الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه التاسع: بيان الحكمة في تولي رب العزة الدفاع عن نبيه صلى الله عليه وسلم.
الوجه العاشر: بيان بعض صفات الرب في الكتاب المقدس وبعض نماذج الغلظة واللعنات في الحديث بالسب والشتم.
وإليك التفصيل
الوجه الأول:
بيان سبب نزول {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} .
اختلف أهل العلم بالتفسير في شأن من نزلت فيه هذه الآية على هذه الأقوال:
القول الأول: نزلت في العاص بن وائل. وهذا مروي عن جماعة.
1 -
ابن عباس قال: هو العاص بن وائل (1).
2 -
قتادة، قال: هو العاص بن وائل قال إني شانئ محمدًا وهو أبتر ليس له عقب، قال الله تعالى:{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} (2).
3 -
سعيد بن جبير، قال: هو العاص بن وائل (3).
4 -
يزيد بن رومان، قال: كان العاص بن وائل السهمي إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال دعوه فإنما هو رجل أبتر لا عقب له ولو هلك انقطع ذكره واسترحت منه، فأنزل الله تعالى في ذلك:{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)} إلى آخر السورة (4).
5 -
مجاهد، قال: هو العاص بن وائل قال أنا شانئ محمد ومن شنأه الناس فهو الأبتر (5).
(1) قلت مروي عنه من ثلاثة طرق:
الأول: من طريق محمد بن سعد قال ثني أبي قال ثني عمر قال ثني أبي عن أبيه عن ابن عباس محمد بن سعد لين الحديث، إسناد مسلسل بالضعفاء، كما هو معلوم، وقد سبق هذا الإسناد مرارًا.
الثاني: من طريق أبي صالح بازام، وهو ضعيف، وفيه أيضًا الكلبي متهم بالكذب، أخرجه ابن سعد في الطبقات 1/ 106.
الثالث: من طريق ميمون بن مهران، أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3/ 128 وفيه محمد بن زياد كذاب، والفرات بن السائب منكر الحديث.
(2)
تفسير الطبري (30/ 329) بإسناد صحيح.
(3)
تفسير الطبري (30/ 329)، فيه هلال بن خباب صدوق تغير بآخره.
(4)
الواحدي في أسباب النزول (935)، فيه أحمد بن عبد الجبار ضعيف.
(5)
تفسير الطبري (30/ 329)، من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، ثقة ربما دله. قلت: ذكره ابن حجر في طبقات المدلسين في الطبقة الثالثة، وهذا معناه أنه لابد من التصريح بالسماع، وقد عنعن. =
6 -
الكلبي، قال: هو العاص بن وائل قال أنا شانئ محمد وهو الأبتر وأنه ليس له عقب قال الله تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} الحقير الرقيق الذليل) (1).
القول الثاني: نزلت في جماعة على رأسهم كعب بن الأشرف، ورُوي عن:
1 -
ابن عباس قال: لما قَدِم كعب بن الأشرف مكة أتَوْه، فقالوا له: نحن أهل السقاية والسدانة، وأنت سيد أهل المدينة، فنحن خير أم هذا الصنبور المنبتر من قومه، يزعم أنه خير منا؟ قال: بل أنتم خير منه، فنزلت عليه:{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} قال: وأنزلت عليه: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ} [النساء: 51](2).
2 -
عكرمة، قال في هذه الآية:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (44)} [النساء: 44]، قال: نزلت في كعب بن الأشرف أتى مكة فقال له أهلها نحن خير أم هذا الصنبور المنبتر من قومه ونحن أهل الحجيج وعندنا منحر البدن قال: أنتم خير فأنزل الله في هذه الآية، وأنزل في الذين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ما قالوا:{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} (3).
القول الثالث: نزلت في عمرو بن العاص. عن محمد بن علي قال: كان القاسم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بلغ أن يركب الدابة، ويسير على النجيب، فلما قبضه الله قال عمرو بن العاص: لقد
= قال يحيى القطان لم يسمع التفسير من مجاهد وإنما نظر في كتاب القاسم بن أبي بزة فنسخه ودلسه عنه، التاريخ الكبير (5/ 233)، الثقات لابن حبان (7/ 5) طبقات المدلسين.
(1)
تفسير عبد الرزاق (3720)، والكلبي [محمد بن السائب الكلبي] متهم بالكذب.
(2)
تفسير الطبري (30/ 330)، وابن أبي حاتم في التفسير (5440)، من حديث ابن عدي، والحديث ذكر ابن كثير في تفسيره (14/ 483) وعزاه إلى البزار وصحح إسناده.
(3)
تفسير الطبري (30/ 329: 330) بإسناد صحيح.
أصبح محمد أبتر من ابنه، فأنزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)} عوضًا يا محمد من نصيبك {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} (1).
قال البيهقي: كذا روي بهذا الإسناد وهو ضعيف والمشهور أن الآية نزلت في أبيه (2).
القول الرابع: نزلت في عقبة بن أبي معيط، عن شمر بن عطية قال: كان عقبة بن أبي معيط يقول: إنه لا يبقى للنبي صلى الله عليه وسلم ولد، وهو أبتر فأنزل الله فيه هؤلاء الآياتِ:{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} عقبة بن أبي معيط {هُوَ الْأَبْتَرُ} (3).
هذه هي الأقوال المسندة في أسباب نزول هذه الآياتِ وثَم أقوال أخرى قيل نزلت في أبي جهل (4)، وقيل نزلت في أبي لهب (5).
وبعد أن ذكر الإمام الطبري رحمه الله جملة الأقوال في سبب نزول الآية:
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أن مبغض رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الأقل الأذل المنقطع عقبه فتلك صفة كل من أبغضه من الناس وإن كانت الآية نزلت في شخص بعينه (6).
قال الرازي: واعلم أنه لا يبعد في كل أولئك الكفرة أن يقولوا مثل ذلك فإنهم كانوا يقولون فيه ما هو أسوأ من ذلك ولعل العاص بن وائل كان أكثرهم مواظبة على هذا القول فلذلك اشتهرت الروايات بأن الآية نزلت فيه (7).
(1) البيهقي في دلائل النبوة (2/ 69).
(2)
فيه جابر الجعفي: ضعيف عند الجمهور ثم هو مدلس وقد عنعن، وفيه عمرو بن شمر الكوفي: قال أبو داود والنسائي متروك، وقال يحيى ليس بشيء وقال البخاري: منكر الحديث (ميزان الاعتدال 3/ 268).
(3)
تفسير الطبري (30/ 329)، وفيه ابن حميد أجمع أهل الرأي على ضعفه.
(4)
تفسير ابن أبي حاتم (19516) عن عطاء، تفسير ابن كثير (14/ 483)، القرطبي (20/ 220)، الرازي (32/ 133)، فتح القدير (5/ 733)، النكت والعيون (6/ 356).
(5)
تفسير ابن كثير (14/ 483)، تفسير الرازي (32/ 133)، النكت والعيون (6/ 356).
(6)
تفسير الطبري (30/ 330).
(7)
تفسير الرازي (32/ 133).