الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه بوَطْءِ مَمْلوكتِه، وإنَّما وجبَ بوَطْءِ أجْنَبِيَّةٍ، فتغَيُّرُ حالِها لا يُسْقِطُه، كما لو ماتَتْ.
فصل:
ولو (70) وَطِىءَ امرأةً له عليها القِصاصُ، وجَبَ عليه الحَدُّ؛ لأنَّه حَقٌّ له عليها فلا يسْقُطُ الحَدُّ عنه، كالدَّين.
1562 - مسألة؛ قال: (وَلَوْ رُجِمَ بَإقْرَارٍ، فَرَجَعَ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ، كُفَّ عَنْهُ، وَكَذلِكَ إنْ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ جُلِدَ، وقَبْلَ كَمَالِ الْحَدِّ، خُلِّىَ)
قد تقدَّم شَرْحُ هذه المسألةِ، وذكرْنَا أنَّ المُقِرّ بالحَدِّ متى رجعَ عن إقْرارِه تُرِكَ، وكذلك إن أَتَى بما يدُلُّ على الرُّجوعِ، مثل الهرَبِ، لم يُطْلَبْ؛ لأنَّ ماعِزًا لَمَّا هرَبَ، قال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:"هَلَّا تَرَكْتُمُوه؟ "(1). ولأنَّ مَن قُبِلَ رُجوعُه قَبْلَ الشُّروعِ في الحَدِّ، قُبِلَ بعدَ الشُّروعِ فيه، كالبَيِّنَةِ.
فصل: ويُسْتحَبُّ للإِمامِ، أو الحاكمِ الذي يثبتُ عندَه الحَدُّ بالإِقْرارِ، التَّعْرِيضُ له بالرُّجوعِ إذا تَمَّ، والوُقُوفِ (2) عن إتْمامِه إذا لم يتِمَّ، كما رُوِى عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه أعْرَضَ عن ماعِزٍ حينَ أقرَّ عنده، ثم جاءَه من النَّاحِيَةِ الأُخْرَى، فأعْرَضَ عنه، حتى تمَّمَ إقْرارَه أربعًا، ثم قال:"لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ، لَعَلَّكَ لَمَسْتَ"(3). ورُوِىَ أنَّه قال لِلَّذِى أقرَّ بالسَّرِقة: "مَا إخَالُكَ فَعَلْتَ". روَاه سعيدٌ، عن سفيانَ، عن يَزِيدَ (4) ابنِ خَصِيفةَ (5)، عن محمد بن عبد الرَّحمن بن ثَوْبانَ، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (6). وقالَ: حدَّثنا
= ولا يخفى أمر هذه الحيل ونسبتها إلى دين الإِسلام، وهل هي نسبة موافقة، أو هي نسبة مناقضة؟ ! . ومن ذلك يظهر بطلان القول بسقوط الحد، وأن ذلك من الحيل الباطلة.
(70)
في م: "وإذا".
(1)
تقدم تخريجه، في صفحة 312.
(2)
في الأصل: "والرجوع".
(3)
تقدم تخريجه، في صفحة 356.
(4)
في م: "بريد".
(5)
في ب: "حفصة". وهو يزيد بن عبد اللَّه بن خصيفة الكندي المدني. انظر: تهذيب التهذيب 11/ 340.
(6)
وأخرجه أبو داود، في: باب في التلقين في الحد، من كتاب الحدود. سنن أبي داود 2/ 447. والنسائي، في: باب تلقين السارق، من كتاب قطع السارق. المجتبى 8/ 60. وابن ماجه، في: باب تلقين السارق، من كتاب الحدود. سنن ابن ماجه 2/ 866. والدارمى، في: باب المعترف بالسرقة، من كتاب الحدود. سنن الدارمي 2/ 173. والإِمام أحمد في: المسند 5/ 293.
