الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرجال والنساء، فصار الحجاب على نساء المؤمنين من باب أولى من فرضه على أمهات المؤمنين وهن الطاهرات المبرآت من كل عيب ونقيصة.
ثانيًا: يقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يستطيع أن يقوم بالاهتمام بزوجاته جميعًا في آن واحد؛ فلا بد أن يحصل ما لا يحمد عقباه
.
ونقول: إن هذا الادِّعاء والافتراء مبني على الادعاء السابق؛ وهو أن هذا الكلام من الله عز وجل لصحابته وزوجات النبي صلى الله عليه وسلم يدل على تصرفات لا تليق - زعموا - وقد أبطلنا هذا الادعاء، والحمد لله، وما بُني على باطل فهو باطل، فنرد على هذه الفرية بما رددنا به على الفرية الأولى، ونزيد الأمر وضوحًا بأن نبين اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بزوجاته، وكيف كان يعيش معهن ويشاورهن في الأمور العضال؟ وكيف كان في خدمة أهله صلى الله عليه وسلم؟ إن نبينا صلى الله عليه وسلم مثال للزوج الذي يقوم على شئون أكثر من زوجة في آنٍ واحد، وحسبه أنه مؤيد من عند ربه عز وجل.
فعن عائشة سُئلت: مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ - تَعْنِي: خِدْمَةَ أَهْلِهِ - فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ (1).
قال ابن حجر: وفيه الترغيب في التواضع، وترك التكبر، وخدمة الرجلِ أهلَه (2).
وعن عائشة أنها سُئلت: ما كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَخِيطُ ثَوْبَهُ، ويَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ ما يَعْمَلُ الرجال في بيوتهم (3).
قَالَ اِبْن بَطَّال: مِنْ أَخْلَاق الْأَنْبِيَاء التَّوَاضُع، وَالْبُعْد عَنْ التَّنَعُّم، وَامْتِهَان النَّفْس لِيُسْتَنّ بِهِمْ، وَلِئَلَّا يَخْلُدُوا إِلَى الرَّفَاهِيَة الْمَذْمُومَة، وَقَدْ أُشِيرَ إِلَى ذَمّهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (11)} (4).
ولا يخفى حديث أم زرع الذي أورده البخاري تحت [باب حسن المعاشرة مع الأهل (5)]، والذي قصت فيه حديث عائشة على النبي صلى الله عليه وسلم قصة إحدى عشرة امرأة مع
(1) أخرجه البخاري (676).
(2)
فتح الباري (2/ 191).
(3)
مسند أحمد (6/ 121).
(4)
فتح الباري (10/ 520)، وإسناده صحيح إلى عائشة.
(5)
أخرجه البخاري (5189)، مسلم (2448).