الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وما كان لأحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن يتلفظ بمثل هذا، وإلا ما عد من أصحابه، وأنَّى لهذا الذي ترغب فيه واحدة من أزواج النبي بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
فالحديث باطل متنًا وسندًا.
الوجه الثالث: الرد على مزعوماتهم الباطلة
.
أولًا: يقولون: لماذا هذا الكلام؟ أليس يدل على تصرفات زوجاته مع الرجال بأمور لا تليق
؟
ونقول: ألا لعنة الله على الظالمين، ألمجرد توجيه وَجَّهَهُ الله عز وجل للأمة كي يتأدبوا مع النبي صلى الله عليه وسلم عندما يكون في خلوته يؤول بهذا التأويل وتقولون أن هذا يدل تصرفات غير سليمة بين زوجاته الطاهرات العفيفات وبين أصحابه المؤمنين الصادقين؟ ! ! ! فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
أما النهي من الله فلأمور:
1 -
الله عز وجل نهى الصحابة عن ذلك لعلمه أن نبيه صلى الله عليه وسلم كان أشد الناس حياءً، وعن أبي سعيد الخدري قال:"كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياءً من العذراء في خدرها"، فالنبي صلى الله عليه وسلم يستحي أن ينهاهم عن ذلك بنفسه، لكن عندما يكون من الله عز وجل، فالله لا يستحي من الحق.
2 -
أنه لا بد أن يعامل القدوة باحترام وتوقير، على غير معاملة العوام فهو له الفضل على الجميع، فما بالكم لو كان ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} ، فأهل الفضل لا بد أن يميزوا في المعاملة كما خص زوجاته رضي الله عنهن بألا يتزوجهن أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم {وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا} .
3 -
هذا أدب من الله عز وجل للصحابة، ليبين لهم كيف يتعاملون مع نبيهم في الخلوة؟ كما بين لهم كيف يتعاملون معه في الملأ؟ فقال:{آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 2]
4 -
أراد الله أن يبين لهم أن الذي يتوهم أن الأمر الشرعي تركه أدبًا وحياء، فإن الحزم كل الحزم اتباع الأمر الشرعي، وأن يجزم أن ما خالفه، ليس من الأدب الشرعي، والله
تعالى لا يستحي أن يأمركم، بما فيه الخير لكم، والرفق لرسوله كائنًا ما كان (1).
5 -
وأراد سبحانه وتعالى أن يبين لهم أدبهم مع زوجاته صلى الله عليه وسلم فقال: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} .
6 -
ليس أمرُ الله لنساء النبي بالحجاب عن الصحابة وغيرهم من الرجال اتهام لهن أنهن قبل الحجاب كُنَّ يتصرفن بما لا يليق كما زعم الملحدون، بل هذا الأمر عصمة لهن وعصمة للصحابة وحفاظًا من الله عز وجل لحياء هذه الأمة.
7 -
هذا الأمر من الله لهن بالحجاب ليفعلنه وتفعلنه باقي نساء الأمة، فلو كانت الفتنة مأمونة بين نساء النبي وبين صحابته فهي ليست مأمونة مع غيرهن، فلكي لا يحتجَّ محتجٌ أن نساء النبي لم يكن متحجبات أمرهن الله عز وجل بالحجاب سدًا للذريعة، وحفظًا من خدش حياء هذه الأمة.
8 -
إن من أسباب الحجاب أن عمر قال لسودة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: انظري يا سودة كيف تخرجين، فوالله لا تخفين علينا (2).
وقد قال للنبي صلى الله عليه وسلم: "لو أمرت نساءك بالحجاب؟ فنزلت آية الحجاب"(3)، وكذلك حرصًا من عمر على نزول الحجاب، فكيف تقولون بعد ذلك أن هناك تصرفات لا تليق بين زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه؟ ألا سحقًا لكم وبعدًا.
9 -
لا يخفى على أحد خطورة التبرج، وأن التحجب أطهر لقلوب الرجال والنساء، وأبعد عن الفاحشة وأسبابها، وأشار سبحانه إلى أن السفور وعدم التحجب خبث ونجاسة، وأن التحجب طهارة وسلامة، ولا شك أن من الناس البر والفاجر، والطاهر والعاهر؛ فالحجاب يمنع بإذن الله من الفتنة، ويحجز دواعيها، ولما علم الله عز وجل المفاسد التي تترتب على اختلاط النساء بالرجال حرم ذلك، وأمر أن يكون هناك حجاب أو ساتر حين يريد رجل مقابلة امرأة أجنبية لطلب متاع أو سؤال حاجة، والعلة من فرض الحجاب طهارة قلوب
(1) تفسير السعدي (670).
(2)
أخرجه البخاري (146)، مسلم (2170).
(3)
أخرجه البخاري (4790).