الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العِلْمِ في ذلك. وحديثُ أبى حنيفةَ الأوَّلُ، يَرْويه (24) الحجَّاجُ [بنُ أرطاةَ، وهو ضَعِيفٌ، والذِى يَرْوِيه عن الحجَّاجِ](25) ضَعِيفٌ أيضًا. والحديثُ الثاني لا دَلَالَةَ فيه على أنَّه لا يقْطَعُ بما دُونَه، فإنَّ مَن أوجبَ القَطْعَ بثلاثةِ دَرَاهِمَ، أوْجبَه بِعَشْرَةٍ، ويَدُلُّ (26) هذا الحديثُ على أنَّ العَرْضَ يُقَوَّمُ بالدَّراهِمِ، لأنَّ المِجَنَّ قُوِّم بها، ولأنَّ ما كان الذَّهَبُ فيه أصلًا، كان الوَرِقُ فيه أصلًا، كنُصُب الزَّكواتِ (27)، والدِّياتِ، وقِيَمِ المُتْلَفَاتِ. وقد رَوَى أنسٌ، أنَّ سارِقًا سَرَق مِجَنًّا ما يَسُرُّنى أنَّه لي (28) بثلاثَةِ دَرَاهِمَ، أو ما يُساوِى ثلاثةَ دراهم، فقَطَعَه أبو بكرٍ (29). وأُتِىَ عثمانُ برجلٍ قد سرقَ أُتْرُجَّةً، فأمرَ بها عثمانُ فأقِيمَتْ، فبلَغَتْ قِيمَتُها رُبْعَ دِينَارٍ، فأمَرَ به عثمانُ فقُطِعَ (30).
فصل:
وإذا سَرَقَ رُبْعَ دِينارٍ من المَضْروبِ الخالِصِ، ففيه القَطْعُ. وإن كان فيه
= البخاري 8/ 200. ومسلم، في: باب حد السرقة ونصابها، من كتاب الحدود. صحيح مسلم 1313، 1314.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في ما يقطع فيه السارق، من كتاب الحدود سنن أبي داود 2/ 448. والترمذي، في: باب ما جاء في كم تقطع يد السارق، من أبواب السرقة. عارضة الأحوذى 6/ 225. والنسائي، في: باب القدر الذي إذا سرق السارق. . .، من كتاب قطع السارق. المجتبى 8/ 69، 70. وابن ماجه، في: باب حد السارق، من كتاب الحدود 2/ 862. والدارمى، في: باب ما يقطع فيه اليد، من كتاب الحدود. سنن الدارمي 2/ 173. والإِمام مالك، في: باب ما يجب فيه القطع، من كتاب الحدود. الموطأ 2/ 831. والإِمام أحمد في: المسند 2/ 6، 54، 64، 80، 82، 143.
(24)
في ب: "روى عن".
(25)
سقط من: ب. نقل نظر.
(26)
سقطت الواو من: م.
(27)
في م: "الزكاة".
(28)
سقط من: ب.
(29)
أخرجه البيهقي، في: باب ما جاء عن الصحابة رضى اللَّه عنهم فيما يجب به القطع، من كتاب السرقة. السنن الكبرى 8/ 259. وعبد الرزاق، في: باب في كم تقطع يد السارق، من كتاب اللقطة. المصنف 10/ 236. وابن أبى شيبة، في: باب في السارق من قال: يقطع في أقل. . .، من كتاب الحدود. المصنف 9/ 470.
(30)
أخرجه الإِمام مالك، في: باب ما يجب فيه القطع، من كتاب الحدود. الموطأ 2/ 832. والبيهقي، في: باب ما جاء عن الصحابة رضى اللَّه عنهم فيما يجب به القطع، وباب القطع في الطعام الرطب، من كتاب السرقة. السنن الكبرى 8/ 260، 262. وابن أبي شيبة، في: باب في السارق من قال: يقطع في أقل من عشرة دراهم. المصنف 9/ 472، 473.
