الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فائدة
حكى العبادي في "طبقاته" عن الشّافعي قال: ليس في الإِسلام شيء أُحلّ ثمّ حُرِّم، ثمّ أحلّ ثم حُرِّم إلا المتعة.
وقال بعضهم: نُسخت ثلاثَ مرّات.
وقيل: أكثر، ويدل على ذلك اختلاف الرِّوايات في وقت تحريمها، وإذا صحّت كلُّها فطريق الجمع بينهما العمل على التعدّد، والأجود في الجمع ما ذهب إليه جماعة من المحقِّقين أنها لم تُحَلَّ قطّ في حال الحضر والرفاهية، بل في حال السفر والحاجة، والأحاديث ظاهرة في ذلك، ويبين ذلك:
[4830]
- حديث ابن مسعود: كنّا نغزو وليس لَنا نساءٌ فرخّص لنا أنّ ننكح المرأة بالثوب إلى أجل
…
الحديث، وهو متفق عليه (1).
فعلى هذا كلّ ما ورد من التحريم في المواطن المتعدّدة يحمل على أن المراد بتحريمها في ذلك الوقلت: أنّ الحاجة انقضت، ووقع العزم على الرّجوع إلى الوطن، فلا يكون في ذلك تحريمٌ أبديٌّ إلَّا الّذي وقع آخِرًا.
وقد اجتمع من الأحاديث في وقت تحريمها أقوال ستة أو سبعة، نذكرها على الترتيب الزماني:
الأول: عمرة القضاء:
[4831]
- قال عبد الرزاق في "مصنفه"(2) عن معمر، عن عمرو، عن الحسن قال: ما حلّت المتعة قطّ إلا ثلاثًا في عمرة القضاء، ما حلّت قبلها ولا بعدها.
(1) صحيح البخاري (رقم 4615)، وصحيح مسلم (رقم 1404).
(2)
مصنف عبد الرزاق (رقم 14040).
وشاهده:
[4832]
- ما رواه ابن حبان في "صحيحه"(1) من حديث سبرة بن معبد، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمّا قَضينا عمرتنا، قال لنا:"ألَا تَسْتَمْتِعُوا مِنْ هَذِه النِّسَاءِ" فذكر الحديث.
الثّاني: خيبر:
[4833]
- متفق عليه (2) عن علي بلفظ: نهي عن نكاح المتعة يوم خيبر.
واستشكله السّهيلي وغيره، ولا إشكال فيه (3)، وقد وقع في "مسند ابن وهب" من حديث ابن عمر مثله، وإسناده قوي، أخرجه البيهقي (4) وغيره.
الثالث: عام الفتح:
[4834]
- رواه مسلم (5) من حديث سبرة بن معبد: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى في يوم الفتح عن متعة النّساء.
وفي لفظ له (6): أَمَرَنا بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكة، ثم لم يخرج حتى نَهَانا عنها.
وفي لفظ له (7): أن رسول الله قال: "يا أيها النَّاس إنِّي كُنتُ أَذِنْتُ لَكُمْ في
(1) صحيح ابن حبان (الإحسان/ رقم 4147).
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
في هامش "الأصل" ما نصّه: "وجه الإشكال أنه لم يكن ثَمَّ نساءٌ مسلماتٌ، بل يهوديَّاتٌ".
(4)
السنن الكبرى (7/ 202).
(5)
صحيح مسلم (رقم 1406)(25).
(6)
المصدر السابق (رقم 1406)(22).
(7)
المصدر السابق (رقم 1406)(21).
الاسْتِمْتَاعِ مِنَ النِّسَاءِ، وإنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ ذَلكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ".
الرَّابع: يوم حنين:
[4835]
- رواه النسائي (1) من حديث علي. والظّاهر أنّه تصحيف من "خَيبر" وذكر الدارقطني: أنّ عبد الوهاب الثّقفي تفرّد عن يحيى بن سعيد، عن مالك بقوله:"حنين"(2) في رواية لسلمة بن الأكوع: أنّ ذلك كان في عام أوطاس. قال السهيلي: هي موافقة لِروايةِ من روى عامَ الفتح، فإنهما كانا في عام واحدٍ.
الخامس: غزوة تبوك:
[4836]
- رواه الحازمي (3) من طريق عبّاد بن كثير عن ابن عقيل، عن جابر قال: خرجنا مع رسول الله إلى غزوة تبوك حتى إذا كنا عند الثنيّة مما يلي الشام، جاءتنا نسوةٌ تَمَتَّعنا بهن، يطفن برحالنا، فَسَأَلَنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عنهنّ، فأخَبَرْنَاه، فغضب وقام فينا خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، ونهى عن المتعة، فتوادعنا يومئذٍ ولم نَعُدْ ولا نعود فيها أبدًا، [فبها](4) سُمِّيت يومئذ ثنيّة الوداع.
