الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1617 -
مسألة؛ قال: (وَإنْ تَصَادَمَ نَفْسَانِ يَمْشِيانِ، فَماتَا، فَعَلَى عَاقِلَةِ (1) كُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا دِيَةُ الْآخَرِ)
رُوِىَ هذا عن عليٍّ، رَضِىَ اللَّه عنه (2). والخلافُ ههُنا في الضَّمَانِ، كالخلافِ فيما إذا اصْطَدَمَ الفارِسانِ، إلَّا أنَّه لا تَقَاصَّ ههُنا في الضَّمانِ؛ لأنَّه على غَيْرِ مَن له الحَقُّ؛ لِكَوْنِ الضَّمَانِ على عَاقِلَةِ كُلِّ واحِدٍ منهما. وإنِ اتُّفِقَ أن يكونَ الضَّمَانُ على مَن له الحَقُّ، مثلَ أن تكونَ العاقِلَةُ هي الوارِثَةَ، أو يكونَ الضَّمَانُ على المُتصَادِمَيْنِ، تَقَاصَّا. ولا يجبُ القِصَاصُ، سواءٌ كان اصْطِدامُهما عَمْدًا أو خَطأً؛ لأنَّ الصَّدْمَةَ لا تَقْتُلْ غالِبًا، فالقَتْلُ الحاصِلُ بها مع العَمْدِ عَمْدُ الخَطَإِ. ولا فَرْقَ بينَ البَصِيرَيْنِ والأعْمَيَيْنِ، والبَصِيرِ والأَعْمَى، فإن كانتا امْرأتَيْن حامِلَتَيْن (3)، فهما كالرَّجُلين، فإن أسْقَطَتْ كلُّ واحِدَةٍ منهما جَنِينًا، فعلى كلِّ واحِدَةٍ نِصْفُ ضَمانِ جَنِينِها ونصفُ ضَمانِ جَنِينِ صاحِبَتِها؛ لأنَّهما اشْتركَتَا في قَتْلِه، وعلى كُلِّ، واحِدَةٍ منهما عِتْقُ ثلاثِ رِقَابٍ؛ واحِدَةٌ لقتلِ صاحِبَتِها، واثْنَتانِ لمُشاركَتِها في الْجَنِينِ. وإن أَسْقَطَتْ إحْداهما دونَ الأخْرَى، اشْتَرَكَتَا في ضَمانِه، وعلى كُلِّ واحِدَةٍ عِتْقُ رقَبتَيْن. وإن أَسْقَطَتَا معًا، ولم تَمُتِ المرأتانِ، ففى مالِ كلِّ واحِدَةٍ ضَمانُ نِصْفِ الجَنِينَيْن بغُرَّةٍ، إذا سَقَطَا مَيِّتَيْنِ، وعِتْقُ رَقَبَتَيْن. وإن اصْطَدَمَ راكبٌ وماشٍ، فهو كما لو كانا ماشِيَيْن. وإن اصْطَدَمَ راكبانِ فماتا، فهو كما لو كانا مَاشِيَيْن.
فصل:
وإن اصْطَدَمَ عَبْدانِ فماتا، هُدِرَتْ قِيمتُهما؛ لأنَّ قيمةَ كُلِّ واحِدٍ منهما تَعَلَّقَتْ برَقَبةِ الآخَرِ، فسَقَطَتْ بِتَلَفِه. وإن ماتَ أحدُهما، تَعَلَّقَتْ قيمتُه برَقبةِ الحَىِّ، فإن هَلَكَ قبلَ اسْتيفاءِ القيمةِ، سَقَطَتْ لفَواتِ مَحَلِّها. وإن تصادمَ حُرٌّ وعَبْدٌ، فماتا
(1) سقط من: الأصل، ب.
(2)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب المقتتلان. . .، من كتاب العقول. المصنف 10/ 54. وابن أبي شيبة، في: باب الرجل يصدم الرجل، من كتاب الديات. المصنف 9/ 332.