غِشٌّ أو تِبْرٌ يحتاجُ إلى تَصْفِيَةٍ، لم يجبِ القطعُ حتى يبلُغَ ما فيه من الذهبِ رُبْعَ دِينَارٍ؛ لأنَّ السَّبْكَ يَنْقُصُه. وإن سَرَقَ رُبْعَ دِينارٍ قُرَاضَةً، أو تِبْرًا خالِصًا، أو حَلْيًا، ففيه القَطْعُ. نَصَّ عليه أَحْمَدُ، في روايةِ الجُوزَجَانِىِّ، قال: قلتُ له: كيفَ يسْرِقُ رُبْعَ دِينارٍ؟ فقال: قِطْعَةَ ذَهَبٍ، أو خاتَمًا، أو حَلْيًا. وهذا قولُ أكثرِ أصحابِ الشَّافِعِىِّ. وذكرَ القاضِى في وُجوبِ القطعِ احْتمالَيْن؛ أحدُهما لا قَطْعَ عليه. وهو قولُ بعضِ أصحابِ الشافعي؛ لأن الدِّينارَ اسمٌ للمَضْرُوبِ. ولَنا، أنَّ ذلك رُبْعُ دِينَارٍ؛ لأنَّه يُقالُ: دِينارٌ قُراضَةٌ، ومُكَسَّرٌ (31)، أو دِينارٌ (32) خِلاصٌ (33). ولأنَّه لا يُمْكِنُه سَرِقَةُ رُبْعِ دِينَارٍ مُفْرَدٍ في الغالِبِ إلَّا مَكْسُورًا. وقد أُوجِبَ عليه القطعُ بذلك، ولأنَّه حَقُّ اللَّه تعالى تعلَّقَ بالمَضْرُوبِ، فتعلَّقَ بما ليس بمَضْروبٍ، كالزَّكاةِ، والخلافُ فيما إذا سَرَقَ من المَكْسُورِ والتِّبرِ ما لا يساوِى رُبْعَ دِينارٍ صحيحٍ، فإن بلغَ ذلك ففيه القَطْعُ. والدِّينارُ هو المِثقَالُ من مَثاقيلِ النَّاسِ اليومَ، وهو الَّذى كُلُّ سبعةٍ منها عشرةُ دَرَاهِمَ، وهو الذي كان على عهدِ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقبلَه ولم يتغَيَّرْ، وإنَّما كانتِ الدَّرَاهِمُ مُخْتلِفَةً، فَجُمِعَتْ وجُعِلَتْ كُلُّ عَشرَةٍ منها سَبْعَةَ مَثاقِيلَ، فهى التي يتعلَّق القَطْعُ بثلاثة منها، إذا كانتْ خالِصَةً، مَضْروبَةً كانتْ أو غيرَ مَضْروبَةٍ، على ما ذكرْنَاه في الذَّهَبِ. وعندَ أبى حنيفة أنَّ النِّصَابَ إنَّما يتعلَّقُ بالمَضْروبِ منها، وقد ذَكَرَ ما دَلَّ عليه، ويَحْتَمِلُ ما قالَه في الدَّرَاهِمِ؛ لأنَّ إطْلاقَها يتناولُ الصِّحَاحَ المَضْروبةَ، بخلافِ رُبْعِ الدِّينَارِ، على أنَّنا قد ذكرْنا فيها احتمالًا مُتقدِّمًا، فههُنا أوْلَى. وما قُوِّمَ من غيرِهما بهما، فلا قَطْعَ فيه حتى يَبْلُغَ ثلاثَةَ دَرَاهِمَ صِحَاحًا؛ لأنَّ إطْلاقَها ينْصَرِفُ إلى المَضْروبِ دونَ المُكَسَّرِ. الشَّرْط الثالث، أن يكونَ المسْروقُ مالًا، فإن سَرَقَ ما ليس بمالٍ، كالحُرِّ، فلا قَطْعَ فيه، صغيرًا كان أو كبيرًا. وبهذا قال الثَّوْرىُّ (34)، والشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ (35)، وأصْحَابُ الرَّأْىِ، وابنُ
(31) سقط من: الأصل. وفى ب: "وكسيرا".
(32)
في الأصل: "ودينار".
(33)
في م: "خالص". والخلاص: ما أخلصته النار من الذهب والفضة.
(34)
جاء في م مكان: "أبو ثور".
(35)
سقط من: م. وجاء مكانه: "والثوري".