وهذا إسنادٌ ضعيف.
[4837]
- لكن عند ابن حبان في "صحيحه"(5) من حديث أبي هريرة ما يشهد له وأخرجه البيهقي (6) من الطريق المذكورة بلفظ: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في
(1) سنن النسائي (رقم 3367).
(2)
[ق/496].
(3)
الاعتبار (ص 179).
(4)
من "م" و "هـ"، و"الاعتبار"، وفي الأصل:"فسميت".
(5)
صحيح ابن حبان (الإحسان/ رقم 4141)، وفيه مؤمل بن إسماعيل، وهو سيء الحفظ.
(6)
السنن الكبرى (7/ 207).
غزوة تبوك، فنزلنا ثنيّة الوداع
…
فذكره.
ويمكن أن يحمل على أن من فعل ذلك لم يبلغه النّهي الذي وقع يوم الفتح، ولأجل ذلك غضب صلى الله عليه وسلم.
السّادس: حجّة الوداع:
[4838]
- رواه أبو داود (1) من طريق الربيع بن سبرة، قال: أشهد على أبي أنّه حدّث أن رسول الله نهى عنها في حجّة الوداع.
ويجاب عنه بجوابين:
أحدهما: أن المراد بذكر ذلك في حجّة الوداع إشاعةُ النّهي والتحريمِ؛ لكثرة من حضرها من الخلائق.
والثّاني: احتمال أن يكون انتقل ذِهن أَحَدِ رُواته من "فتح مكة" إلى "حجة الوداع"؛ لأنّ أكثر الرّوايات عن سبرة: أنّ ذلك كان في الفتح. والله أعلم.
1983 -
[4839]- حديث عمران بن حصين: "لا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَي عَدْلٍ".
أحمد (2) والدارقطني (3) والطبراني (4) والبيهقي (5) من حديث الحسن عنه.
(1) سنن أبي داود (رقم 2072).
(2)
لم أجده في المسند، ولم يعزه إليه المصنف في "إتحاف المهرة"(ج 22/ 7) فما بعد، رواية الحسن عنه.
(3)
سنن الدارقطني (3/ 225) عن عمران، عن ابن مسعود.
(4)
المعجم الكبير (ج 18/ 142/ رقم 299).
(5)
السنن الكبرى (7/ 125).
وفي إسناده عبد الله بن محرَّر، وهو متروك (1).
ورواه الشّافعي (2) من وجه، آخر عن الحسن مرسلا. وقال: وهذا وإن كان منقطعا فإن أكثر أهل العلم يقولون به.
1984 -
[4840]- حديث أبي موسى: "لا نِكَاح إلَّا بِوَلِيٍّ".
أحمد (3) وأبو داود (4) والترمذي (5) وابن ماجه (6) وابن حبان (7) والحاكم (8)، وأطال في تخريج طرقه.
وقد اختلف في وصله وإرساله، قال الحاكم: وقد صحت الرّواية فيه عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة، وأم سلمة، وزينب بنت جحش. قال: وفي الباب عن علي وابن عباس. ثمّ سرد تمام ثلاثين صحابيًّا. وقد جمع طرقَه الدِّمياطي من المتأخِّرين (9).
(1) ترجمته في "تهذيب الكمال"(16/ 29 - 33).
(2)
الأم للشافعي (5/ 168).
(3)
مسند الإمام أحمد (4/ 394، 413، 418).
(4)
سنن أبي داود (رقم 2085).
(5)
سنن الترمذي (رقم 1101).
(6)
سنن ابن ماجه (رقم 1881).
(7)
صحيح ابن حبان (الإحسان/ رقم 4077، 4078، 4083، 4090).
(8)
مستدرك الحاكم (2/ 169، 171، 172).
(9)
ومن المعاصرين: الشيخ مفلح بن سليمان بن فلاح الرشيدي في جزء سماه: "التّحقيق الجليّ لحديث لا نكاح إلا بِولِيّ"، ط. مؤسّسة قرطبة.
1985 -
[4841]- حديث ابن عباس: "لا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ".
أحمد (1) وابن ماجه (2) والطبراني (3) وفيه الحجاج بن أرطاة، وهو ضعيف، ومداره عليه، وغلط بعض الرّواة فرواه عن ابن المبارك، عن خالد الحذاء، عن عكرمة، والصّواب "الحجاج" بدل "خالد".