هُشَيْم، عن الحَكَم بنِ عُتَيْبَةَ، عن يَزِيدَ بن أبي كَبْشَةَ، عن أبي الدَّرْداءِ، أنَّه أُتِىَ بجاريةٍ سوداءَ سَرَقَتْ، فقال لها: أسَرَقْتِ؟ قُولِى: لا. قالَتْ (7): لا. فخَلَّى سَبِيلَهَا (8). ولا بأسَ أنْ يعرِضَ بعضُ (9) الحاضرين له الرُّجوعَ أو بأنْ لا يُقِرَّ. وروينا عن الأحْنَفِ، أنَّه كان جالسًا عندَ مُعاويةَ، فأُتِىَ بسارقٍ، فقال له معاويةُ: أسَرَقْتَ؟ فقال له بعضُ الشُّرطَةِ: اصْدُقِ الأميرَ. فقال الأحْنَفُ: الصِّدْقُ في كُلِّ المواطنِ مَعْجَزَةٌ. فعَرَّضَ له بتَرْكِ الإِقْرارِ. ورُوِىَ عن بعضِ السَّلَفِ، أنَّه قال (10): لا يُقْطَعُ ظَرِيفٌ. يعني به أنَّه إذا قامتْ عليه بَيِّنَةٌ، ادَّعَى شُبْهَةً تَدْفَعُ (11) عنه القَطْعَ. فلا يُقْطَعُ. ويُكْرَه لمن عَلِمَ حاله، أن يَحُثَّه على الإِقْرارِ؛ لما رُوِىَ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال لهَزَّالٍ، وقد كان قال لماعِزٍ: بادِرْ إلى رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم قبلَ أن ينْزِلَ فيك قرآنٌ: "أَلَا سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ! " روَاه سعيدٌ (12). ورَوَى بإسْناده أيضًا، عن سعيدِ بن المُسيَّبِ، قال: جاءَ ماعِزُ بنُ مالِكٍ إلى عمرَ بنِ الخَطَّابِ، فقال له: إنَّه أصابَ فاحِشَةً. فقال له: أَخْبَرْتَ بهذا أحدًا قَبْلِى؟ قال: لا. قال: فاسْتَتِرْ بسِتْرِ اللَّه، وتُبْ إلى اللهِ، فإنَّ النَّاسَ يُعَيِّرُونَ ولا يُغَيِّرُونَ، واللَّه يُغيِّرُ ولا يعَيِّرُ، فتُبْ إلى اللَّه، ولا تُخْبِرْ به أحدًا. فانْطَلقَ إلى أبي بكرٍ، فقال له مثلَ ما قالَ عمرُ، فلم تُقِرَّه (13) نفسُه، حتى أتَى رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فذكرَ له ذلك (14).
(7) في م: "فقالت".
(8)
أخرجه البيهقي، في: باب ما جاء في الإِقرار بالسرقة والرجوع عنه، من كتاب السرقة. السنن الكبرى 8/ 276. وعبد الرزاق، في: باب ستر المسلم، من كتاب اللقطة. المصنف 10/ 225. وابن أبي شيبة، في: باب في الرجل يؤتى به فيقال: أسرقت؟ . . .، من كتاب الحدود. المصنف 10/ 23.
(9)
سقط من: الأصل.
(10)
سقط من: م.
(11)
في الأصل: "فدفع".
(12)
أخرجه أبو داود، في: باب في الستر على أهل الحدود، من كتاب الحدود. سنن أبي داود 2/ 446. والإِمام مالك، في: باب ما جاء في الرجم، من كتاب الحدود. الموطأ 2/ 821. والإِمام أحمد في: المسند 5/ 217.
(13)
في الموطأ: "تقرره".
(14)
وأخرجه الإِمام مالك، في: باب ما جاء في الرجم، من كتاب الحدود. الموطأ 2/ 820. والبيهقي، في: باب من قال: لا يقام عليه الحد حتى يعترف. . .، من كتاب الحدود. السنن الكبرى 8/ 228. وعبد الرزاق، في: باب الرجم والإحصان، من كتاب الطلاق. المصنف 7/ 323.