(3)
في الأصل: "حاملين".
تَعَلَّقَتْ دِيَةُ الحُرِّ برَقبةِ العبدِ، ثم انتقلَتْ إلى قِيمَتِه (4)، ووَجَبَتْ قِيمةُ العبدِ في تَرِكَةِ الحُرِّ فيتقَاصَّانِ، فإن كانتْ دِيَةُ الحُرِّ أكثرَ من قِيمةِ العبدِ، سَقَطَتِ الزِّيَادَةُ؛ لأنَّها لا مُتَعَلَّقَ لها، وأن كانتْ قِيمةٌ العبدِ أكثرَ، أَخَذَ الفضلَ من تَرِكَةِ الجَانِى، وفي مالِ الحُرِّ عِتْقُ رَقَبَةٍ، ولا شىءَ على العبدِ؛ لأنَّ تكفيرَه بالصَّوْمِ، فيفُوتُ بفَواِته. وإن ماتَ العبدُ وحدَه، فقِيمَتُه في ذِمَّةِ الحُرِّ؛ لأنَّ العَاقِلَةَ لا تَحْمِلُ العبدَ. وإن ماتَ الحُرُّ وَحْدَه، تَعَلَّقَتْ دِيَتُه برقبةِ العبدِ، وعليه صِيامُ شَهْرَيْن مُتَتَابِعَيْنِ. وإن ماتَ العبدُ قبلَ استيفاءِ الدِّيَةِ، سَقَطَتْ. وإن قتلَه أَجْنَبِىُّ، فعليه قِيمَتُه (5)، ويتحوَّلُ ما كان مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِه إلى قِيمَتِه؛ لأنَّها بَدَلُه، وقائِمَةٌ مَقَامَه، وتُسْتَوْفَى مِمَّنْ وَجَبَتْ عليه.
1618 -
مسألة؛ قال: (وَإِذَا وَقَعَتِ السَّفِيْنَةُ المُنْحَدِرَةُ عَلَى المُصَاعِدَةِ، فَغَرِقَتَا، فَعَلَى المُنْحَدِرَةِ قِيمَةُ السَّفِينةِ (1) المُصَاعِدَةِ، أَوْ أَرْشُ مَا نَقَصَتْ إنْ أُخْرِجَتْ، إلَّا أن يَكُونَ قَيِّمُ (2) المُنْحَدِرَةِ غَلَبَتْه الرِّيحُ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى ضَبْطِهَا)
وجملتُه أنَّ السَّفِينَتَيْن إذا اصْطَدمَتا، لم تخلُوَا (3) من حَالَيْن؛ أحدهما، أن تكونا مُتَساوِيَتَيْن، كاللَّتين في بحرٍ أو ماءٍ واقفٍ، أو كانت إحداهما مُنْحَدِرَةً والأُخْرَى مُصاعِدَةً، فَنَبْدَأُ بما إذا كانتْ إحداهما مُنْحَدِرَةً والأُخرَى مُصَاعِدَةً؛ لأنَّها مسألةُ الكتابِ، ولا يخْلُو (4) من حَالَيْن؛ أحدهما، أن يكونَ القَيِّمُ بها مُفَرِّطًا، بأن يكونَ قادِرًا على ضَبْطِها، أو رَدِّها عن الأُخْرَى، فلم يَفْعَلْ، أو أمكنَه أن يَعْدِلَها إلى ناحيةٍ أُخْرَى، فلم يَفْعَلْ، أو لم يُكْمِلْ آلَتها من الْحبالِ والرِّجالِ وغيرِهما، فعلى المُنْحَدِرِ ضَمانُ
(4) في ب، م:"قيمة العبد".
(5)
في ب، م:"قيمة".
(1)
في الأصل، ب:"سفينة".
(2)
سقط من: الأصل، ب.
(3)
في الأصل: "تخل".
(4)
في م: "يخلوا".