنْ عَبَّرَ بِالدُّخُولِ تَجَوَّزَ بِهِ عَنْ الْمُرُور، وَوَجْهه أَنَّ الْمَارّ عَلَيْهَا فَوْق الصِّرَاط فِي مَعْنَى مَنْ دَخَلَهَا، لَكِنْ تَخْتَلِف أَحْوَال الْمَارَّة بِاخْتِلَافِ أَعْمَالهمْ، فَأَعْلَاهُمْ دَرَجَة مَنْ يَمُرّ كَلَمْعِ الْبَرْق، ثم قال: وَفِي هَذَا بَيَان ضَعْف قَوْل مَنْ قَالَ: الْوُرُود مُخْتَصّ بِالْكُفَّارِ، وَمَنْ قَالَ: مَعْنَى الْوُرُود الدُّنُوّ مِنْه، وَمَنْ قَالَ: مَعْنَاهُ الْإِشْرَاف عَلَيْهَا، وَمَنْ قَالَ: مَعْنَى وُرُودهَا: مَا يُصِيب الْمُؤْمِن فِي الدُّنْيَا مِنْ الْحُمَّى، عَلَى أَنَّ هَذَا الْأَخِير لَيْسَ بِبَعِيدٍ، وَلَا يُنَافِيه بَقِيَّة الْأَحَادِيث، وَالله أَعْلَم (1).
قال النووي: وَالصَّحِيح أَنَّ الْمُرَاد بِالْوُرُودِ فِي الْآيَة: الْمُرُور عَلَى الصِّرَاط، وَهُوَ جِسْر مَنْصُوب عَلَى جَهَنَّم، فَيَقَع فِيهَا أَهْلهَا، وَيَنْجُو الْآخَرُونَ (2).
قال الطبري: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: يردها الجميع ثم يصدر عنها المؤمنون، فينجيهم الله، ويهوي فيها الكفار، وورودهما هو ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من مرورهم على الصراط المنصوب على متن جهنم، فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ وَمُكَدَّسٌ فيها (3).
قال الشوكاني: ولا يخفى أن القول بأن الورود هو المرور على الصرط، أو الورود على جهنم وهي خامدة فيه، جمع بين الأدلة من الكتاب والسنّة، فينبغي حمل هذه الآية على ذلك (4)
الوجه الثالث: بيان المعتقد الصحيح في أن النار لا يخلد فيها إلا الكفار
أن النار لا يخلد فيها إلا الكافرون والجنة لا يخلد فيها إلا المؤمنون، وأما العصاة من المسلمين فأمرهم إلي الله، إن شاء عذبهم، وإن شاء عفا عنهم وأمرهم في النهاية إلى الجنة. وهذا بدليل الكتاب والسنة والإجماع:
اولًا: من الكتاب:
فقد بين الله سبحانه وتعالى جزاء المؤمنين والكافرين أحق بيان، ففي المؤمنين قال الله تعالى {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
(1) فتح الباري (3/ 149)، باب: فضل من مات له ولد فاحتسب.
(2)
شرح صحيح مسلم (8/ 296)، وانظر: الاستذكار لابن عبد البر (8/ 330: 326).
(3)
جامع البيان (9/ 112).
(4)
فتح القدير (3/ 487)، فتح البيان (8/ 187).