الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
وإنْ جنَى على سِنِّهِ، فذهَبَتْ حِدَّتُها وكَلَّتْ، ففى ذلك حُكومةٌ، وعلى قَالِعها بعدَ ذلك دِيَةٌ كاملةٌ؛ لأنَّها سِنٌّ صحيحةٌ، كاملةٌ، فكَمَلَتْ دِيَتُها، كالمُضْطَرِبة، وإنْ ذهبَ مِنْها جُزْءٌ، ففى الذاهبِ بقَدْرِه، وإنْ قلعَها قالعٌ، نقَصَ منْ دِيَتِها بقَدْرِ ما ذهبَ، كما لو كُسِرَ منها جُزْءٌ.
فصل: وفى اللَّحْيَيْنِ الدِّيَةُ، وهما العظْمانِ اللَّذانِ فيهما الأسْنانُ السُّفْلَى؛ لأنَّ فيهما نَفْعًا وجمالًا، وليس في البدَنِ مِثْلُهما، فكانتْ فيهما الدِّيَةُ، كسائرِ ما في البدنِ منه شيئان، وفى أحدِهما نصفُها، كالواحدِ ممَّا في البدنِ منه شيئانِ. وإنْ قلَعَهما بما عليهما مِن الأسْنانِ، وجبَتْ (33) عليه دِيتُهما ودِيَةُ الأسْنانِ، ولم تَدْخُلْ دِيَةُ الأسنانِ في دِيَتِهما، كما تَدْخُلُ دِيَةُ الأصابعِ في دِيَةِ اليَدِ (34)، لوُجُوهٍ ثلاثةٍ؛ أحدها، أنَّ الأسنانَ مَغْرُوزةٌ في اللَّحْيَيْنِ، غيرُ مُتَّصِلةٍ بهما، بخلافِ الأصابعِ. والثَّانى، أنَّ كلَّ واحدٍ من اللَّحْيَيْنِ والأسنانِ ينْفَرِدُ باسمِه، ولا يدْخُلُ أحدُهما في اسمِ الآخَرِ، بخلافِ الأصابعِ والكَفِّ، فإنَّ اسمَ اليَدِ يشْمَلُهما. والثَّالثُ، أنَّ اللَّحْيَيْنِ يُوجَدان قبلَ وُجودِ الأسنانِ في الخِلْقةِ، ويَبْقَيان بعدَ ذهابِها في حَقِّ الكبيرِ، ومَن تقلَّعتْ أسْنانُه عادَتْ، بخلافِ الأصابعِ والكَفِّ.
1492 - مسألة؛ قال: (وَفِى الْيَدَيْنِ الدِّيَةُ)
أجْمعَ أهلُ العلمِ على (1) وجُوبِ الدِّيَةِ في اليدَيْنِ، ووُجوبِ نِصْفِها في إحدَاهُما. وقد (2) رُوى عن معاذِ بنِ جبلٍ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قال: "وَفِى الْيَدَيْنِ
(33) في الأصل: "وجب".
(34)
في م: "الوجه". خطأ.
(1)
في ب زيادة: "أن".
(2)
سقطت: "قد" من: م.
الدِّيَةُ، وَفِى الرِّجْلَيْنِ الدِّيَةُ" (3). وفِي كتاب النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِعَمْرو بن حَزمٍ:"وَفِى الْيَدِ خَمْسُونَ مِنَ الْإِبِلِ"(4). ولأنَّ فيهما (5) جَمالًا ظاهِرًا، ومَنْفعةً كاملةً، وليس في البدنِ مِنْ جِنْسِهما غيرُهما، فكان فِيهما الدِّيَةُ، كالعَيْنَيْنِ. واليدُ التي تجبُ فيها الدِّيةُ منَ الكُوعِ؛ لأنَّ اسمَ اليَدِ عنْدَ الإِطْلاقِ ينْصَرِفُ إليها، بدليلِ أنَّ اللهَ تعالى لمَّا قال:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (6). كان الواجبُ قَطْعَهما (7) من الكُوعِ، وكذلك التَّيمُّمُ يجبُ فيه مَسْحُ اليَدَيْنِ إلى الكُوعَيْنِ. فإنْ قطَعَ يدَه من فوقِ الكُوعِ، مثل أنْ يقطعَها مِن المَرْفِقِ، أو نصفِ السَّاعدِ، فليس عليه إلَّا دِيَةُ اليَدِ. نَصَّ عليهِ أحمدُ، في روايةِ أبى طالبٍ. وهذا قولُ عَطاءٍ، وقَتادةَ، والنَّخَعِىِّ، وابنِ أبي ليلى، ومالكٍ. وهو قولُ بعضِ أصحابِ الشَّافعىِّ. وظاهرُ مذهبِه عندَ أصحابِه، أنَّه يجبُ معَ دِيَةِ الْيَدِ حُكومةٌ لما زادَ؛ لأنَّ اسمَ اليَدِ لها إلى الكُوعِ، ولأنَّ المَنْفَعةَ المقْصودةَ في اليَدِ، من البَطْشِ والأَخْذِ والدَّفْعِ بالكفِّ، وما زادَ تابعٌ للكَفِّ، والدِّيَةُ تجبُ في قَطْعِها مِن الكُوعِ بغيرِ خلافٍ، فتجبُ في الزَّائدِ حُكومةٌ، كما لو قطعَه بعدَ قَطْعِ الكفِّ، قال أبو الخَطَّابِ: وهذا قولُ القاضِى. ولَنا، أنَّ اليَدَ اسمٌ للجميعِ إلى المَنْكِبِ، بدليلِ قولِه تعالى:{وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} (8). ولما نزَلتْ آيةُ التَّيمُّمِ مسَحَتِ الصَّحابةُ إلى المناكبِ. وقال ثعلبٌ: اليدُ إلى المَنْكِبِ. وفى (9) عُرْفِ النَّاسِ أنَّ (10) جميعَ ذلك يُسمَّى يَدًا، فإذا قَطعَها مِن فوقِ الكُوعِ، فما قطَعَ إلَّا يَدًا، فلا يَلْزَمُه أكثرُ من دِيَتِها، فأمَّا قَطْعُها في السَّرِقةِ؛ فلأنَّ المقْصودَ يحصُلُ (10) به، وقَطْعُ بعضِ الشَّىءِ يُسَمَّى قَطْعًا له، كما يُقالُ: قَطَعَ ثوبَه. إذا قطعَ
(3) أخرجه عبد الرزاق، في: باب اليد والرجل، من كتاب العقول. المصنف 9/ 380.
(4)
تقدم تخريجه، في صفحة 5.
(5)
في م: "فيها".
(6)
سورة المائدة 38.
(7)
في الأصل: "قطعها".
(8)
سورة المائدة 6.
(9)
سقطت الواو من: ب.
(10)
سقط من: الأصل.