الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذا لم يتَخَلَّلْ بينَ الضَّرْبةِ والإِسْقاطِ مُدّةٌ تُزِيلُ ظَنَّ سُقُوطِه بها، فيُعْلَمُ حينئذٍ أنَّها كانتْ بعدَ وُجُودِ الحياةِ فيه، وأمَّا إن ألْقَتِ الْيدَ، وزال الألَمُ، ثم ألْقَتِ الجَنِينَ، ضَمِنَ الْيَدَ وحدَها، بمنزلةِ مَنْ قَطَعَ يَدًا فانْدَمَلَتْ، ثم مات صاحِبُها، ثم نَنْظُرُ؛ فإن ألْقَتْه مَيِّتًا، أو حَيًّا (21) لوقتٍ لا يعيشُ لمِثْلِه (22)، ففى الْيَدِ نِصْفُ غُرَّةٍ؛ لأنَّ في جَمِيعه غُرّةً، ففى يَدِه نِصْفُ دِيَتِه، وإن ألْقَتْه حيًّا لوقتٍ يعيشُ لمِثْلِه (22)، ثم ماتَ، أو عاشَ، وكان بين إلْقاءِ اليَدِ وبين إلْقائِه مُدّةٌ يَحْتَمِلُ أن تكونَ الحياةُ لم تُخْلَقْ [فيه قبلَها](23)، أُرِىَ القَوَابِلَ ههُنا، فإن قُلْنَ: إنَّها يَدُ مَنْ لم تُخْلَقْ فيه (24) الحياةُ. وجَبَ نصفُ غُرَّةٍ، وإن قُلْنَ (25): إنَّها يَدُ مَنْ خُلِقَتْ فيه الحياةُ، ومَضَى له سِتَّةُ أشْهُرٍ. ففيه نِصْفُ الدِّيَةِ، وإن قُلْنَ (26): إنَّها يَدُ مَنْ خُلِقَتْ فيه (21) الحياةُ، ولم تَمْضِ له سِتَّةُ أشْهُرٍ. وجَبَ فيه نِصْفُ غُرَّةٍ؛ لأنَّها يَدُ مَنْ لا يَجِبُ فيه أكثرُ من غُرَّةٍ، فأشْبَهتْ يَدَ مَنْ لم يُنْفَخْ فيه رُوحٌ، وإن أشْكَلَ الأمْرُ عليهِنَّ، وجَبَ نِصْفُ الغُرَّةِ؛ لأنَّه اليَقِينُ، وما زاد مَشْكُوكٌ فيه، فلا يَجِبُ بالشَّكِّ.
1478 - مسألة؛ قال: (وعَلَى كُلِّ مَنْ ضَرَبَ مِمَّنْ ذَكَرْتُ، عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، سَوَاءٌ كَانَ الْجَنِينُ حَيًّا أوْ مَيِّتًا)
هذا قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ، منهم؛ الحسنُ، وعَطاءٌ، والزُّهْرِىُّ، والحَكَمُ، ومالكٌ، والشافعيُّ، وإسْحاقُ. قال ابنُ المُنْذِرِ: كلُّ مَنْ نَحْفَظُ عنه من أهلِ العلمِ
(21) سقط من: ب، م.
(22)
في ب، م:"مثله".
(23)
في م: "فيها".
(24)
في ب، م:"فيها".
(25)
في الأصل: "قيل".
(26)
في ب، م:"قيل".
يُوجِبُ (1) على ضارِبِ بَطْنِ المرأةِ تُلْقِى جَنِينًا الرَّقَبةَ مع الغُرَّةِ. ورُوِىَ ذلك عن عمرَ، رَضِىَ اللهُ عنه. وقال أبو حنيفةَ: لا تَجِبُ الكفَّارةُ؛ لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم لم يُوجِبِ الكَفَّارةَ حين أوْجَبَ الغُرَّةَ (2). ولَنا، قولُ اللهِ تعالى:{وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} (3). وقال: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} (3). وهذا الْجَنِينُ، إن كان من مُؤْمِنَيْنِ، أو أحَدُ أبَوَيْه مُؤْمنًا (4)، فهو مَحْكُومٌ بإيمانِه تَبَعًا، يَرِثُه ورَثَتُه المؤمنونَ، ولا يَرِثُ الكافِرُ منه شيئًا، وإن كان من أهلِ الذِّمَّةِ، فهو من قومٍ بيننا وبينَهم مِيثاقٌ، ولأنَّه نَفْسٌ مَضْمُونٌ بالدِّيَةِ، فوَجَبَتْ (5) فيه الرَّقبةُ كالكبيرِ، وتَرْكُ ذِكْرِ الكَفَّارةِ لا يَمْنَعُ وُجُوبَها، كقولِه عليه السلام:"في النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ"(6). وذَكَرَ الدِّيَةَ في مَواضِعَ، ولم يَذْكُرِ الكَفَّارةَ، ولأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بدِيَةِ المَقْتُولةِ على عاقلةِ القاتلةِ (7)، ولم يَذْكُرْ كَفّارَةً، وهى واجِبَةٌ، كذا ههُنا، وإنَّما كان كذلك؛ لأنَّ الآيةَ أغْنَتْ عن ذِكْرِ الكَفَّارةِ في مَوْضِعٍ آخَرَ، فاكْتُفِىَ بها. وإن أَلْقَتِ المَضْرُوبَةُ أَجِنَّةً (8)، ففى كلِّ جَنِينٍ كَفَّارةٌ، كما أنَّ في كلِّ جَنِينٍ غُرَّةً أو دِيَةً. وإن اشْتَركَ جماعةٌ في ضَرْبِ امْرأةٍ، فألْقَتْ جَنِينًا، فَدِيَتُه أو الغُرَّةُ عليهم بالحِصَصِ، وعلى كلِّ واحدٍ منهم كَفَّارةٌ، كما إذا قَتَلَ جماعةٌ رَجُلًا واحِدًا. وإن ألْقَتْ أجِنَّةً، فدِيَاتُهم عليهم بالحِصَصِ، وعلى كلِّ واحدٍ في كلِّ جَنِينٍ كَفَّارةٌ، فلو ضَرَبَ ثَلَاثةٌ بَطْنَ امرأةٍ، فألْقَتْ ثلاثةَ أجِنَّةٍ، فعليهم تِسْعُ كَفَّاراتٍ، على كلِّ واحدٍ ثلاثةٌ.
(1) في ب، م:"أوجب".
(2)
انظر: ما تقدم في: 11/ 463.
(3)
سورة النساء 92.
(4)
سقط من: ب، م.
(5)
في ب: "فوجب".
(6)
تقدم تخريجه، في صفحة 5.
(7)
تقدم تخريجه، في: 11/ 463.
(8)
في ب: "بأجنة".