1986 -
[4842]- حديث عائشة: "أيّمَا امْرَأةٍ أَنْكَحَتْ نَفْسَها بِغَير إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكاحُها بَاطلٌ، فَنِكاحُها باطلٌ، فَنِكاحُها باطلٌ؛ فإن دَخل بها فَلَها المهر؛ لِما استحلّ مِن فَرجِهَا، فإن اشتَجَروا فالسّلطانُ وَلِيّ مَن لا وَلِيَّ لَه".
الشافعي (4)(5) وأحمد (6) وأبو داود (7) والترمذي (8) وابن ماجه (9) وأبو عوانة
(1) مسند الإمام أحمد (1/ 250).
(2)
سنن ابن ماجه (رقم 1880).
(3)
المعجم الكبير (رقم 11944).
(4)
مسند الشافعي (ص 275)، والأم (5/ 13).
(5)
[ق/497].
(6)
مسند الإمام أحمد (6/ 47، 165 - 166).
(7)
سنن أبي داود (رقم 1083).
(8)
سنن الترمذي (رقم 1102).
(9)
سنن ابن ماجه (رقم 1879).
وابن حبان (1) والحاكم (2) من طريق ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن الزهري، عن عروة عنها.
وأعلّ بالإرسال، قال الترمذي: حديث حسن، وقد تكلّم فيه بعضهم من جهة [أنّ] (3) ابن جريج قال: ثمّ لقيت الزهري فسألته عنه، فأنكره، قال: فضعف الحديث من أجل هذا، لكن ذُكِر عن يحيى بن معين أنه قال: لم يذكر هذا عن ابن جريج غير ابن علية، وضعّف يحيى روايةَ ابنَ علية عن ابن جريج. انتهى.
وحكاية ابن جريج هذه وصلها الطحاوي (4) عن ابن أبي عمران، عن يحيى بن معين، عن بن علية، عن ابن جريج.
ورواه الحاكم (5) من طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج: سمعت سليمان: سمعت الزّهري.
وعدّ أبو القاسم ابن منده عِدَّةَ من رواه عن ابن جريج فبلغوا عشرين رجلًا، وذكر أنّ معمرًا وعبيد الله بن زَحر تابعا ابن جريج على روايته إيّاه عن سليمان بن موسى، وأن قرة، وموسى بن عقبة، ومحمّد بن إسحاق، وأيوب بن موسى، وهشام بن سعد، وجماعة تابعوا سليمانَ بن موسى عن الزّهري.
قال: ورواه أبو مالك الجنبي، ونوح بن دراج، ومندل، وجعفر بن برقان،
(1) صحيح ابن حبان (الإحسان/ رقم 4074).
(2)
مستدرك الحاكم (2/ 168).
(3)
من "م" و "هـ".
(4)
شرح معاني الآثار (3/ 8).
(5)
مستدرك الحاكم (2/ 168 - 169).
وجماعة عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.
ورواه الحاكم (1) من طريق أحمد عن بن علية، عن ابن جريج، وقال في آخره: قال ابن جريج: فلقيت الزّهري فسألته عن هذا الحديث، فلم يعرفه، وسألته عن سليمان بن موسى فأثنى عليه، قال: وقال ابن معين: سماع ابن عليّة من ابن جريج ليس بذاك. قال: وليس أحد يقول فيه هذه الزيادة (2) غير ابن علية.
وأعل ابن حبان (3) وابن عدي (4) وابن عبد البر (5). (6) والحاكم وغيرهم الحكاية عن ابن جُريج.
وأجابوا عنها على تقدير الصحة؛ بأنه لا يلزم من نسيان الزّهري له أن يكون سليمان بن موسى وَهِمَ عليه.
وقد تكلّم عليه أيضًا الدارقطني في "جزء من حدّث ونسي" والخطيب بعده، وأطال في الكلام عليه البيهقيّ في "السنن"(7) وفي "الخلافيات"(8) وابن الجوزي في "التحقيق"(9) وأطال الماوردي في "الحاوي"(10) في ذكر ما دلّ
(1) المصدر السابق (2/ 169).
(2)
في هامش "الأصل": "أي وهو قول ابن جريج: فليقت الزّهري .. إلى آخره".
(3)
صحيح ابن حبان (الإحسان 9/ 385 - 386).
(4)
الكامل لابن عدي (3/ 266).
(5)
التمهيد (19/ 86).
(6)
في الأصل، و "هـ": تقديم ابن عبد البر على ابن عدي، والمثبت من "م".
(7)
السنن الكبرى (7/ 105 فما بعد).
(8)
انظر: مختصر الخلافيات (4/ 101 - 105).
(9)
تحقيق أحاديث الخلاف (2/ 255 - 257).
(10)
الحاوي (9/ 45 - 47).